" مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ " ....
" مُتَحَيِّرِينَ ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ ."
ما ان نسلّم للرب حياتنا ونسلك في طريقه حتى تتراكم امامنا الصعاب .
أحيانا ً نتصور العكس ونتوقع ان الله سوف يطرد بقوته الشدائد من امامنا .
بولس الرسول حين كان بعيدا ً عن طريق الرب ،
سار حياته بسهولة ويسر لكنه في الدقيقة التي قبل فيها الرب تسرب الصراع الى حياته ،
صراع دائم مستمر ، نبتت الاشواك الحادة القاسية امامه ، تجمعت الشدائد والاخطار وعظمت .
ما ان بدأ المسيرة مع الرب حتى بدأ الكفاح والصراع الذي لم يتوقف أبدا ً .
ما ان خطى الطريق لحمل رسالة الخلاص للامم حتى قام عليه اليهود ليقتلوه .
هاج البحر وكاد ان يبتلعه لو لا ان ارسل الرب اليه قطعة خشب لينقذه .
ومن محاكمة الى ضرب الى جلد الى اهانة الى اتهام ظالم الى شوكة في الجسد .
ويكتب الرسول الذي يصارع التجارب والاضطهاد بضراوة وعنف في رسالته الثانية
الى اهل كورنثوس 4 : 8 ، 9 ، 10 ويقول : " مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ "
التجربة تسبب الاكتئاب للوهلة الاولى لكن سرعان ما يدرك المؤمن
انه يصارع بسبب ايمانه فيختفي الضيق والتذمر " مُتَحَيِّرِينَ ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ ."
وهذه مرحلة اخرى للصراع ، مرحلة التحير .
الحيرة ليست لعدم فهم ارادة الله بل الحيرة لمعرفة الطريق الذي نسير فيه ،
ويظهر نور الرب وسط ظلام الحيرة يرشد ويقود الى الطريق المستقيم . ثم يقول :
" مُضْطَهَدِينَ ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ " .
وفي هذه المرحلة يجثم الاضطهاد علينا ، يضغط ويثقل وتتصاعد حدته
لكننا وسط الاضطهاد نرى وجه الله ،
وسط الاتون يسير معنا فلا تحترق شعرة من رؤوسنا ،
هو لا يتركنا والمؤمن المضطهد وحده هو الذي يرى الرب يسير بجواره يعضده ويسانده
ويتوالى الصراع ويتمادى العدو في هجومه لكننا نكون " مَطْرُوحِين َ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ . " .
نعمة من الله تلحق بنا وتغلف حياتنا . قوة الله تكفينا وتحمينا وتحيينا .
ويصل المؤمن الى الذروة فيقول الرسول المضطهد :
" حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ " .
الموت يتحول الى حياة ، الهزيمة تتحول الى نصرة ،
الجلجثة تقودنا الى القيامة ، وتعود الينا قوة المسيح .