+العائلة وھذا الزَّمن+
جليٌّ للعیان أنَّ العائلة تواجه تحدِّیات كبرى
قد تصل إلى درجة شدیدة الخطورة على وجودھا،
بخاصَّة في ھذا العصر.
ومن الجليّ أیضا أنَّ تحدِّیاتھا في الشَّرق مختلفة عن
الغرب في أمور، ومشتركة معھ في أمور أخرى.
غیر أنَّ الخطر على استمراریَّتھا لمْ یبلغعندنا ما بلغه في الغرب.
لكنَّ ھذا لا یعني أنْ نحجب أبصارنا عمَّا تواجھه عائلاتنا من
صعوبات باتت سببا رئیسیَّا في تزاید المشاكل الزَّوجیَّة،
وارتفاع عدد الدَّعاوى المرفوعة إلى المحاكم الرُّوحیَّة.
لا یمكننا، في ھذه العجالة، أنْ نتحدَّث عن جمیع المشاكل
المطروحة من اجتماعیَّة ونفسیَّة وجنسیَّة واقتصادیَّة.
غیر أنَّني أبغي التَّركیز على الوضع الرُّوحيّ للزَّوجین
والأولاد، لأنَّ ضعف الحیاة الرُّوحیَّة العائلیَّة
یجعل العائلة أكثر ھشاشة، كما یجعلھا قابلة للانكسار بفعل أیَّة لطمة.
مسح سریع لھموم المقبلین على الزَّواج وھواجسھم،
یبين أنَّ الحقل الرَّئیس عندھم ھو الوضع الاقتصاديّ
من بیت وأثاث وأھمُّ من كلِّ شيء حفلة العُرس.
ما یعني أنَّ تأسیس البیت الجَّدید،
وفي إیماننا أنَّھ كنیسة جدیدة، على أسس روحیَّة إلھیَّة، یقع في المرتبة
الأخیرة، ھذا إنْ كان ھمَّا موجودا أساسا.
وھنا الثَّغرة الكبرى في العائلة، سواء أكانت قائمة موجودة أمْ على وشك الوجود.
ففي حیاة تتَّسم بالسّرعة والرَّكض وعدم الشَّبع والاحتیاجات المتزایدة والاستھلاك
الموجّه، من أین یأتي الزَّوجان بالسَّلام الدَّاخليّ المطلوب.
كثرة الاھتمامات التي تُربك العائلة لا تدع مجالا للزَّوجین
للاھتمام بحیاتھما الدَّاخلیَّة. وھكذا یكون التوتُّر سیِّد البیت،
وتبدأ الخلافات لأتفھ الأسباب،
ولا یتمكن أحدھما من ضبط نفسه ریثما یھدأ الطَّرف الآخر
...
ھنا نذكِّر أولادنا الأحبَّاء بأھمیَّة المُرشد الرُّوحيّ، وأھمیَّة قراءة الإنجیل سویَّة،
والصَّلاة سویَّة، وتخصیص جلسة، إنْ لمْ تكن أسبوعیَّة فشھریَّة على الأقل،
یسھر فیھا الزَّوجان وحدھما لیتطارحا القضایا التي تخصُّ عائلتھما
لكیلا یبقى أمر، مھما كان صغیرا،باقیا في النَّفس.
لماذا نترك الأمور تتزاید وتتفاقم حتَّى یأتي وقت لا نعود نحتمل أيَّ ضغط
جدید، فننفجر بكلِّ ما كانت نفسنا قد امتلأت منھ سابقا؟.
ألا یستحقُّ الزَّوجان وقتا خاصَّا بھما ولھما؟
ألا تستحقُّ العائلة سھرة، من دون تلفزیون، یجتمع فیھا أفرادھا سویَّة حیث
یمكنھم أنْ یتطارحوا ھمومھم وھواجسھم؟.
ألا یشكو كثیر من الأولاد غیاب والدھم عنالبیت بسبب العمل الكثیر؟
ألا یحتاج أولادنا إلى شيء آخر أساس لحیاتھم غیر المال؟
كم من الزَّوجات أو الأزواج یشكون غیاب الحمیمیَّة
بینھما بسبب الانشغالات الكثیرة؟
ترى أیَّة
انشغالات أھمُّ تفصلھم عن بعضھما البعض أو تُبعد بینھما؟
كم نسمع في الاعترافات...
« لیت مستوانا الماديّ أقلّ وحضور الزَّوج أو الوالدین معنا أكثر
باختصار، یا أحبَّة ما من أمر أھمُّ منكما.
ما من حاجة ماسَّة لكما أكثر من حاجة أحدكما إلى الآخر،
وحاجة الأولاد إلى حضور والدیھم، والوالدین إلى أولاد صالحین.
كلمة تبدو موغلة في العمق في ،
« ماذا ینفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه » : الإنجیل
زمننا، أكثر من أيِّ زمن مضى.
لنراجع حساباتنا العائلیَّة على ضوء إیماننا لنجد السَّبیل
الذي یؤدِّي بنا إلى حیاة فُضلى.