ا يستند هذا المقال الى مقتطفات من كتاب "مصر الروسية" بقلم فلاديمير بيلياكوف
يعود تاريخ دير القديسة كاترين الى مطلع القرن الرابع اي قبل اعتراف الامبراطور
الروماني قسطنطين رسميا بالدين المسيحي واعتناقه المسيحية .
. ذاع حينذاك صيت امراءة مسيحية من الاسكندرية اسمها كاترين اشتهرت بقدرتها
على احالة الكفار الى الدين المسيحي
. وحاولت سلطات الاسكندرية اقناعها بالتخلي عن رسالتها السامية، فرفضت،
وحكم عليها بالاعدام. لكن جثمانها - كما قيل- اختفى بعد موتها وظهر على جبل سيناء
. وقيل ايضا ان الملائكة هم الذين نقلوه الى هناك على اجنحتهم.
وضعتها الكنيسة المسيحية في منزلة القديسين وانشأت دير على جبل سيناء تخليدا لذكراها.
ومنذ ذلك الحين صار المسيحيون من العالم المسيحي كله يقومون بالحج الى دير القديسة.
لكن الصعود الى الجبل الذي هو اعلى من جبل موسى ب 400 متر كان محفوف بمخاطر
. لذلك شهد القرن العاشر الميلادي انزال بقايا القديسة الى كنيسة مسيحية
واقعة بالقرب من الجب حيث تم تشييد دير القديسة.
تعزو الاسفار الروسية اول حج قام به الروس الى دير سيناء الى الراهب أغريفيني
الذي زار الدير عام 1370
. وكان الحج الى الاماكن المقدسة في فلسطين وسيناء من روسيا
في تلك الحقبة مأثرة حقيقية، وكان يستغرق سنوات.
وبقي الكثير من الحجاج في الصحراء دون ان يعودوا الى الوطن.
وقام زوسيما شماس كاتدرائية الثالوث والقديس سيرغي
بضواحي موسكو عام 1419 بالحج الى سيناء.
واستطاع العودة الى روسيا حيث اصدر كتابا اطلق عليه عنوان "رحالة".
وكتب الرحالة الروسي يليسييف في كتابه "الطريق الى سيناء" عام 1881
انه لقي فلاحين روس مرتدين ازياء روسية تقليدية بقمصانهم الحمراء
وجزماتهم الجلدية على شاطئ البحر الاحمر
. وقال يليسييف ان ميزة الحجاج الروس هي البساطة الايمان بالله
وامكاناتهم الشخصية وعدم المبالاة بالمصاعب والعقبات،
الامر الذي اعجب المصريين كثيرا، لذلك لم يتعرضوا لاعتداءات أونهب في معظم الاحوال
. اعلن القياصرة الروس انفسهم بعد انهيار الامبراطورية البيزنطية في القرن الخامس عشر الميلادي
رعاة رئيسيين للدين الارثوذكسي المسيحي. وتحول دير القديسة كاترين في سيناء الى عنايتهم الخاصة،
حتى اعلنت روسيا عام 1689 رسميا رعايتها للدير
وذلك بسبب ان كاترينا تعتبر احدى القديسات الاكثر عبادة في روسيا.
علما ان وسام القديسة كاترينا كان اعلى وسام يقلد للنساء الروسيات قبل عام 1917
. و تخليدا لهذا الحدث تم تصنيع تابوت خاص لبقايا القديسة كاترين
يحتفظ به لحد الآن في مذبح الكنيسة الارثوذكسية بدير السيناء.
وكان من المعتقد حتى زمن غير بعيد ان احدى الايقونات بريشة الرسام القديس اندريه روبليوف
تحفظ في دير القديسة كاترين.
واتضح في اواخر القرن العشرين ان اقدم ايقونة تحفظ في الدير يعود
زمانها الى القرن السادس عشر فقط ، علما ان الرسام القديس اندريه روبليوف
كان يعيش في نهاية القرن الرابع عشر ومطلع القرن الخامس عشر
. لكن دير سيناء كان قبل منتصف القرن التاسع عشر يمتلك تحفة نادرة جدا
يمكن مقارنتها بتحف الفاتيكان وهي مخطوطة العهدين القديم والجديد
باللغة الاغريقية القديمة الذيين يعود تاريخهما الى القرن الرابع الميلادي
والذي عثر عليها في دير القديسة كاترين. وقد سلم رهبان الدير المخطوطة
الى روسيا لدراستها شريطة ان تعاد فيما بعد الى الدير.
لكن لم يكتب للمخطوطة العودة الى مكانها الاصلي لان
روسيا لم ترغب في اعادتها الى الدير. وبدأت المباحثات مع راعي الدير اسفرت عن توقيع اتفاقية
اهداء المخطوطة التي اطلق عليها ميثاق سيناء لروسيا
. وقد اصدر الامبراطور الروسي الكسندر الثاني عام 1869 مرسوما
يقضي بمنح الدير لقاء ذلك مبلغ قدره 9 آلاف روبل روسي.
وانفقت هذه الاموال لانشاء برج اجراس في الدير
. لكن روسيا لم تعد تمتلك هذه المخطوطة بسبب ان الحكومة السوفيتية
باعتها عام 1933 للمتحف البريطاني مقابل 100 الف جنيه استرليني.
جدير بالذكر ان الدير استطاع الاحتفاظ الى جانب تلك المخطوطة المقدسة
بعدد كبير من الكتب والمخطوطات النادرة والقيمة جدا،
وبينها مخطوطات قديمة باللغة الروسية يعود تاريخها الى القرنين السادس عشر
والسابع عشر ومقطتفات من المخطوطات المسيحية باللغة الجورجية
القديمة يعود تاريخها الى القرنين التاسع والعاشر الميلاديين.
واخيرا فان دير القديسة كاترين يشتهر بعلّيْقة موسى التي تذكر في العهد القديم
والتي تنبت هنا داخل جدرانه بالقرب من جبل سيناء. وتجتذب عليقة موسى الحجاج
من أنحاء العالم المسيحي كله الذين يحضرون الى الدير لعبادتها
. إعداد وترجمة يفغيني دياكونوف.