+ من هو ابراهيم في العهد القديم +
تبدأ قصة أبراهيم حين تراءى له إله المجد ، وهو مازال فى مدينة أور الكلدانيين ،
( مكانها الحالى خرائب فى منتصف المسافة بين بغداد والخليج الفارسى ،
شرقى نهر الفرات بقليل ناحية الجنوب )
– ويوضح ذلك الوحى الألهى على فم أستفانوس شهيد المسيحية الأول
" ظهر رب المجد لأبينا أبراهيم وهو فى ما بين النهرين قبل سكنه فى حاران
( مدينة على أحد فروع نهر الفرات )
– وقال له أخرج من أرضك ومن عشيرتك وهلم إلى الأرض التى أريك ،
فخرج حينئذ من أرض الكلدانيين وسكن فى حاران ،
ومن هناك نقله ( الله ) بعدما مات أبوه إلى هذه الأرض التى أنتم الآن ساكنون فيها "
( أع 7 : 2 – 4 ) .
إذن فقد تلقى أبراهيم الدعوة بالخروج وهو مازال فى أور الكلدانيين ...
وكانت دعوة الله لابراهيم هكذا " اذهب من أرضك ،
ومن عشيرتك ومن بيت أبيك الى الأرض التى أريك ، فأجعلك أمة عظيمة ،
وأباركك وأعظم أسمك . وتكون بركة ، وأبارك مباركيك ولاعنك ألعنه ،
وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض " ( تك 12 : 1 –3 ).
1 – فى الواقع يبدأ تاريخ أبراهيم بظهور الله له .
و أن القيمة يقية فى حياة أى أنسان وتاريخه تبدأ بظهور الله فى حياته.
فقد يعيش إنسان عشرات السنين دون أن يكون له أثر ، حتى يقبل دعوة الله ويحيا فى طاعته .
والله فى أثناء ذلك يعرض عليه ذاته لكى يستغنى ، ويلبس ثيابا بيضا فلا يظهر خزى عريته .
2 – لنتأمل فى قول الله لأبراهيم :
" وتكون بركة " ..
هنا نلاحظ ظاهرة عجيبة ، فبعد أن كان الله يبارك البشر ، أصبح هناك بشر يباركون البشر !!!
3 – تأملات فى طاعة أبراهيم :
كانت طاعة أبراهيم لله فى أن خرج من أرضه ، فما هى حكمة الله من ذلك ؟
· الواقع أن كل أنذارات الله القديمة ( الطوفان – بلبلة الألسن - ... )
لم تفلح فى حمل البشر أن يقلعوا عن الشر ، لذا لم يكن هناك بد من أن يعزل الله فئة من البشر ليكونوا له .
كان هناك خوف على أبراهيم ، فالجو الذى عاش فيه ابراهيم فى أور الكلدانيين كان موبوءا بالوثنية ونجاساتها ،
فالانسان بطبعه ضعيف ومعرض للسقوط ، وابراهيم نفسه وهو - أب الآباء
– ضعف إيمانه وشك فى قدرة الله على إعالته فى أرض كنعان لما حدثت مجاعة فنزل إلى مصر دون مشورة الله ،
وكذب وقال عن زوجته سارة أنها أخته خوفا أن يقتله فرعون ...
من هذا نفهم حكمة الرب فيما قاله على لسان أشعياء النبى " اعتزلوا اعتزلوا . أخرجوا من هناك .
لا تمسوا نجسا " ( أش 52 : 11 ) – ويقول يوحنا فى رؤياه " ......
اخرجوا منها ياشعبى لئلا تشتركوا فى خطاياها، ولئلا تأخذوا من ضرباتها " ( رؤ 18 : 4 ) .
خرج أبراهيم من أور الكلدانيين طاعة لأمر الله ،
لكن أباه تارح والذين معه خرجوا معه على سبيل الصحبة والقرابة ..
وهؤلاء كانوا ثقلا على أبراهيم فى طريق الطاعة الكاملة .
وما أن وصلوا إلى حاران حتى حطوا رحالهم ، ورفضوا الأرتحال أكثر ،
ظل أبراهيم معهم فى حاران زمانا طويلا لم يتمتع فيه بظهور الله له ،
ولم يتمكن من تنفيذ وصية الله له بالخروج ،
إلا بعد أن تخلص من هذه الروابط الجسدية التى كانت معطلا له عن السير فى طريق طاعة الله الكاملة .
4 – تارح والد أبراهيم يقود القافلة ( الجسد يتولى قيادة المؤمن ) :
" وأخذ تارح أبرآم ابنه ولوطا أبن هاران ابن أبنه وساراى كنته امرأة إبرام أبنه ،
فخرجوا معا من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان " ( تك 11 : 31 ) ...
هنا يظهر تارح كما لو كان هو المدعو من الله ليخرج من أور إلى كنعان ،
بينما الدعوة فى الواقع كانت لأبراهيم .. النتيجة هو التوقف عن السير ...
تارح يمثل صورة الجسد عندما يقود المؤمن . فقد كان تارح عابدا للأوثان ( يش 24 : 2 )
وقيادة الجسد للأنسان فى الأمور الروحية المتصلة بالله ، لا نتيجة منها سوى التعثر للوصول لله .
+ كان أمر الله لابراهيم أن يذهب إلى كنعان ، أما هو فسكن فى حاران .
لكن ما أن مات أبوه حتى أطاع وصية الرب ...
إن صلات الجسد وروابطه كثيرا ما تعوقنا فى إتمامنا لدعوة الله لنا ،
فنتقاعد عن الوصول إلى مادعينا اليه ونرضى بما هو أقل منه !!!
