القديسة البارة فيلوثي الأثينية (1589م)
19 شباط شرقي (3 آذار غربي)
وُلدت ونشأت في أثينا اليونانية. هناك تقدست وأضحت حامية المدينة سواء بسواء في حياتها وبعد موتها. أبوها أنجلوس فنيزيلوس وأمها سيريجا. كانت عائلتها معروفة بنبلها وغناها وتقواها. عانت أمها العقم لكنها أبت أن تلجأ إلى الأطباء ولم تشأ استعمال الأدوية. اتكلت على الله وحده ولاذت بوالدة الإله. صلت، بحرارة، مرة فحلت عليها إغفاءة رأت نفسها فيها أمام إيقونة والدة الإله. وإذا بنور ينبعث من الإيقونة ويستقر في أحشائها. بعد مدة حبلت، وفي زمن الولادة أنجبت بنتاً هي راغولا، التي سُميت فيما بعد "فيلوثي".
لما بلغت راغولا الثانية عشرة شاء والداها زفّها إلى أحد أعيان المدينة. لم تشأ أولاً لأنها كانت ترغب بالحياة التوحدية. فلما أصرّا بحجة أنه لا وريث لهما غيرها رضخت. لكن تبين أن زوجها كان فظاً طاغية في تعاطية معها، فكابدت وصبرت وسعت إلى إصلاحه عبثاً فحصده منجل الموت بعد زواجها بثلاث سنوات. عادت إلى منزلها الوالدي وفي نيتها أن ترضي الله بسيرة الفضيلة. حاول أهلها حملها على زواج ثان فامتنعت فرضخا لا سيما بعدما بدا لهما أن يد الله كانت عليها.
في سن الخامسة والعشرين رقد والداها. أخذت تسلك في نسك متزايد، صوماً وسهراً وصلاة. ظهر لها القديس أندراوس، أول الرسل، وطلب منها أن تبني ديراً للنساء باسمه. فعلت كما أمرها. اجتمع إليها رهط من الفتيات وفدن من عائلات غنية وفقيرة معاً. اتخذت راغولا اسم فيلوثي وضمّت إليها خادماتها في بيت أبيها. وداعتها وغيرتها على الفضيلة كانت بينّة. محبتها واهتمامها بالفقير والمريض كان لها خبزاً يومياً. أقامت العديد من المستوصفات والمضافات. أسست مدارس الأولاد واهتمت بحماية الفتيات المعّرضات للتحوّل إلى الإسلام إما عنوة وإما تحت ضغط الصعوبات المعيشية. خلّصت العديدات بفضل مدارسها ومساعداتها ونصائحها واستعدادها لإخفائهن عند اللزوم إلى حين. من كثرة إقبال المحتاجين على الدير نضبت موارده. أبدت الراهبات تململاً. صبرت فيلوثي وشدّدت راهباتها ثقة بالذي لا يتغافل عن الغربان فكيف بأحبته الصارخين إليه ليل نهار. لم يخيب الرب الإله المتكلات عليه أبداً. كان كل مرة يجد لشدتهن مخرجاً. اهتمت بمساعدة أربع نسوة حملهن الأتراك إلى أثينا إماء. عانين من ضغط أسيادهن لحملهن على شهر إسلامهن.أبينَ ولُذنَ بفيلوثي. شدّدتهن وأعادتهن إلى أسيادهن. بعد حين وُشي بها. قبض عليها العسكر وأوقفوها أمام الحاكم. حبسها وهدّدها. كانت مستعدة للموت لأجل يسوع. استنطقها بشأن الفتيات الأربع فلم تَّبُح بسرّهن. أخيراً تدخّل أحد أعيان المدينة فأُُفرج عنها وعادت إلى ديرها لتستمر في سعيها في سبل الفضيلة وتتابع عمل محبتها.
كان للدير في كيا، في البحر الإيجي، بيت بشكل متوخيون (بيت تابع للدير) كانت القديسة فيلوثي تنقل إليه الراهبات اللواتي تعذّر عليهن البقاء في أثينا لسبب أو لآخر.
وقد منّ الرب الإله على أمته بموهبة صنع العجائب وطرد الأرواح الخبيثة. زاد عدد راهبات الدير كثيراً فبنت فيلوثي ديراً آخر في باتيسيا. كانت تعتني براهباتها وتقضي قسماً من وقتها في إحدى المغاور.
أخيراً ضاق الأتراك ذرعاً بها فاقتحموا ديرها في باتيسيا وانهالوا عليها ضرباً وتركوها نصف ميتة. عانت من آلام مبّرحة. رقدت نتيجة ذلك يوم الرابع من آذار سنة 1589م. بعدما نالت إكليلي النسك والشهادة معاً, بعد عشرين عاماً من وفاتها أخذت تنبعث من ضريحها رائحة الطيب. بعد سنة من ذلك تبيّن أن جسدها لم ينحلّ ولم يزل كذلك إلى اليوم. كتب سيرتها أحد معاصريها. رفاتها اليوم محفوظة في كاثدرائية أثينا.