توبة أطلنطس
و في الأثناء رأيتها ... جذبتني منذ الوهلة الأولى ..
اختفت الجبال من حولي تحت ثوبها المرصع بالضباب
و غرق البحارة في شباكهم قبل ركوب الأمواج ,
قبل صنع قواربهم حتى ..
و هاجرت ملائكة البحر نوارسا نوارسا الا طيرا أسودا ظل على عمود مثبت بين موجتين ,
لا يتركه وحيدا , فالعمود انقسم ظهره مكانا للراحة لكل طائر سبيل ..
تعرفت نظرتي على موجتين طائشتين في سباق عكس سير الأمواج ,
رغم أنه لم ينتهي الا أن نظرتي واصلت طريقها الى عمق البحر ...
رفعت عيني الى أقصى جفن حالم يمكن أن أراه , أحسست بشيء هناك في الوراء ,
تملكني , تهت بين رموشه ..
توقف الزمن لحظة بصرية و أوقف معه قوافل جسدي الأمازيغية و كثبان الموج ,
خلتها صحراءا تائبة من خطايا البحر تناجي رياحه فتستجيب دموعهما بحارا كثيرة ..
انها ليست عقدة أوديب يا أمي فأنا لم ألتقيك قط .. ليس عيد ميلاد أول امرأة ..
و ليست لذة عابرة يا عذارى ..
لكن الأمر لا تخلو منه الأنوثة
.. ليست ملاكا و لن تكون فمهما بلغ سحر الملائكة و روعتها و جمالها
الا أنها تبقى ضعيفة أمام الإنسان فقد سبق و أن سجدت له ,
ان كانت من معشر الإنس أصلا ...
اني أرى شعرا ناصع السواد تنسدل خصلاته الى الوراء بأمر ملكي من سمو الرياح
و زرقة تحت العين تبحث بين الأسفل عن هيأة الخجل ..
خجل لم تدركه عين أو حور عين من قبل ,
أرى روحا نائمة في عينيك شغلتني عن رؤيتك
, بأي قبلة تستفيق و من أي أمير ...
و بعد لحظة عادت الروح الى الطبيعة و كأن شيئا لم يكن ,
كأنه حلم مضى في ثوان , لا أعلم ان رأيتك أصلا فاليقظة داهمتني
... أُخرِجَت الشمس من السجن لكبر سنها و تحول الغيم سماءا صافية
ترحب بعودة الطير على أنغام الأمواج الصديقات منها و الأخريات
و عاد جسدي ملكي فسقطت أرضا كجنين في أول لحظات حياته
لا يفهم شيئا و لا يفهم بأنه لا يفهم ..
ما أصابني دوار بحر و أنا على اليابسة عبثا .. لابد من وجود سر ما حلم ما ..
أخاطب أمواجا غفيرة تعتنق ديانتي تباعا يتزايد عددها
و تتدافع من أجل ثواب الصف الأمامي و لتستمع جيدا الى خطبتي ..
أظنها أمواجا صماء رغم استماعها .. لأنها لم تحضر معها تيه احداهن من هناك ...