بسبب تواضعها الكبير لم تكن تشعر أبداً أنها أحرزت أموراً عظيمة في حياتها،
استطاعت أن تكرر مع بولس الإلهي: "صُلب العالم لي وأنا صُلبت للعالم" .
كانت تعتبر نفسها الأخيرة في الأخوية. انتصرت على أناها وعلى محبة الذات،
لذلك كانت تقبل بشكرٍ توبيخات وإهانات الآخرين، ليس فقط من الأخوات
الأعلى منها لكن أيضاً من الأصغر.
ميزت الأم آنا فضيلتها العظيمة باكراً، فكانت تتصرف معها دوماً، بقسوة غير معتادة،
وباستمرار، لأسباب وحجج تافهة كلياً، بالإضافة
إلى الملاحظات التي كانت توجهها لها أمام جميع الأخوات.
هذه التصرفات كانت عبارة عن دروس لبقية الأخوات في التواضع والصبر.
كذلك أيضاً الأخت افروسيني الصارمة، كانت هي الأخرى تشاجرها باستمرار
رغم أنها كانت ممنونة منها ومن سلوكها.
أما المسكينة إيريني، على الرغم من أنها بذلت محاولات كثيرة إلا أنها كانت يائسة،
إذ لم تنجح أبداً في إرضائها.
كانت افروسيني تبدو مستاءةً منها وتجد آلاف المرات حججاً للتوبيخ.
بينما إيريني لم تكن تتشكى من تصرفات الأخت القاسية معها، بل على العكس،
طبعاً، كانت تجد دوماً فرصاً لتقابل القساوة بأنواع من الخدم الشخصية الشتّى
التي كانت تقدمها بأكثر الطرق حلاوة وفرحاً.
عندما وقعت هذه الأخت فجأة مريضة من البرد ووصلت حالتها للخطر،
كانت إيريني هي الأولى التي أسرعت للاعتناء بها،
وقد قامت بذلك بهمةٍ لا يتخيّلها أحدٌ وبعطف.
بهذه الطريقة كانت تتدرب على فضيلة المحبة العظيمة
التي جعلت نفسها عرشاً يرتاح فيه إله المحبة.
من كتاب "البارة إيريني- من خريسوفالندو"