الانتصار على الموت
بقلم سالم متي
هو نهاية حياة للإنسان والحيوان والنبات وكل شئ فيه حياة ,
والموت بالنسبة للحيوان هو انتهاء حياته على هذه الارض ,
وبالنسبة للنبات هو الذبول والتيبس وبعدها الحرق ,
أما بالنسبة للإنسان فيسميه بولس الرسول عدو ( وآخر عدو يبطل هو الموت , ) 1كو 15: 26 ) والموت هو رحيل الإنسان عن هذا العالم ولكن إلى أين .؟ هناك طريقان لا ثالث لهما , أما إلى الجحيم للعذاب الأبدي والنار الأبدية , وإما إلى النعيم والحياة الأبدية مع الرب يسوع المسيح في السماء , والموت هو حالة لابد منها ولكن لدى المؤمنين لا يوجد موت بل يسمى رقاد , يقول بولس الرسول ( ومتى لبس هذا الفاسد عدم فساد وهذا المائت عدم موت , فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة " ابتلع الموت إلى غلبة , ) 1كو 15: 54 ) لذا فعند رحيل المؤمن سوف يفتح عينه ويرى نفسه ويرى نفسه انه قد انتقل إلى السماء مع الرب يسوع والملائكة والقديسين , وعند ذلك يقول
( أين شوكتك يا موت .؟ وأين غلبتك يا هاوية , ) 1كو 15 : 55 ) وإذا أردنا أن نعرف ما هي شوكت الموت يقول بولس الرسول ( أما شوكت الموت فهي الخطيئة, وقوة الخطيئة هي الناموس ) 1كو 15: 56 ,) ولكن الرسول لم يتركنا حيارى بل كمل وقال ( ولكن شكرا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح , ) 1كو 15 : 57 ) لذلك يوصينا الرسول بولس
بقوله ( إذا يا إخوتي الأحباء كونوا راسخين , غير متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين , عالمين أن تعبكم ليس باطلا في الرب , ) 1كو 15 : 58 ) لذا نؤمن بان الرب يسوع قد غلب الموت بقيامته البكر , وعلمنا الطريق للوصول الى الحياة الأبدية , ولهذا نؤمن أيضا بان الموت هو رقاد وانتقال للسماء للحياة الأبدية , وإذا أردنا أن ننتصر على الموت يجب علينا أن نتعرف عليه ونعريه لكي نقدر أن نغلبه كما غلبه الرب يسوع , وهناك آية في حبقوق ( 3 : 13) تقول : -
( خرجت لخلاص شعبك , لخلاص مسيحك , سحقت رأس بيت الشرير معريا الأساس حتى العنق , )
تعلمنا هذه الآية إن الذي يريد أن يسحق الشئ ويتخلص منه وينتصر عليه , يجب أن يتعرف عليه ويكتشفه من الأساس
حتى العنق لكي يرى نقاط ضعفه ليقدر أن يقاومه وينتصر عليه , وفي موضوعنا هذا وكما قلنا آنفا أن هناك طريقان لما بعد الموت , وهذان الطريقان متعاكسان ومتضادان ولا يلتقيان أبدا , وهو طريق الخير وطريق الشر , الايمان من عدمه , وكل طريق له رائحة خاصة به , ويقول بولس الرسول بهذا الخصوص :
( لهؤلاء رائحة موت لموت , وأولئك رائحة حياة لحياة , ومن هو كفؤ لهذه الأمور , ) 2كو 2 : 16 ) ويفسر الرسول كلامه ويعلن من هم هؤلاء بقوله :
( لأننا لسنا كالكثيرين غاشين كلمة الله لكن كما من إخلاص , بل كما من الله نتكلم أمام الله في المسيح ,) 2كو2 : 17 )عرفنا من الآية (1كو15: 56 و 57 ) بان شوكت الموت هي الخطيئة التي عرفنا عليها الناموس بقوتها وهو الموت لكل من يعمل الخطيئة , ولكن كما قال بولس ( شكرا لله الذي يعطينا الغلبة بالرب يسوع المسيح ) وهنا يأتي الإيمان بعمل الرب يسوع الذي قام به من الفداء الذي قدمه من اجل خطيئة العالم البشرية , وبرر الجميع والذي يؤمن يخلص وأما الذي يبقى تحت الناموس ويؤمن بان الأعمال هي التي تبرر الفاجر وليس المسيح , فمعنى هذا أن فداء الرب يسوع ليس له وسينال عقوبته في أبدية النار , يقول بولس الرسول في ( كولوسي 1 : 21- 23 )
