تُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ (تثنية ٦: ٥)
الإنسان الطبيعي يؤمن بوجود الله ويكرمه ومع أنه لا يعرف الخالق العظيم معرفة حقيقية يسجد له ويصلي خصوصاً حين يحصل ضيق أو خوف. ويجرب أن ير...بح بالاستقامة والطقوس، نعمة إلهه الذي لا يعرفه حقاً.
هل تحب الله؟
امتحن نفسك، كم دقيقة تصرفها يومياً مفكراً في الله؟
والجواب يظهر مقدار محبتك للخالق.
لا بد أنك تصرف أوقاتك في كتبك وعملك ومع أصدقائك، وتبذل مالاً في غذائك وملذاتك.
قارن هذه كلها بما تبذله من وقت ومال لأجل الله.
فيظهر بسرعة أنك تحب نفسك أكثر من ربك.
وكثرة محبتنا لذواتنا هي خطيتنا الرئيسية، وهي علة النزاعات في العالم.
إننا نهمل الله مرات عديدة كل يوم. فقد أصبحنا عبيداً لنزواتنا المنحرفة. ولا عجب بعد هذا أن نفشل في حفظ هذه الوصية، التي هي خلاصة العهد القديم، والتي قال المسيح أنها الوصية الأولى والعظمى.
أما نعمة النعم، فهي أن الله يقبلنا ولا يرفضنا، رغم إهمالنا وسطحيتنا لسنا نحبه نحن بل هو يحبنا. لا نستحق محبته، بل هي كشمس تشرق على الأشرار والصالحين.
وهذه الشمس ترسل حرارتها إلى قلوبنا الباردة تبعث فيها الدفء وتذيب الإنسان العتيق، وتخلق الإنسان الجديد على صورة الله.
فكر فيما عمل الله لأجلك، ويعمل حتى اليوم.
إنه خلقك ويحبك لقد علمنا بعد غزو القمر أن جوّه لا يساعد على الحياة.
فعلى هذه الأرض فقط أوجد الله الهواء للتنفس والماء للشرب والخبز للأكل.
فأين شكرك وحبك لهذا الإله المنعم ؟
أجل ان الله قد أرسل مسيحه إلى دنيانا، لكي يكفر عن خطايانا بموته على الصليب. والعجيب أنه أحبك أولاً وأنت في خطاياك، وبررك بدم ابنه الثمين، قبل أن تفكر وتؤمن به.
إن أدركت في المصلوب محبة الله، وقبلته مخلصاً، وغافراً يسكب الله محبته في قلبك بالروح القدس. حتى إن كنت غير مستطيع أن تحب الله عملياً، يخلق المحبة في قلبك القاسي، فيصير قلباً نقياً يعاين الله ويسر بناموسه.
اسجد لله وأعطيه مجداً، لأنه يحبك وقد أعد كل شيء ليخلصك ويقدسك ويكملك :
اَللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيه» (١يوحنا ٤: ١٦)
وإنه لامتياز عظيم أن يرتبط الخالق معك بعهد المحبة الأزلي، وسمى نفسه إلهك وربك وأباك. آمن بهذه الكلمة فتخلص. ويقول لك :
مَحَبَّةً أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَةَ» (إرميا ٣١: ٣)
ما هو شكرك، لأجل غنى هذه المحبة.
هل تفكر في الرب إلهك، وتقرأ كلمته يومياً، وتتحدث إليه في الصلاة، وترفع إليه ذبيحة الحمد التي تمجده؟
هل أصبح هذا الإله المحب محور تفكيرك، ومركز اهتمامك الكلي؟
هل تعترف به قدام الناس وتخبرهم كم صنع بك ورحمك؟
أتم شكرك ومحبتك لله لأنه وهبك ذاته. فعملاً بالوفاء يجب أن تهبه ذاتك. إنه لم يحبك ٥٠ بالمائة ولا ٩٨ بالمائة بل مائة في المائة. ولهذا وجب عليك أن تبادله الحب بنفس النوع والمقدار.
هذا المستوى الروحي في التسليم والولاء لله، يساعدك روح الله لتتميمه. وهو يريد فعلاً أن يحل بالمسيح فيك، لكي يؤصلك ويؤسسك في المحبة. وحينئذ تصير أنت ووقتك ومالك، عاملاً بإرشاد روحه القدوس.
إن أحببت الله هكذا يجعلك رسول محبة، لتظهر حبه بين الفقراء والجهلاء، والدنسين والأعداء، كما كان ابن الله، حين هبط من السماء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك.
اذكر قوله له المجد في يو م الدينونة :
الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ» (متّى ٢٥: ٤٠)