ورجع يسوع بقوة الروح إلى الجليل
✞✞✞✞✞✞✞✞✞✞✞✞✞✞
لقد سكن الرب البرية وصام عنا وجرب من الشياطين وهناك فاز بالنصرة لنا،
وسحق رأس التنين، لقد ساد على الشيطان ووضع الإكليل على طبيعة الإنسان في شخصه المبارك
بالغنائم التي اغتنمها بنصرته، ثم عاد إل...ى
الجليل ليمارس سلطانه وقوته ويجرى العجائب ويصنع المعجزات لأنه ابن الله.
لقد إنهزم الشيطان وغلب من المسيح في ثلاث مواقع التجربة على الجبل ويسوع
لم يكن وحده يجرب. بل كان لابسا جسدنا متحدا بنا،
كنا فيه ومعه وحين ندخل التجربة اليوم لا ندخلها وحدنا، وهو يجرب معنا وفينا،
يقول الكتاب (ولما اكمل إبليس كل تجربة فارقه إلى حين)
أي ليستأنف التجربة معه فيما بعد، وهو يتقدم الينا يمجد اسمه فينا فجين يجربنا الشرير
لا يكون هدفه ان يهزمنا فقط بل ان يعبر المسيح الغالب والساكن فينا فنحن في الجهاد والحرب
مع الشيطان لا ننتصر بقوتنا بل باسم رب الجنود الذي يحارب معنا وهو المجرب فينا
والمنتصر لحسابنا ايضا ولا يمكن ان تتم النصرة إلا إختبر الإنسان الفداء وإقتنى المؤمن
قوته من سر التناول، ليمضى المؤمن ويقول للسيد المسيح (تقدم انت) (تث 5: 27)
وواجه هذا التعيير، وإنتصر معى ولحسابى، وكل تجربة هي إمتحان لبنوتنا لله،
فلنحترس إذن لاننا ابناء الله.. وتعلمنا الكنيسة انه لن يكون الصوم بالامتناع عن الطعام
بقدر ما يكون بالشبع الروحي من طعام الحياة جسد الرب ودمه لان ملكوت الله ليس اكلا ولا شربا،
وليست العبادة مظاهر اجتماعية أو إستعلاء على الآخرين،
نحن كخدام نخدم في القرى والاحياء النائية علينا في هذا الصوم ان نوصى من نخدمهم بضرورة
وحتمية التقدم للاسرار الالهية خلال فترة الصوم،
علينا ان نقدم المسيح الذي فيما هو مجرب قادر ان يعين المجربين،
وان ننقل الحياة الكنسية المقررين من خلال العظات والكلمات وتحفيظ الترانيم
ومدائح الصوم الكبير ليشبع الجميع بالروح ولنعلم ونعيش واثقين ان غلبة آدم الثاني
ربنا يسوع المسيح لعدو جنسنا الشيطان تمت للإنسانية المتألمة لتصير خبرة
حياة كل مؤمن بالمسيح ويقبل كلمة البشارة،
وهذه هي صورة آدم الاول النفسانى الترابى الذي هو علة السقوط وآدم الثاني
المحيى السماوى الذي هو موضع النصرة،
ان تجارب الشيطان توجه بالاكثر ضد الذين تقدسوا،
لأنه يشتاق بالاكثر ان ينال النصرة على الأبرار.
ويعلمنا السيد المسيح ان لا ندخل في حوار الشيطان لان آدم الأول ضل وإنهزم
بسبب دخوله في حوار مع الشيطان الذي خدعه هو وحواء برجاء كاذب
وأقصاهم عن الخيرات الحقيقية، ولكن المسيح رب المجد آدم الثاني رفض مشورة الشيطان -
مع أن في قدرته ان يفعلها- حتى يعلمنا ان نرفض فعل أي شيء إرتجالا أو عبثا..
