البار سيرافيم وخادمته "ميشا"
في أحد الأيام أعطى البار سيرافيم ساروف بركته لإحدى أخوات دير ديفييفو،
لكي تأتي وتراه في منسكه في الغابة، لأنها كانت تمرّ بفترة عصيبة
دفعتها إلى التفكير بترك الدير الذي كانت تقوم فيه بمهمة الطبخ التي عافتها نفسها.
فيما هي تقترب من المنسك.
ماذا رأت؟
الناسك جالس أمام قلايته وأمامه دبّة كبيرة جداً جالسة عند قدميه.
صرخت الراهبة المسكينة:
"أغثني يا أبتي. لقد قربت نهايتي"
أبعد الأب الدبّة. وقال لها ضاحكاً:
"كلا أيتها الأخت، لم تأت نهايك بعد.
إنها بعيدة جداً. الدبّة لن تقتلك بل على العكس سوف تسليك"
بعد أن طمأنها دعاها لكي تجلس إلى جانبه على أحد جذوع الشجر.
أما الدبّة فأتت ثانية ورقدت عند قدميه.
رَوَت الأخت الراهبة:
كان جسدي كله يرتجف.
بينما انشغل الشيخ بإطعامها فتات من الخبز يخرجها من كيسه بهدوء بالغ
كما لو أنه لا يتعامل مع دبّة بل مع خروف.
استمديت الشجاعة من المشهد.
لكن الأمر الذي ولّد لدي إنطباعاً أعمق هو وجه الشيخ
. كان نقياً شفافاً فرحاً كوجه ملاك.
وأخيراً عندما شعرتُ بالأمان تماماً أعطاني ما تبقّى من الخبز
وقال لي أن أطعم الدبّة بنفسي. ولكنني رفضت:
"لا يا أبتي ستأكل يدي أيضاً"
ابتسم الستارتس سيرافيم. وقال:
"صدقيني أيتها الأخت. لن تأكل يدك"
عندئذ أخذت الخبز وأعطيته للحيوان.
وشعرت بفرحٍ كبير جعلني أنزعج كثيراً عندما نفذ الخبز.
قال لي الشيخ:
"تذكرين أيتها الأخت كيف أن أسداً كان يخدم القديس جراسيموس في البرية؟
هكذا أيضاً دبّة تخدم الفقير سيرافيم.
أترين كيف تطيعنا الحيوانات؟
بينما أنت تفتقدين شجاعتك بسهولة. لماذا؟ اصبري!
سيكون لديكم أفراح في الدير، سيأتيكم زوار مهمون يسألونكم عن أخبار الفقير سيرافيم.
وأنت لن تترددي في إخبارهم كيف أطعمنا الدبّة معاً.
لو كان معي مقص لقصصت جزءاً من فروتها برهاناً على ذلك.
أتوسل إليك أيتها الأخت، لا تفقدي عزيمتك أبداً مهما حصل"
عندئذ قلت ببساطة شديدة:
"لو رأت الأخوات الدبّة لمتنَ خوفاً"
فقال: "لن يرينها "
هنا فكرت، كيف ستصدقني الأخوات عندما سأروي لهن هذه الأعجوبة؟
قال لي الشيخ وقد قرأ أفكاري:
"لا تقولي لأحد شيئاً أيتها الأخت قبل مرور أحد عشر عاماً على وفاتي.
وبعد أحد عشر عاماً ستعرفين لمن تقولين"
عادت الأخت إلى ديفييفو بغيرة متجدّدة لخدمتها.
لكن هل تحققت نبوءة الستارتس (الشيخ)؟
بعد مرور أحد عشر عاماً على رقاده المغبوط.
كانت الأخت تراقب أحد الرسامين وهو يرسم أيقونة للبار سيرافيم.
فتذكرت حادثة الدبّة وكانت المرة الأولى التي ترويها فيها.
+++++
مرة أخرى بينما كان عند البار سيرافيم بعض الزوار،
أقبلت الدبّة فجأة بشكل غير متوقع من الغابة فأخافت الزوار بمظهرها المخيف.
قال لها البار سيرافيم:
"اسمعي يا ميشا (إسم الدبّة).
لماذا لا تحضرين لي شيئاً لأقدمه لزواري، بدلاً من أن تخيفي الناس؟"
أطاعت الدبّة ميشا، وتوارت في الغابة، وعادت بعد قليل،
وهي تمشي منتصبة على قائمتيها الخلفيتين
وفي الأماميتين تحمل قالباً من شمع العسل مملوءاً عسلاً !!
+++++
المرجع: مواهب وموهوبون، إعداد دير الباراكليتو، ترجمة الخورية سميرة حموي اليسوعي، الجزء الأول نقلاً عن سيرة القديس سيرافيم ساروف.
بالنسبة للقديس جراسيمُس الذي يذكره القديس سيرافيم هو
(بحسب سنكسار الروم الأرثوذكس)
جراسيمُس الأردني الذي التقى على إحدى ضفتي نهر الأردن بأسد.
حالما رآه بدأ يجعجع بسبب شوكة حادّة انغرزت في قائمته مسببة له آلاماً مبرحة.
تحنن عليه القديس وأخرج الشوكة منه. ومنذ ذلك الحين صار الأسد يخدمه.