القتال في العهد القديم (*) الجزء الأول:
اعداد الربان انطونيوس لحدو مدرس مادة اللاهوت الدفاعي.
كيف تقولون ان الهكم إله محبة وسلام وهو يأمر بقتل الشيوخ والنساء والأطفال؟
يكثر الحديث عن أمر الله بالحرب، وقتل الناس في العهد القديم من قبل غير المسيحيين.
ويتساءلون اليس هذا يتعارض مع ما جاء به السيد المسيح من محبة وسلام،
فهو ملك السلام كما يقول المسيحيين؟
ويستشهدون ببعض النصوص الخاصة بالشعب العبراني في العهد القديم وعلاقته بالقبائل الوثنية التي كانت موجودة في أرض الميعاد كذريعة للطعن في الكتاب المقدس ومصداقيته.
لذلك سنشر في صفحتكم الكنيسة المسيحية الالكترونية على الفيس بوك هذه المفاهيم الخاطئة
عن العهد القديم، موضحين رأي الكنيسة بالاستناد الى المفسرين واباء الكنيسة.
وسندرس تلك النصوص لنرى ظروفها وملابساتها، وفي النهاية سنقارن بين نصوص من العهد القديم
ونصوص من القرآن والأحاديث التي تتكلم عن القتال في الإسلام،
والفوارق بين مفهوم القتال في العهد القديم ومبرراته ومفهوم القتال في الإسلام ومبرراته.
- الحالة الأولى: (حزقيال9 : 4- 9).
"4وَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اعْبُرْ فِي وَسْطِ الْمَدِينَةِ، فِي وَسْطِ أُورُشَلِيمَ، وَسِمْ سِمَةً عَلَى جِبَاهِ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَئِنُّونَ
وَيَتَنَهَّدُونَ عَلَى كُلِّ الرَّجَاسَاتِ الْمَصْنُوعَةِ فِي وَسْطِهَا». 5وَقَالَ لأُولئِكَ فِي سَمْعِي: «اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفُقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ، اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَابْتَدَأُوا بِالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: «نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ".
كعادة أي مشكك وغير مؤمن إنه لا يكلف نفسه قراءة الإصحاح كاملا ليرى ماهي الظروف والملابسات التي قيل فيه هذا الكلام، وغرضهم بالطبع لا يُخفي على أحد، فهم يريدون أن ينسبوا للكتاب المقدس تهمة القتل والإرهاب دون رحمة لشيخ أو أمراءه أو طفل!.
والدارس للكتاب المقدس عندما يقتبس أي نص فإنه يدرسه في إطار النص الذي جاء فيه، وفي إطار الإصحاح الخاص به. والأهم من ذلك كله دراسته في سياق مفهوم العهد القديم ككل.
سفر حزقيال بمنتهى البساطة موجه لليهود وليس للشعوب الوثنية! والويلات المذكورة فيه عبارة عن رؤيا أظهرها الله إلى حزقيال النبي، نجد ذلك في بداية الإصحاح الثامن، فالله يخبر نبيه حزقيال ما سوف يسمح بحدوثه للشعب اليهودي بسبب الرجاسات وعبادة الأوثان التي انتشرت في وسطهم في تلك الفترة، فاغلب الشعب تأثر بالعبادات الوثنية التي عرفوها من بعض الأمم الوثنية المحيطة بهم. لذلك كثيراً ما ينذر الرب شعبه بعدم اتباع آلهة أخرة وعبادتها لأنه إله غيور:
""فَإِنَّكَ لاَ تَسْجُدُ لإِلهٍ آخَرَ، لأَنَّ الرَّبَّ اسْمُهُ غَيُورٌ. إِلهٌ غَيُورٌ هُوَ"(خروج 34: 14).
والضربات المذكورة بهذه الرؤيا بدأت بالشيوخ أولا أي "بالكهنة" فهم المسئولين عن إفساد الشعب. وبدأت بالهيكل الذى دنسوه "وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي"، فهذه الضربات إذن هي "للتطهير" تطهير الهيكل من تلك الرجاسات ومن الذين يضلون الشعب لذلك نجد الآية الرابعة تقول :
"اعْبُرْ فِي وَسْطِ الْمَدِينَةِ، فِي وَسْطِ أُورُشَلِيمَ، وَسِمْ سِمَةً عَلَى جِبَاهِ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَئِنُّونَ وَيَتَنَهَّدُونَ عَلَى كُلِّ الرَّجَاسَاتِ الْمَصْنُوعَةِ فِي وَسْطِهَا"(آية 4).