( وانتم الذين كنتم قبلا أجنبيين وأعداء في الفكر , في الأعمال الشريرة , قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت , ليحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه , إن ثبتم على " الإيمان" متاسسين وراسخين وغير منتقلين عن رجاء الإنجيل، ) من هذا نعلم أن الابتعاد عن الموت والانتصار عليه هو بالإيمان وليس بالأعمال , كما قال بولس الرسول
( ليس من أعمال كي لا يفتخر احد ) وليس معنى هذا انه فقط نؤمن ونبقى في الخطية , لان الذي يبقى في الخطية ليس بمؤمن بل يضحك على نفسه وعلى الله , يقول الرسول يوحنا ( نعلم ان كل من ولد من الله " لا يخطئ " , بل المولود من الله يحفظ نفسه من الشرير , ) 1 يو 5 : 18 ) وبهذا القصد كلمنا الرسول وقال :
( الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة , لا بمقتضى أعمالنا , بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية , وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح , الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل , ) 2 تيم 1 : 9 و 10 ) وأيضا يقول الرسول يعقوب شارحا عن الخطية بكلامه : -
( ثم إن الشهوة إذا حبلت تلد خطية , والخطية إذا كملت تنتج موتا , ) يع 1 : 15 ) اذا الموت هو بسبب الخطية , والخلاص من الخطية هو بما ذكره التلميذ الذي أحبه يسوع عندما قال في رسالته :-
( نحن نعلم إننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة , لأننا نحب الإخوة من لا يحب أخاه يبقى في الموت ,) 1يو3 : 14 )
وهذا ما يعلمنا كيف ننتقل من الموت الى الحياة وذلك بالمحبة الصادقة , لان المحبة تشمل كل الوصايا التي ذكرت في الكتاب المقدس , وكل التعاليم اذ من غير المحبة لا تقدر من واحدة من مناهي الرب , ويسترسل الرسول لتعليمنا أكثر عن الموت والفداء ويشرح لنا كيف يكون هذا فيقول في الرسالة الى العبرانيين : -
(فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضا كذلك فيها , لكي يبيد بالموت ذلك الذي له سلطان الموت , أي إبليس , ويعتق أولئك الذين خوفا من الموت , كانوا جميعا كل حياتهم تحت العبودية , ) عب 2 : 14 و 15 ) نعم بما أن الرب يسوع المسيح قد تشارك معنا في جسد الإنسان ( اللحم والدم ) , فيحق له أن يصلب هذا الجسد فداءا البشرية الذي تشارك معها في الجسد , وبما انه اله أزلي لذا يكون فدائه أزلي وللجميع , وبما انه كان في الجسد كانسان كامل , لذا تألم بالآم شديدة وأطاع الأب حتى الموت ليعلمنا أن الآلام تنتج حياة , لذا يقول بولس الرسول :
( الذي في أيام جسده , إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت , وسمع له من اجل تقواه , مع كونه ابنا تعلم الطاعة مما تألم به , وإذ كمل صار لجميع الذين يطيعونه , سبب خلاص ابدي , )عب 5: 7- 9 )
كثيرون منا كنا نفكر بان الرب يسوع المسيح كان يطلب من الله أن يبعد شبح الموت عنه وكنا نفكر بأنه كان ضعيفا جدا وهو الإله القادر , فكيف لا يقدر أن يبعد شبح الموت عنه , ولكن إذا أمعنا النظر في كلمات الآية جيدا نرى أن الصراخ والطلب والدموع , لم يكونون من اجل أن يبعد شبح الموت عنه , ولكن كان الطلب أن يخلصه من الموت أي أن لا يمسك به وبالتالي أن لا يمسك بنا أيضا , لان انتصاره هو انتصارنا وقيامته هي قيامتنا من ركودنا وخطايانا كي نسحق بموته كل خطايانا وأخيرا نكون قد سحقنا الموت وانتصرنا عليه , وهناك شاهد على انتصار الرب يسوع المسيح على الموت لنقراه ,