ونعلم ان المسيح كان حريصا على إخفاء لاهوته في حواره مع الشيطان،
لقد إتخذ المسيح جسد طبيعتنا واتحد بنا في علاقة حياتية حميمة كيانية
وليس هناك من سبيل على الإطلاق للتمتع بكنوزه المذخرة لنا إلا بالتلامس الإختبارى معه،
ان السيد المسيح صام عنا ولأجلنا وما تم في التجربة إنما هو لأجلنا ولكي يعلمنا (تعلموا منى)
انه ليس تعليم الدرس والتلقين ولكن تعليم الخبرة والممارسة والتذوق والتلامس والإختبار،
ولابد ان نتلامس ونمارس ونختبر ليصير التعليم حياة وخبرة فعالة نعيشها
لأن يسوع صام عنا أربعين يوما وأربعين ليلة ولانه يهدف إلى تعليمنا من كل ما عمله وأجتازه..
نعم اننا نحمل الاسلحة لا لنكون عاطلين بل لنحارب بها، فصوم الرب أربعين يوما
يدلنا على أدوية الخلاص، وأصر المسيح على ان لا يصوم أكثر من موسى وايليا
لئلا نشك في أنه أخذ جسدنا (جسد مثلنا)
ولقد سمح المسيح لنفسه أن يجرب وهو ابن الله لكي يعيننا فننتصر في التجارب
ليس فقط بقدرتنا ولم بمعونته وقدرته (لأنه في ما هو قد تألم مجربا يقدر أن يعين المجربين)
(عب 2: 18) لقد إحتمل ان يجرب من الشيطان لكي نتعلم فيه كيف نظفر به،
لقد جاع في البرية حتى ما يكفر بصومه عن الطعام الذي ذاقه آدم الأول بعصيانه،
فلنتبع إذن آثار خطواته ونحن نعبر من البرية إلى الفردوس،
فالآن ها هو المسيح في البرية يدفع الإنسان اليها ليعلمه ويشكله ويدربه،
لنتعلم ان نغلب في المسيح ما سبق ان غلب به آدم..
انظروا اسلحة المسيح التي ظفر بها لاجلنا، انه لم يستعمل قوته كإله لانى ماذا كنت أفيد من ذلك!
وهو قد اظهر ايضا في نفس الوقت بقوله (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان)
انه تجرب بالجسد الذي أخذه وسرقة مجد الله ولنهرب من كل ما هو تحت سيادة إبليس وعبوديته المرة،
لقد قام لنا السيد نفسه نموذجا لمصارعة تجارب إبليس والانتصار عليه في تجربته المثلثة على الجبل،
وهو الآن يغلب عدو الخير الذي يحاربنا عندما يقف بجوارنا يقوينا ويسندنا في تجاربنا،
ولا ننسى ان عدو الخير لم ييأس من فشله هذه المرات الثلاث امام المسيح لكنه تركه إلى حين،
ان الرب اعطانا في تجربته على الجبل كيف نستطيع ان ننتصر،
فهو قائدنا الذي سمح لنفسه بالتجربة حتى يعلمنا نحن اولاده كيف نحارب العدو الشرير،
لقد غلب تجاربنا بتجاربه، وذهب المسيح إلى الشيطان بحسب قول القديس يوحنا فم الذهب،
فالمعركة ضد إبليس من اجلنا ولحسابنا،
فالمسيح صام ليقدس اصوامنا بصومه كالأم التي تتذوق الدواء امام طفلها المريض
حتى يشرب منه، من اجل هذا تقدس الكنيسة هذا الصوم بكونه قد تقدس بصوم السيد نفسه،
وتقدم موضوع التجربة في قراءات الاسبوع الثاني من الصوم لتعلن لاولادها
انه حيث يوجد الجهاد تقوم الحرب وحيث توجد الحرب يلزم الجهاد الروحي.
وعلينا ان ننتبه كخدام إلى التجربة الثالثة التي تمس العبادة ذاتها لان العدو يقدم لنا كلمات الكتاب مشوهة ليحول عبادتنا وخدماتنا إلى شكليات وإستعراضات ورياء حتى عرض ان نصعد منطلقين نحو السماويات ننطرح من جناح الهيكل إلى اسفل لان الشكل والرياء تحول عن الغاية الحقيقية التي هي خلاص نفوسنا والذين يسمعوننا أيضا.. لقد انتصر المسيح لحسابنا، لندوس العدو بالاقدام ولنسهر اذن على خلاص انفسنا، والمسيح الهنا الذي غلب العالم والشيطان يحفظنا بلا لوم لحين ظهوره