فهؤلاء الكهنة ابتعدوا عن طريق الرب وعملوا امورا ملتوية، يقول الكتاب:
"لأَنَّ الْمُلْتَوِيَ رَجْسٌ عِنْدَ الرَّبِّ، أَمَّا سِرُّهُ فَعِنْدَ الْمُسْتَقِيمِينَ"(أمثال 3: 32).
فتلك الرجاسات التي كرهها الرب كانت في أورشليم مكان هيكل سليمان موضع حضور الله وسط شعبه، وعاصمة اليهود الروحية.
ولفهم أمر الله بالقتل في هذه الرؤيا لابُد من وضع كلام الرب في سياقه الكامل. لنعرف لماذا قال الله هذا الكلام في الاصحاح التاسع موضوع الشبهة.
نبدأ من سفر حزقيال الإصحاح الثامن:
"1وَكَانَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ فِي الشَّهْرِ السَّادِسِ فِي الْخَامِسِ مِنَ الشَّهْرِ,
وَأَنَا جَالِسٌ فِي بَيْتِي وَمَشَايِخُ يَهُوذَا جَالِسُونَ أَمَامِي, أَنَّ يَدَ السَّيِّدِ الرَّبِّ وَقَعَتْ عَلَيَّ هُنَاكَ.
2فَنَظَرْتُ وَإِذَا شَبَهٌ كَمَنْظَرِ نَارٍ, مِنْ مَنْظَرِ حَقَوَيْهِ إِلَى تَحْتُ نَارٌ,
وَمِنْ حَقَوَيْهِ إِلَى فَوْقُ كَمَنْظَرِ لَمَعَانٍ كَشَبَهِ النُّحَاسِ اللاَّمِعِ. 3وَمَدَّ شَبَهَ يَدٍ وَأَخَذَنِي بِنَاصِيَةِ رَأْسِي,
وَرَفَعَنِي رُوحٌ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ, وَأَتَى بِي فِي رُؤَى اللَّهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى مَدْخَلِ الْبَابِ الدَّاخِلِيِّ الْمُتَّجِهِ نَحْو الشِّمَالِ حَيْثُ مَجْلِسُ تِمْثَالِ الْغَيْرَةِ , الْمُهَيِّجِ الْغَيْرَةِ.
4وَإِذَا مَجْدُ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ هُنَاكَ مِثْلُ الرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُهَا فِي الْبُقْعَةِ.
5ثُمَّ قَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, ارْفَعْ عَيْنَيْكَ نَحْو طَرِيقِ الشِّمَالِ. فَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ نَحْو طَرِيقِ الشِّمَالِ وَإِذَا مِنْ شِمَالِيِّ بَابِ الْمَذْبَحِ تِمْثَالُ الْغَيْرَةِ هَذَا فِي الْمَدْخَلِ.
6وَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, هَلْ رَأَيْتَ مَا هُمْ عَامِلُونَ؟ الرَّجَاسَاتِ الْعَظِيمَةَ الَّتِي بَيْتُ إِسْرَائِيلَ عَامِلُهَا هُنَا لإِبْعَادِي عَنْ مَقْدِسِي. وَبَعْدُ تَعُودُ تَنْظُرُ رَجَاسَاتٍ أَعْظَمَ.
7ثُمَّ جَاءَ بِي إِلَى بَابِ الدَّارِ فَنَظَرْتُ وَإِذَا ثَقْبٌ فِي الْحَائِطِ.
8ثُمَّ قَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, انْقُبْ فِي الْحَائِطِ. فَنَقَبْتُ فِي الْحَائِطِ, فَإِذَا بَابٌ.
9وَقَالَ لِي: ادْخُلْ وَانْظُرِ الرَّجَاسَاتِ الشِّرِّيرَةَ الَّتِي هُمْ عَامِلُوهَا هُنَا.
