حديث شخصي للمتألِّمين
القمص تادرس يعقوب ملطي
يسوع كصديقٍ معلِّمٍ ينزل إلينا وسط آلامنا ليحدِّثنا حديثًا عمليًا واقعيًا وهو حالْ في وسطنا يسندنا وسط أتعابنا، إذ يقول الإنجيلي:
"ونزل معهم ووقف في موضع سهل،
هو وجمع من تلاميذه وجمهور كثير من الشعب،
من جميع اليهوديّة وأورشليم وساحل صور وصيدا،
الذين جاءوا ليسمعوه ويُشفوا من أمراضهم.
والمعذَّبون من أرواح نجسة وكانوا يبرأون.
وكل الجمع طلبوا أن يلمسوه،
لأن قوّة كانت تخرج منه، وتَشفي الجميع"
إن كان السيِّد في صلاته طوال الليل اعتزل على الجبل، إذ لا يستطيع أحد أن يُدرك سِرْ الوحدة الفريدة بين الآب والابن، لكنه نزل إلى السهل ليلتقي مع التلاميذ والشعب اليهودي وأيضًا الأممي. هؤلاء الذين جاءوا يسمعونه ويلمسونه لينالوا قوّة تخرج منه! بهذا كان السيِّد يُتلمِذ خدَّامه، أنه وإن لاق بهم أن يرتفعوا على الجبال العالية ليدخلوا مع الله في شركة سرَّيَّة روحيَّة عميقة، لكنهم هم خدام الشعب، والعاملون لحساب البشريَّة لإراحتهم!
إن كان ربّتا يسوع قد جاء صديقًا معلِّمًا، إنما جاء يهب قوّة لمن يلمسه، واهبًا عطايا فائقة للنفوس المعذَّبة التي بقيت في السهل غير قادرة أن ترتفع إلى الجبل لتلقي معه
يقول القديس أمبروسيوس: تأمَّلوا بدقَّة في كل كلمة... كيف ينزل إلى الجمع، وأين يمكن للجمع أن تراه إلا في السهل. إذ لا يتبعه الجمع إلى المرتفعات ولا يصعدوا إلى قمم الجبال، فينزل هو إلى الضعفاء مادام الضعفاء لا يصعدون إلى المرتفعات... ينال المرضى الشفاء في السهل لينموا في القوّة شيئًا فشيئًا، ويستطيعوا تسلُّق الجبال. ينزل الرب ليشفي جراحاتنا لكي يجعلنا نشاركه طبيعته باتِّحاده بنا