( والحي وكنت ميتا , وها أنا حي إلى ابد الآبدين آمين , ولي مفاتيح الهاوية والموت , ) رؤ 1 : 18 )
وهذا اكبر شاهد على انتصارنا على الموت لذا يقول لك الرب يسوع :-
( لا تخف البتة مما أنت عتيد أن تتألم به , هوذا إبليس مزمع أن يلقي بعضا منكم في السجن لكي تجربوا ,--- كن أمينا إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة , من له أذنان للسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس , من يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني ,) رؤ 2 : 10 ) ما أعظم هذا الشاهد والتحذير من الرب يسوع نفسه ,وهنا نرى أن هذا الشاهد يعطي للذي يغلب عدم الموت كما أن هناك عطايا كثيرة للذي يغلب سوف اسرد قسما منها مع آياتها : -
1 - ( من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة ) رؤ 2 : 7 )
2 - ( كن أمينا إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة ) ( من يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني ) رؤ 2 : 10 و 11 )
3 – ( من يغلب فسأعطيه أن يأكل من المن المخفي وأعطيه حصاة بيضاء , وعلى الحصاة اسم جديد مكتوب لا يعرفه احد
غير الذي يأخذ , ) رؤ 2 : 17 )
4 – ( من يغلب ويحفظ أعمالي إلى النهاية فسأعطيه سلطانا على الأمم ) رؤ 2 : 26 )
5 – ( وأعطيه كوكب الصبح , ) رؤ 2 : 28 )
6 – ( من يغلب فذلك سيلبس ثيابا بيضا , ولن أمحو اسمه من سفر الحياة , وسأعترف به أمام أبي وملائكته ,) رؤ3: 5 )
7 – ( من يغلب فسأجعله عمودا في هيكل الهي , --- واكتب عليه اسم الهي , واسم مدينة الهي ) رؤ 3 : 12 )
8 – ( من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي , كما غلبت أنا وجلست مع أبي في عرشه , ) رؤ 3 : 21 )
9 – ( مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى , هؤلاء ليس للموت الثاني سلطانا عليهم , رؤ 20 : 6 )
10 – ( سيكونون كهنة لله والمسيح وسيملكون معه ألف سنة , ) رؤ 20 : 6 )
11 – ( طوبى للذين يصنعون وصاياه لكي يكون سلطانهم على شجرة الحياة,ويدخلون إلى المدينة المقدسة,) رؤ 22: 14 )
12 – ( من يغلب يرث كل شئ , وأكون له إلها وهو يكون لي ابنا , ) رؤ 21 : 7 )
هذا هو إلهنا العظيم اله الفداء والعطاء وهذا ما ينتظر أبناء الله في السماء عدا الذي يعطيه لهم هنا وهم على هذه الأرض ,
بعكس غير المؤمنين الذين يقول عنهم : -
( وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة , فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت , الذي هو الموت الثاني , ) رؤ 21 : 8
عظيم أنت يا الله بعطاياك الوفيرة ونحن لا نستحق هبة واحدة منك , وعدلك الذي لا يضاهيه عدل , نحن نحبك يا الله ليس من اجل الهبات بل لأنك أحببتنا أولا وفديت نفسك من اجلنا ثانيا , وحررتنا من العبودية ثالثا , نريد فقط يا الله ان نرى ذاك الذي أحبنا وصنع الفداء من اجلنا , نريد أن نرى النور الذي أنار ظلمتنا , نريد أن نحيا بأمانك وسلامك وعدلك , لأننا تعبنا من هذه الحياة الجائرة والتي فيها القوي يأكل الضعيف , والذئاب تسعى وراء الخراف والرعاة ساهون عنها , نريد ان نرى الحق والعدل يسري بين الشعوب لنفرح بك , وبهذا يكون انتصارنا مع الرب يسوع على الموت ( بالخلود )