10فَدَخَلْتُ وَنَظَرْتُ وَإِذَا كُلُّ شَكْلِ دَبَّابَاتٍ وَحَيَوَانٍ نَجِسٍ, وَكُلُّ أَصْنَامِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ, مَرْسُومَةٌ عَلَى الْحَائِطِ عَلَى دَائِرِهِ.
11وَوَاقِفٌ قُدَّامَهَا سَبْعُونَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ, وَيَازَنْيَا بْنُ شَافَانَ قَائِمٌ فِي وَسَطِهِمْ, وَكُلُّ وَاحِدٍ مِجْمَرَتُهُ فِي يَدِهِ وَعِطْرُ عَنَانِ الْبَخُورِ صَاعِدٌ.
12ثُمَّ قَالَ لِي: أَرَأَيْتَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا تَفْعَلُهُ شُيُوخُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ فِي الظَّلاَمِ, كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَخَادِعِ تَصَاوِيرِهِ لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الرَّبُّ لاَ يَرَانَا! الرَّبُّ قَدْ تَرَكَ الأَرْضَ
13وَقَالَ لِي: «بَعْدُ تَعُودُ تَنْظُرُ رَجَاسَاتٍ أَعْظَمَ هُمْ عَامِلُوهَا».
14فَجَاءَ بِي إِلَى مَدْخَلِ بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ الَّذِي مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ, وَإِذَا هُنَاكَ نِسْوَةٌ جَالِسَاتٌ يَبْكِينَ عَلَى تَمُّوزَ. 15فَقَالَ لِي: «أَرَأَيْتَ هَذَا يَا ابْنَ آدَمَ؟ بَعْدُ تَعُودُ تَنْظُرُ رَجَاسَاتٍ أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ».
16فَجَاءَ بِي إِلَى دَارِ بَيْتِ الرَّبِّ الدَّاخِلِيَّةِ, وَإِذَا عِنْدَ بَابِ هَيْكَلِ الرَّبِّ بَيْنَ الرِّوَاقِ وَالْمَذْبَحِ نَحْوُ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاً ظُهُورُهُمْ نَحْوَ هَيْكَلِ الرَّبِّ وَوُجُوهُهُمْ نَحْوَ الشَّرْقِ, وَهُمْ سَاجِدُونَ لِلشَّمْسِ نَحْوَ الشَّرْقِ. 17وَقَالَ لِي: «أَرَأَيْتَ يَا ابْنَ آدَمَ؟ أَقَلِيلٌ لِبَيْتِ يَهُوذَا عَمَلُ الرَّجَاسَاتِ الَّتِي عَمِلُوهَا هُنَا؟ لأَنَّهُمْ قَدْ مَلأُوا الأَرْضَ ظُلْماً وَيَعُودُونَ لإِغَاظَتِي, وَهَا هُمْ يُقَرِّبُونَ الْغُصْنَ إِلَى أَنْفِهِمْ.
18فَأَنَا أَيْضاً أُعَامِلُ بِالْغَضَبِ. لاَ تُشْفِقُ عَيْنِي وَلاَ أَعْفُو. وَإِنْ صَرَخُوا فِي أُذُنَيَّ بِصَوْتٍ عَالٍ لاَ أَسْمَعُهُمْ». ".
في الآيات 7 – 12:
نرى ان هؤلاء الشيوخ، قادة الشعب المرائين، الذين يحكمون ضد عابدي الأوثان، وهم يعبدونها سراً، أقاموا حائطاً ليستر عملهم، ولكن كان هناك "ثَقْبٌ فِي الْحَائِطِ"(آية 7)، فمهما حاول المرائي أن يستر خطيته، فهناك ثقب يظهرها. وإذا استمر المرائي في خطيته، فالله يوسع هذا الثقب ليفضح هذا الخاطئ المرائي، لذلك طلب الله من حزقيال توسيع الثقب. وهؤلاء الشيوخ كانوا يعبدون تلك الآلهة بكل توقير تحت أشكال متعددة ويقدمون لها البخور الذى يقدم لله فقط. وكانوا يقولون "الرَّبُّ لاَ يَرَانَا"(آية 12)، وهذا إلى حد بعيد فكر كل من يرتكب خطية أنه لا يشعر بأن الله لا يراقبه أو يراه. نتعلم أن عدم الشعور بأن الله موجود معنا دائماً، هو السبب في خطايانا. ويقولون "الرَّبُّ قَدْ تَرَكَ الأَرْضَ"(آية 12) والحقيقة أنهم هم الذين تركوا الله.