إن دعوة إبراهيم هى مثال لدعوة الله للانسان ،
فكما أن الموت وحده هو الذى هيأ لأبراهيم فرصة الأنطلاق ،
كذلك فإننا بحاجة للموت عن العالم حتى ما ننطلق إلى الله .
+ كانت الدعوة إلى كنعان لكن إبراهيم تخلف فى حاران ...
وكثيرا ما تأتى معطلات فى طريق الأنسان إلى الله .. فعلينا أن نحترس !!
+ لقد أطاع ابراهيم دعوة الله إليه بالخروج من أرضه ، دون أن يعلم إلى أين يذهب ،
وفى هذا مثال للطاعة الكاملة لله ..... وحياة التسليم بالكامل .
+ حسب الظاهر كان أبراهيم قد خسر أرضه وعشيرته وبيت أبيه ،،،
لكن فى الواقع كان أبراهيم رابحا ، فالانسان الخاطىء عندما يترك العالم وملذاته ،
ما هى خسارته وهو يربح المسيح " ما كان لى ربحا ، فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة .
بل إنى أحسب كل شىء أيضا خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربى .
الذى من أجله خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكى أربح المسيح وأوجد فيه " ( فى 3 : 7 ، 8 ) .
+ لابد من حدوث العوائق فى طريق الله ، لا نتصور أن الطريق أمام المؤمن سهلا .
+ فى دعوة أبراهيم نرى الله يوضح الطريق الروحى
الذى ينبغى أن يسلك فيه الإنسان أومايمكن أن نسميه طريق التكريس :
أولا : يقول الله لإبراهيم " أخرج من أرضك " هذه تشير الى الزهد بالجسد .
فيزهد الأنسان فى الثروة والممتلكات .
ثانيا : " ومن عشيرتك "
وهذه تشير إلى نبذ وترك أساليب السلوك القديم والرذائل الخاصة بالروح والجسد
" اسمعى ياابنتى وانظرى وأميلى أذنك ، وانسى شعبك وبيت أبيك " .
ثالثا : " أخرج ......الى الأرض التى أريك "....... ماهى هذه الأرض ؟
هى الأرض التى عناها المسيح بقوله
" طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض "
- " ثم رأيت سماء جديدة وارضا جديدة .... "
– " بالأيمان تغرب ..........
لأنه كان ينتظر المدينة التى لها الأساسات التى صانعها وبارئها الله " .
إبراهيم بعد أن ترك حاران ( تك 12 : 4 – 9 ) :
+ أول مكان بلغه إبراهيم بعد أن ترك حاران هو شكيم ....
ومعنى شكيم كتف ، وهى عناية عن قوة الله التى تحفظنا فى دائرة الأيمان ....
ثم جاء الى بلوطة مورة ، ومعناها تعليم .
والتعليم والقوة يرتبطان ببعضهما ، فالقوة الروحية تقودنا الى قبول التعليم ،
والتعليم ينشىء فينا قوة روحية .. هذه لفتة الهية للطائعين !!!.
+ أتى أبراهيم إلى شكيم ، لكنه وجد الكنعانيين فى الأرض ...
كان وجود الكنعانيين هناك امتحانا لقلب أبراهيم ومدى ثبات إيمانه ،
ومع وجود الكنعانيين فقد وجد الله هناك .... " وظهرالرب لإبرآم " ( تك 12 : 7 ) .
+ إبراهيم بين الخيمة والم ....
لقد بنى إبراهيم ما بعد وصوله شكيم ... وبنى ما ثانيا بين بيت إيل وعاى ...
عاش إبراهيم حياة الغربة فى خيمة متنقلة .... والخيمة والم صفتان أمتاز بهما إبراهيم .
فالخيمة تشير إلى حياة الغربة .. التى عاشها على الأرض ، والم يشير إلى حياة التعبد والشكر لله .
بالخيمة أعترف أن لا شىء له فى الأرض ، وبالم أعترف أن الله كان كل شىء له ......
ففى الوقت الذى لم يعطه الله فيه ميراثا ولا وطأة قدم ( أع 7 : 5 ) ،
كان الله هو نصيبه و ميراثه ، وهذا وحده يكفى .....
مصاعب فى طريق الله :
أ – الكنعانيون ..لكن مع وجودهم كان الله هناك .
ب – جوع فى الارض ... وبسبب الجوع نزل إبراهيم إلى مصر دون إعلان أو مشورة من الله ...
هل فكر ابراهيم أن جوع كنعان أفضل من خيرات مصر ؟ ...
ليس هذا ما أختبره موسى بعد ذلك " فقد حسب " عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر ،
لأنه كان ينظر إلى المجازاة ( عب 11 : 26 ) ......
نلاحظ أن ابراهيم عاش فى مصر بدون م ....
أى أنه فقد شركته مع الله ...
ولو أنتظر مشورة الله فى تجربة الجوع لكانت سبب بركة وتزكية .
ج - إبراهيم وهو يقترب من مصر قال لسارة أمراته أن تقول أنها أخته ، خوفا أن يقتله فرعون ،
عجيب هو ضعف إبراهيم فى إيمانه !!
أستطاع ابراهيم أن يحصل على خير من فرعون بسبب إمرأته ، ....
لكن ماذا كانت النتيجة ؟ لقد حرم إبراهيم من سارة شريكة حياته !!
لكن فرعون لم يمسس سارة ، وضرب وبيته ضربات عظيمة حتى أطلقها ....
د – هنا نرى الله يتدخل بقوته لينقذ إبراهيم – لا من فرعون – بل من ضعفه هو ....
فترجع سارة .. ويعود هو إلى مكانه بين بيت إيل وعاى حيث سكن أولا ، وبنى ما للرب ....