القديس مارإفرام السرياني الملفان *
(قيثارة الروح القدس)
عينة فريدة من رجال الله القديسين، يدعوه السريان "قيثارة الروح القدس"، فقد قدم للكنيسة أناشيد روحية بلا حصر،
حملت مع نقاوة الإيمان المستقيم روح العبادة التقوية وعاطفة الحب المتأجج مع عذوبة الأسلوب وحلاوته،
هذا وقد جاءت حياته في مجملها سيمفونية رائعة، تعزف لنا النسكية الحازمة مع اهتمام بخدمة الفقراء، وحزم في العقيدة والتعاليم الكنسية مع أتضاع شديد!
حداثته:
وُلد حوالي عام 306 م. في مدينة نصيبين إحدى بلاد ما بين النهرين (الميصة). كان والداه مسيحيين،
إذ قال: "وُلدت في طريق الحق، مع إنني في صبوتي لم أدرك عظمة الحق، وإنما عرفته
بالتجربة"، كما قال: "كان والديّ معترفين أمام القاضي، نعم إني قريب للشهداء".
بعد موت مار يعقوب بقى مار أفرام ملتصقًا بالثلاثة الأساقفة خلفائه على الكرسي، ربما كرئيس للمدرسة التابعة للكرسي.
التجربة الأولى:
ظهرت علامات الحمل على عذراء ابنة أحد رؤساء المدينة، وإذ سؤلت عمن ارتكب معها الشر،
أشارت إلى القديس أفرام الذي لم يعترض عليها، بل في اتضاع قال أمام الأسقف:
أخطأت يا أبي... فتعثر الشعب جدًا، وحدثت بلبلة شديدة. وإذ تسلم أفرام الطفل ليربيه تعب الكثيرون بسببه،
فاضطر أن يستأذن الأسقف ليصعد بعد قداس الأحد على الإنبل ويحمل الرضيع بيمينه نحو المذبح،
وصرخ أمام الكل: "أيها الطفل، أناشدك أمام مذبح الله، قل لي الحق: من هو أبوك".
فنطق الطفل: أفرام قندلفت (المكلف بإضاءة قناديل الكنيسة)،
فبكى كل الشعب وطلبوا منه السماح... وأسلم الطفل روحه في تلك الساعة!
خروجه من نصيبين:
عاصر حصار الفرس للمدينة ثلاث مرات في الفترة 238-350 م.
حيث سُلمت نهائيُا لهم، بموجب معاهدة صلح بين سابور ملك الفرس وجوفنيان،
فاضطر جميع المسيحيين إلى تركها، ومن بينهم القديس مار افرام حيث توجه إلى الرها Edessa.
عند اقترابه من المدينة التقى بامرأة زانية، فتطلع إليها ليجدها تحدق فيه بشدة.
فقال لها: "يا امرأة، أما تستحين أن تحدقي بنظرك إليّ هكذا؟"
أجابته: "إن المرأة قد أُخذت من الرجل فيحق لها أن تتفرس في أصلها،
أما الرجل فأُخذ من التراب فينبغي عليه أن يتفرس في أصله الذي أَخذ منه".
عندئذ قال في نفسه: "إن كان نساء هذه المدينة حكيمات هكذا فكم تكون حكمة رجالها؟".