في الآيات 13- 18:
كانت عبادة تموز عبادة كلدانية، ويقدمون فيها ذبائح بشرية، ويمارسون في هذه الاحتفالات العلاقات الجنسية كجزء من العبادة وتقام الاحتفالات لتموز مرتين، الأولى في زمن اشتداد الحر وفيها يبكون موت تموز. والثانية يقيمون حفلات الفرح بعودة تموز في شهر الربيع.
وكانت النساء اليهوديات يشتركن في هذه العبادة بالبكاء على تموز عوضاً عن البكاء على خطاياهن.
والأسواء من ذلك وجود (25) رجلاً وغالباً كانوا من الكهنة، كانوا واقفين بين الرواق والمذبح حيث تؤدى أقدس الشعائر الدينية، يعبدون الشمس ناظرين للشرق، أي أعطوا ظهورهم للهيكل، لأن الهيكل اليهودي كان متجهاً للغرب لا للشرق، وهذا يتطابق مع قول الله "لأَنَّهُمْ حَوَّلُوا نَحْوِي الْقَفَا لاَ الْوَجْهَ"(أرميا 2: 27).
وقوله "يُقَرِّبُونَ الْغُصْنَ إِلَى أَنْفِهِمْ"(آية 17) فهي عادة وثنية، فبعد أن يجلبوا الزهور للآلهة يضعون الغصن في أنوفهم. ووضع الغصن في الأنف يثير الأنف (يدغدغ) ويدعو للغيظ، وكأنهم حينما يفعلون هذا فهم لا يغيظوا إلا أنفسهم، لأن الغصن في انفهم. والمعنى أن ما يفعلوه سيجلب عليهم ضربات تغيظهم وتؤدبهم. ومن شدة اغاظتهم لله فإنه لن يجيبهم حتى لو صرخوا "وَإِنْ صَرَخُوا فِي أُذُنَيَّ بِصَوْتٍ عَالٍ لاَ أَسْمَعُهُمْ".
فكما نرى يشرح النبي حزقيال كيف أن الله أخذه في رؤيا روحية (آية 3) ووضح له ما يحدث من شيوخ إسرائيل في أورشليم من رجاسات أغضبت الله عليهم بشدة , ثم أراه الله بعد هذا بالتفصيل ما يحدث في أورشليم من عبادة للأوثان وخطايا وكيف أنصرف شعب أورشليم عن طريق الله.
واوضح الرب أيضاً لنبيه حزقيال أن هناك البعض من شعب في أورشليم ثابتون على ايمانهم بالله ولم يشاركوا الضالين اعمالهم.
بعد أن عرفنا سبب غضب الله من الشعب في الاصحاح الثامن ندخل مباشرة الى الاصحاح التاسع موضوع الشبهة. وفيه يوضح الله لنبيه حزقيال انه سيترك أورشليم تسقط في يد أعداءها الذين سيفتكون بها وبرجالها ونساءها وأطفالها وسيحمي الله فقط الذين لم ينساقوا وراء هذه العبادات الوثنية بوضع سمة (علامة) على جباههم.
حزقيال الاصحاح التاسع:
"1وَصَرَخَ فِي سَمْعِي بِصَوْتٍ عَال قَائِلاً: «قَرِّبْ وُكَلاَءَ الْمَدِينَةِ، كُلَّ وَاحِدٍ وَعُدَّتَهُ الْمُهْلِكَةَ بِيَدِهِ».
