حديث مع الشيخ بائيسيوس عن العين الحاسدة
هل يتأثّر المرء بالعين الحاسدة، أيّها الشيخ؟
الشيخ: نعم، طبعًا!! إن كان للشخص الكثير من الحسد والشرّ عندها يمكنه أن يسبّب ضررًا.
نحَتَ أبي حجر طاحونة يدويّة ونحن لا نزال في منطقة إيغومينتزا، وكنّا ظانّين أنّنا سنستقرّ هناك. زاره شخص وقال هل: ”نحتّه وكأنّه مصبوب صبًّا“، وما إن أنهى كلامه حتّى أخذ الحجر يتشقّق؛ كراك، كراك. استحى المسكين بعدها. كان أجر أبي من أجل ذلك إكليلاً مزدوجًا.
اللّعنة تؤثّر أيضًا، خاصة إن كان اللاعن مظلومًا ومتألّمًا.
ذهب تاجر إلى قرية ما في نواحي بريسبيس لكي يشتري فاصولياء، وقد قصّ هذه القصة عليّ دون استحياء.
في تلك النّواحي كانت هناك أختان يتيمتان، أحداهما بسيطة العقل جدًا، فخدعها واشترى الفاصولياء منها بنصف السّعر. وفيما كان يحمّل الفاصوليا في عربته ويهم بالمغادرة إذا بالأخت الثّانية تأتي. وعندما علمت ما جرى قالت له: ”ألا تخاف الله، إذ نحن يتيمتان؟ كيف يمكننا أن نسدّ احتياجاتنا مما أعطيتنا؟ كسرك الله وأنت مغادر“.
أما هو فذهب، ولكن بعد قليل من المسير، وهو على الطريق، وقع وعربته وكل ~ فه الضرر مئتي ألف درخمة. كان للمبلغ قيمة كبيرة حينها، وكان من الممكن أن يتأذّى هو أيضًا.
كانت في حارتنا ثلاث نساء. إحداهنّ يتيمة، والثّانية فقيرة يعولها بعض من قرابتها في كندا، أما الثالثة فغنيّة. وكان هناك أرملة متقدّمة في السّن، لها حصان قوي نشيط إلى درجة أنّهم لم ينجحوا في إخصائه إذ أنه يصعب ترويض مثيله. كثيراً ما كانت المسكينة تحاول أن تقوده، إلا أنّه كان يقطع الحبال والرّبط. وبعد أن تعذّبت كثيرًا، وجدت لها أخيرًا حبلاً جديدًا قويًا. – نادرًا ما كانت تجد حبالاً أيام الإحتلال الأجنبي.
ذهبت النّساء الثلاث وقطعن الحبل، فهرب الحيوان وضلّ. أخذت تبحث عنه هنا وهناك. تعذبت كثيرًا إلى أن وجدته. ثم دعت الله عليهن قائلة: ”لتُحمَل الّتي أخذت الحبل، مربوطة به“.
ذهبت الغنيّة إلى بيت أخيها، وكان له بندقية مما ترك الطليان وراءهم وظنّتها فارغة، لكنّها انطلقت وأصابتها في رقبتها فوقعت مكانها. ”كيف ننقلها“، فكرّوا؟ ”نحملها على السّلّم“. لكن من أين لهم حبل يربطونها به؟ حبال ... حبال؟ أحضرت إحدى النّسوة قسمًا من الحبل، والأخرى القسم الآخر، فربطوها بأقسام الحبل الثلاثة. سمعنا بعدها بلعنة الأرملة وبما طلبته يوم ضلّ حصانها، وكيف سقطت اللعنة على هذه الأخيرة. لأنّه كان للإثنين الأخريين تبريرات لم تكن لهذه أي منها...
وبعد أن أصابها ما أصابها طلبت مرآة لترى نفسها إلا أنهم رفضوا طلبها.
ماذا ترى؟ لقد شوهت رقبتها كلّها.
وقد ماتت أخيراً، إلا أنّه دفعت الكثير من ديونها لله بالعذاب الّذي مرّت به.
وقد سمح الله بهذا العذاب من جرّاء محبته. لا نعلم كيف تكون دينونته.
إنّ كانت الأمور هكذا، فهل تتحقق الأدعية أيضًا، أيّها الشّيخ؟
الشيخ: بالتأكيد تتحقق عندما تنبع من القلب!
إن قمت بعمل صالح وقال لك أحدهم ”سامحك الله“.
هذا بالأكيد يساعد. لذلك ممكن أن يقوم الشّخص بعمل صالح على ٱسم فلان،
وهذا يساعده.
هكذا حصل ليعقوب عندما باركه إسحق من أعماق قلبه بعد أن شبع من الجدي الّذي ذبحه له. كانت إرادة اسحق أن يبارك عيسو، لأنّ هذا أفضل ما كان يقدّم له مما يصيد، فيما هو عاجز، وكانت إرادته بشريّة، إلا أنّ عيسو كان حامي المزاج، وكثير التحرّق، كما قيل في القانون الكبير. بينما يعقوب أكثر صلاحًا، وكان أمّه تحبّه أكثر بما أنّه كان يساعدها. فنوَّرها الله أن تفعل ما فعلت لأنّ الله لا يقدر أن يبارك شيئًا غير نقيّ، فيتكاثر بذلك جذر معوج. جعل الله الأمور هكذا بأن يشبع إسحق راضيًا وأن يبارك يعقوب من أعماق قلبه دون عيسو.
عن كتاب ”حدّثني الشيخ بائيسيوس...“ لأثناسيوس راكوفاليس، الأرض المقدّسة 2011