أكد الرئيس أمين الجميّل في حوار مع «عكاظ»، أن المملكة عملت وما زالت تعمل ضمن مبدأ الأخوة والتضامن من أجل وحدة العالم العربي، مشيدا بالمكرمة الجديدة التي قدمها خادم الحرمين الشريفين إلى مؤسسة الجيش اللبناني، معتبرا إياها وقفة قائد عربي بوجه الإرهاب، وهي نابعة من ثقافة المملكة وسياستها من أجل وحدة واستقرار المجتمعات العربية. فإلى التفاصيل:
• كيف تقرأ مكرمة المملكة الثانية والتي بلغت مليار دولار أمريكي إلى مؤسسة الجيش اللبناني؟
لم نفاجأ أبدا بهذه المبادرة، طالما أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان دائما إلى جانب لبنان، متتبعا بدقة وحريصا على أمورنا، يشعر بالشعب اللبناني كلما واجه محنة، وهذا الشعور نابع من تقاليد العائلة المالكة الكريمة، لذلك نحن نقدر عاليا ونثمن ما قام به خادم الحرمين وما زال يقوم به من أجل لبنان. ولا شك أن هذه المكرمة الجديدة التي تصب لمصلحة مؤسسة الجيش اللبناني أتت في وقتها المناسب ومن شأنها أن تعزز قدرات الجيش وتمكنه من صد أو وضع حد لهذه الحركات المتطرفة التي تسعى إلى تهديد ليس فقط أمن واستقرار لبنان إنما أيضا هناك خوف من أن تنتشر إلى بقعة أخرى من بقاع العالم العربي، لذلك على الجميع أن يتعاونوا وأن تتضافر كافة الجهود من أجل مواجهتها.
• باعتقادكم، ماذا تريد المملكة من لبنان، كذلك ماذا يريد لبنان من المملكة؟
المملكة لم يكن لها أي هدف ولا مطالب ولا مصلحة لا في لبنان ولا في غيره من دول العالم العربي، وكانت تسعى دائما إلى تحقيق سلامة أراضي لبنان ووحدة شعبه وصفوفه، ومساعدته على تخطي محنه، وما أقوله ليس كلاما وحسب بل هذه المواقف الكريمة من المملكة كانت مقرونة بالأفعال وترجمتها كل المبادرات وسبل الدعم التي حصل عليها لبنان وكانت دائما من دون مقابل ولكل اللبنانيين.
فالمملكة العربية السعودية تعمل بمبدأ الأخوة والتضامن ووحدة العرب ومصير الشعوب العربية في العيش بسلام وأمان. أما ما يريده لبنان من المملكة، فليس سوى ترسيخ وتقوية العلاقات.
• كيف يمكن الانتصار في الحرب على الإرهاب، خاصة أن هناك هجمة إرهابية على العالم العربي؟
هذه مهمة العالم العربي بأكمله، هي مهمة شاملة تقع على عاتق الجميع لأن الخطر لم يعد يهدد لبنان فقط أو دولة عربية واحدة، بل بات خطرا يهدد الدول العربية كافة وشعوبها وأمنها واستقرارها.
ولكن دعم المملكة اليوم لمؤسسة الجيش اللبناني، ويعني طبعا دعم كل لبنان، هو من أجل أن ينتصر، وهذا الانتصار سيكون تحقيقه خطوة أولى باتجاه انتصار كل الدول العربية على الإرهاب، وحماية مجتمعاتها وشعوبها وبنيانها وكيانها. كذلك فإن هذا الانتصار على المدى المتوسط يقتضي أن تتضافر كل الجهود على المستوى الفكري والتربوي والإعلامي، من أجل تنشئة الشباب العربي وتربيته على ثقافة السلام والبناء وليس ثقافة الحقد والدمار التي يصدرها لنا المتربصون بعالمنا العربي. وهذه الثقافة والتنشئة تتطلب جهودا عربية كبيرة من قبل كل القادة العرب، لأن حدود الشرق الأوسط باتت ترزح تحت وطأة هذا الخطر الذي تقوده الحركات التكفيرية والدموية التي تتناقض مع الثقافة العربية والثقافة الإسلامية. فلا يوجد دين على الأرض يتبنى الدماء والقتل.
إن ما نواجهه اليوم خطير جدا ويقتضي أن نتصدى كلنا لهذه الآفة من العمق وفي جوهرها، وذلك في أن تنصب كل جهودنا كحريصين وغيارى على مستقبلنا العربي، على إعادة الضالين إلى ثقافتنا وأرضنا.
• أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تحذيرا مؤخرا، كيف قرأتم هذا التحذير وما هي دلالته؟
أقولها صراحة، إن هذا الخطاب أو التحذير جاء بوقته المناسب، وأنا أرى أن الملك كان يدق ناقوس الخطر ليس للعالم العربي وحسب وإنما للعالم المعاصر، فقد كثرت في الآونة الأخيرة الدعوات المتطرفة التي تتناقض مع مبادئ الإنسانية الصحيحة وتشوهها، لذلك فإن نداء الملك عبدالله أو تحذيره أتى في وقته المناسب. وهذه ليست المرة الأولى التي يخرج فيها الملك عن صمته ليقول كلمة حق بوجه الإرهاب وبوجه المغرضين والمتربصين بأمتنا، فدعوات الملك وخطاباته السابقة هي مجموعة من المبادرات التي تصب في مصلحة وحدة العالم العربي وتوضيح صورة العرب الحقيقية أمام العالم. وزيارة الملك عبدالله إلى الفاتيكان في وقت لاحق والتي توجت بإقامة مركز حوار الحضارات في فيينا، هي خير دليل وإثبات قاطع على سياسة المملكة الخارجية الواضحة تجاه شعوب العالم كافة، وبالتالي تدعو إلى نبذ التطرف، وإلى الوحدة والانفتاح، وكل ذلك من أجل مصلحة الإنسان العربي، ومصلحة هذا الإنسان تصب بدورها في مصلحة وطنه ومجتمعه.
لذلك فإن العمل الجديد اليوم المطلوب من كل القادة العرب، هو العودة إلى رؤية خادم الحرمين الشريفين والعمل على نشر ثقافة السلام ومبادئه ونشر الوئام بين أبناء العالم العربي.
• هل أنت قلق مما يجري في لبنان؟
نعم صراحة أشعر بهذا القلق الذي يشعر به كل حريص على لبنان وكل حريص على هذا العالم العربي الذي ننتمي كلنا إليه، فالتحديات التي نواجهها خطيرة جدا، وهذا القلق لا يبدده سوى وقفة عربية كالتي وقفها ويقفها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي يهب دائما إلى نجدة أشقائه العرب، فوقوفه إلى جانبنا لا يمكن أن نصنفه ماديا وحسب، فالمملكة وقفت إلى جانبنا معنوياً عندما حرصت وما زالت على وحدة نسيج المجتمع اللبناني.