2وَإِذَا بِسِتَّةِ رِجَال مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ الْبَابِ الأَعْلَى الَّذِي هُوَ مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ عُدَّتُهُ السَّاحِقَةُ بِيَدِهِ، وَفِي وَسْطِهِمْ رَجُلٌ لاَبِسٌ الْكَتَّانَ، وَعَلَى جَانِبِهِ دَوَاةُ كَاتِبٍ. فَدَخَلُوا وَوَقَفُوا جَانِبَ مَذْبَحِ النُّحَاسِ. 3وَمَجْدُ إِلهِ إِسْرَائِيلَ صَعِدَ عَنِ الْكَرُوبِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ إِلَى عَتَبَةِ الْبَيْتِ. فَدَعَا الرَّجُلَ اللاَّبِسَ الْكَتَّانِ الَّذِي دَوَاةُ الْكَاتِبِ عَلَى جَانِبِهِ،
4وَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اعْبُرْ فِي وَسْطِ الْمَدِينَةِ، فِي وَسْطِ أُورُشَلِيمَ، وَسِمْ سِمَةً عَلَى جِبَاهِ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَئِنُّونَ وَيَتَنَهَّدُونَ عَلَى كُلِّ الرَّجَاسَاتِ الْمَصْنُوعَةِ فِي وَسْطِهَا».
5وَقَالَ لأُولئِكَ فِي سَمْعِي: «اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفُقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا.
6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ، اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَابْتَدَأُوا بِالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ.
7وَقَالَ لَهُمْ: «نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.
8وَكَانَ بَيْنَمَا هُمْ يَقْتُلُونَ، وَأُبْقِيتُ أَنَا، أَنِّي خَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي وَصَرَخْتُ وَقُلْتُ: «آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ! هَلْ أَنْتَ مُهْلِكٌ بَقِيَّةَ إِسْرَائِيلَ كُلَّهَا بِصَبِّ رِجْزِكَ عَلَى أُورُشَلِيمَ؟».
9فَقَالَ لِي: «إِنَّ إِثْمَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا عَظِيمٌ جِدًّا جِدًّا، وَقَدِ امْتَلأَتِ الأَرْضُ دِمَاءً، وَامْتَلأَتِ الْمَدِينَةُ جَنَفًا. لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الرَّبُّ قَدْ تَرَكَ الأَرْضَ، وَالرَّبُّ لاَ يَرَى.
10وَأَنَا أَيْضًا عَيْنِي لاَ تَشْفُقُ وَلاَ أَعْفُو. أَجْلِبُ طَرِيقَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ».
11وَإِذَا بِالرَّجُلِ اللاَّبِسِ الْكَتَّانِ الَّذِي الدَّوَاةُ عَلَى جَانِبِهِ رَدَّ جَوَابًا قَائِلاً: «قَدْ فَعَلْتُ كَمَا أَمَرْتَنِي»".
وُكَلاَءَ الْمَدِينَةِ: هم الملائكة الذين كانوا موكلين على افتقاد وحماية المدينة، وتغيرت مهمتهم بسبب الخطية، فلقد أعطوا مهمة تدمير المدينة.
الضربات كانت على الشيوخ أولاً أي الكهنة "وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي"(قارن مع 1بط 4: 17،18) فمن يعرف أكثر يُطالب بأكثر. والأمر هنا أن تكون الضربات بلا شفقة.
والضربات بدأت بالكهنة فهم المسئولين عن إفساد الشعب.
وبدأت بالهيكل الذى دنسوه، فهذه الضربات إذن هي للتطهير.
ولكن الذين كان لهم السمة لا يمسوا.
وهذا ما تم مع أرميا النبي مثلاً، فلقد أكرمه ملك بابل جداً.
وقف النبي في موقف الشفيع لقلبه الحنون على شعبه.
ومن رحمة الله أنه يقبل مناقشة عبيده له. ولكن الأرض كانت قد امتلأت "جَنَفًا"
أي انحراف وفساد وخطية، ولم يعد هناك من يستحق الرحمة، فهناك شروط لقبول الشفاعة (مثل شفاعة النبي هنا)، ولكن هذه الشروط لم تكن متوفرة في هذا الشعب الفاسد.
بعد أن عرفنا الظروف التي كانت عند الشعب اليهودي في الاصحاح الثامن فإننا ندرك الآن أن ما قيل في الاصحاح التاسع عبارة عن رؤيا لما سيحدث لبعض شيوخ أورشليم (الكهنة) والشعب الذين فسدوا وضلوا وراء آلهة وثنية وعبدوها وبخروا لها وهذه أمور يكرهها الله، لذلك ترك الله أورشليم تسقط في يد أعداءها، لكن الله حفظ الذين رفضوا تلك الاعمال وحماهم، فالله لا ينسى أتقياءه.
