أعظم من يونان
رأينا عظمة وسموّ ربنا يسوع المسيح على كل الملوك،
عندما تأملنا فى بعض أوجه الشبه بينه وبين الملك سليمان الذى تعاظم على كل ملوك الأرض.
والآن سنتأمل فى أحد الأنبياء المشهورين وقصته العجيبة وهو النبى يونان.
وهنا يكفى الإشارة لكلمات ربنا يسوع المسيح
«وهوذا أعظم من يونان ههنا» (متى12: 41).
إنه بحق أعظم من كل الأنبياء.
لنقف قليلاً عند كل المفارقات والمشابهات بين يونان والرب يسوع:
يونان العبد:
قيل عن يونان إنه عبد الرب (2ملوك14: 25) والطبيعي
أن العبد يطيع سيده ويخضع له، لكن يونان لم يفعل ذلك
بل عاند وهرب من وجه الرب ولم يخضع إلا بعد تدريب مرير فى جوف الحوت.
أما عن المطيع الكامل، ربنا يسوع، فقد كان - له المجد -
له طاعة فريدة فقد «أخلى نفسه آخذًا صورة العبد… أطاع حتى الموت
موت الصليب» ( فيلبي2: 7،8).
وعندما أتت ساعة الصليب قال لتلاميذه
«ولكن ليفهم العالم إنى أحب الآب، وكما أوصانى الآب هكذا أفعل قوموا
(لا لنهرب كما فعل يونان) ننطلق من ههنا» (يوحنا14: 31).
قيل عنه بالنبوة «هوذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سُرَّت
به نفسي» (إشعياء42: 1).
يونان نبي الأمم:
كان يونان هو النبي الذي حَمَل أول إرساليه للأمم.
ولكنه رفض مجرّد فكرة الذهاب لهم لأنه كيهودي
كان يكرههم وينظر إليهم على أنهم كلاب ليس لهم أن يشاركوا اليهود في امتيازاتهم.
أما المسيح فجاء لا لخاصته فقط بل لكل العالم فهو الذي أعلن أنه
«هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك
كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يوحنا3: 16).
يونان الُمرسَل :
في البداية رفض الذهاب ثم قَََبِل وهو مرغَم ومتكدِّر.
فدخل المدينة مسيرة يوم واحد وأعلن عن انقلاب نينوى
ولم يعلن لهم عن طريق النجاة أو الخلاص.
أما الرب يسوع فقد قََبِل الإرساليةََ بكل سرور رغم علمه
بكل ما سيأتي عليه إذ قال
«طعامى أن أعمل مشيئة الذى أرسلني وأتمِّم عمله» (يوحنا4: 34).
يونان وأحشاؤه :
عندما آمن أهل نينوى وصرخوا إلى الله ورجعوا
عن طرقهم الردية فلم يصنع بهم الشر الذى يستحقونه؛
هذا الامر لم يفرح به يونان بل اغتاظ وكان فى غمٍّ شديد!
أما عن الرب يسوع فقد قال إنه
«يكون فرح في السماء بخاطىء واحد يتوب» (لوقا15: 7).
وعندما رفضتة مدينة أورشليم نظر إليها وبكى عليها.
إنه لا يٌسر بموت الشرير، بل هو يريد أن جميع الناس يخلصون.
يونان المتألم:
ألم يونان نتيجة عناده وعدم طاعته.
أما عندما نقرأ الأصحاح الثانى من سفره نجد أن كلماته لا تنطبق
بالتمام إلا على شخص شخص ربنا يسوع
الذي تألم لا لسبب خطإ فيه أو فعَلَه، حاشاه، بل تألم من الناس
بسبب بره وكماله، وتألم من الله بعلى الصليب بسبب خطايانا
«والرب وضع عليه إثم جميعنا» (إشعياء53: 6).
ذاك الذي جازت فوقه كل تيارات ولجج غضب الله،
وهناك تُرك وحيدًا فصرخ «الهى الهى لماذا تركتنى» (متى 27: 46).
يونان والموت والقيامة:
ظل يونان فى بطن الحوت ثلاثة أيام، وكان في ذلك رمزًا
لدفن الرب يسوع ثلاثة أيام وثلاثة ليالٍ.
وكما أعد الله الحوت ليونان ليكون بمثابة قبر
لم يدخله أحد قبله؛ هكذا أُعد أيضًا ورتب منذ القديم أن يكون للمسيح
قبره الذي لم يُدفَن فيه أحد.
وكما كرز يونان بعد خروجه من بطن الحوت
هكذا أرسل المسيح تلاميذة بعد قيامته
«اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها» (مرقس15: 16).
يونان وكرازته:
كرز يونان يالدينونة القادمة.
أما المسيح فجأ ليكرز بسنة الرب المقبولة ( لوقا4: 19).
كانت نتيجة كرازة يونان هي خلاص مدينة نينوى؛
لكن من يحصي عدد المؤمنين والمخلَّصين نتيجة لعمل المسيح على الصليب.
إن البداية كانت ثلاثة آلاف نفس فى يوم الخمسين
وعلى مدار ألفي عام والرب يعمل، والكرازة بالانجيل
فى كل أنحاء العالم والملايين تأتي للمسيح.
هذا هو الانسان؛
رأيناه بالأمس في سليمان واليوم في يونان.
وأمـــا الذي يأتي من فوق فهو فوق الجميع.