وتأكيدا لتلك الرؤيا وجه الرب تحذيره لخمسة وعشرون شيخا من قيادات شعب إسرائيل الذين ضلوا الشعب واعملوا القتل في معارضيهم. ففي الاصحاح (11) نرى رؤيا أخرى للنبي حزقيال:
"1ثُمَّ رَفَعَنِي رُوحٌ وَأَتَى بِي إِلَى بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ الشَّرْقِيِّ الْمُتَّجِهِ نَحْو الشَّرْقِ, وَإِذَا عِنْدَ مَدْخَلِ الْبَابِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلاً, وَرَأَيْتُ بَيْنَهُمْ يَازَنْيَا بْنَ عَزُورَ, وَفَلَطْيَا بْنَ بَنَايَا رَئِيسَيِ الشَّعْبِ.
2فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, هَؤُلاَءِ هُمُ الرِّجَالُ الْمُفَكِّرُونَ بِـالإِثْمِ, الْمُشِيرُونَ مَشُورَةً رَدِيئَةً فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ. 3اَلْقَائِلُونَ: مَا هُو قَرِيبٌ بِنَاءُ الْبُيُوتِ! هِيَ الْقِدْرُ وَنَحْنُ اللَّحْمُ!
4لأَجْلِ ذَلِكَ تَنَبَّأْ عَلَيْهِمْ. تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ.
5وَحَلَّ عَلَيَّ رُوحُ الرَّبِّ وَقَالَ لِي: قُلْ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَكَذَا قُلْتُمْ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ, وَمَا يَخْطُرُ بِبَالِكُمْ قَدْ عَلِمْتُهُ.
6قَدْ كَثَّرْتُمْ قَتْلاَكُمْ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ وَمَلأْتُمْ أَزِقَّتَهَا بِـالْقَتْلَى.
7لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: قَتْلاَكُمُ الَّذِينَ طَرَحْتُمُوهُمْ فِي وَسَطِهَا هُمُ اللَّحْمُ وَهِيَ الْقِدْرُ. وَإِيَّاكُمْ أُخْرِجُ مِنْ وَسَطِهَا.
8قَدْ فَزِعْتُمْ مِنَ السَّيْفِ, فَـالسَّيْفُ أَجْلِبُهُ عَلَيْكُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
9وَأُخْرِجُكُمْ مِنْ وَسَطِهَا وَأُسَلِّمُكُمْ إِلَى أَيْدِي الْغُرَبَاءِ, وَأُجْرِي فِيكُمْ أَحْكَـاماً.
10بِـالسَّيْفِ تَسْقُطُونَ. فِي تُخُمِ إِسْرَائِيلَ أَقْضِي عَلَيْكُمْ فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.
11هَذِهِ لاَ تَكُونُ لَكُمْ قِدْراً وَلاَ أَنْتُمْ تَكُونُونَ اللَّحْمَ فِي وَسَطِهَا. فِي تُخُمِ إِسْرَائِيلَ أَقْضِي عَلَيْكُمْ
12فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي لَمْ تَسْلُكُوا فِي فَرَائِضِهِ وَلَمْ تَعْمَلُوا بِأَحْكَـامِهِ, بَلْ عَمِلْتُمْ حَسَبَ أَحْكَـامِ الأُمَمِ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ"...الخ.
هذا الإصحاح يُنهى الرؤيا التي رآها النبي ابتداء من الإصحاح الثامن، وفيه رسالتين الأولى رسالة غضب ضد الباقين في أورشليم وفي وقاحة افترضوا أنهم لن يسقطوا. والثانية رسالة تعزية لهؤلاء الذين حملوا إلى السبي مع وعود رحمة. والأولى تحمل قضاء الله المنتظر وهو يخالف حالة الأمان الزائف الذى يشعرون به، والثانية تحمل وعود بالرحمة عكس حالتهم الراهنة البائسة.
البعض يتهم اليهود بتحريف الكتاب المقدس وأنهم يستغلون نصوصه لمهاجمة أعدائهم كالنص موضوع الشبهة, رغم أن النص والعقوبة التي فيه موجهة بالأساس إلي اليهود وليس إلى باقي الشعوب!.
--------------------------------
.
.
تــــم نقـــل هذا المنتدي إلي موقع آخــــر ... 
الجمعة فبراير 28, 2014 10:41 am
