المسيح أمام هيرودس...لماذا فرح هيرودس ؟
ولماذا صمّت الرب يسوع أمامه؟
جاء في انجيل لوقا عن محاكمة السيد المسيح أمام هيرودس
( فَلَمَّا سَمِعَ بِيلاَطُسُ ذِكْرَ الْجَلِيلِ، سَأَلَ: «هَلِ الرَّجُلُ جَلِيلِيٌّ؟»
7 وَحِينَ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ سَلْطَنَةِ هِيرُودُسَ، أَرْسَلَهُ إِلَى هِيرُودُسَ،
إِذْ كَانَ هُوَ أَيْضًا تِلْكَ الأَيَّامَ فِي أُورُشَلِيمَ.
8 وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ فَرِحَ جِدًّا، لأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ مِنْ زَمَانٍ طَوِيل أَنْ يَرَاهُ،
لِسَمَاعِهِ عَنْهُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، وَتَرَجَّى أَنْ يَرَي آيَةً تُصْنَعُ مِنْهُ.
9 وَسَأَلَهُ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ.
10 وَوَقَفَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ بِاشْتِدَادٍ،
11 فَاحْتَقَرَهُ هِيرُودُسُ مَعَ عَسْكَرِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ، وَأَلْبَسَهُ لِبَاسًا لاَمِعًا، وَرَدَّهُ إِلَى بِيلاَطُسَ.
12 فَصَارَ بِيلاَطُسُ وَهِيرُودُسُ صَدِيقَيْنِ مَعَ بَعْضِهِمَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ،
لأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ قَبْلُ فِي عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا.
13 فَدَعَا بِيلاَطُسُ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالْعُظَمَاءَ وَالشَّعْبَ،
14 وَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ قَدَّمْتُمْ إِلَيَّ هذَا الإِنْسَانَ كَمَنْ يُفْسِدُ الشَّعْبَ.
وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هذَا الإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ.
15 وَلاَ هِيرُودُسُ أَيْضًا، لأَنِّي أَرْسَلْتُكُمْ إِلَيْهِ.
وَهَا لاَ شَيْءَ يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ صُنِعَ مِنْهُ......لوقا 23 )
فرح جداً هيرودس لما راّك ، لكنه لم يكن الفرح الناتج عن الأيمان بل كان فرحه نبعه غريباً ،
اذ اعتبر هذه لفتة كريمة من بيلاطس اذ كان كلاهما في عداء بسبب
لان بيلاطس سبق وذبح الجليلين رعايا هيرودس وخلط دمهم بذبائحهم في اورشليم
فرح هيرودس لان ضميره كان يهيج أحياناً بسبب قتله للمعمدان
وكان يعتبرك صديقه ولعله فكر ان يطلقك ليريح ضميره من جهة
قتله للمعمدان وربما تخيل أنك المعمدان قمت من الاموات
فرح لانه كان مغرماً بكل شيء جديد ، فترجى ان تصنع اّية ،
وهل تحدث الاّيات والمعجزات لأشباع فضول الناس ؟
فرح بزهو وكبرياء اذ راّك يا من أقمت لعازر من الموت مقيداً امامه ،
كان يريدك ان تتملقه كشعبه الذين تملقوه بينما كانوا يكوهونه جداً
كان هيرودس يطلب أن يرى يسوع (لو 9: 9 )،
وكان يريد ذلك من زمانٍ طويل
"لسماعه عنه أشياء كثيرة وترجَّى أن يرى آية تُصنع منه" (لو 23: 8 ).
وبلا شك كان يعتقد أن المسيح سوف ينتهز فرصة محاكمته أمامه
ويستعرض أمامه قدرته ويزيد من دهشته وإعجابه.
وتكلم هيرودس مع يسوع المسيح، وسأله عدة أسئلة،
ولعله نسي تماماً الغرض الذي من أجله أرسله إليه بيلاطس،
وراح يتكلم عن أمور كثيرة ولعلها أمور تتصل بالتدين والديانة،
وما أكثر كلام أولئك الذين هم بلا دين عن الأمور الدينية.
وما أكثر الذين يحبون أن يسمعوا وعاظاً ويكرهون أن يسمعوا كلمة الوعظ.
ولن تجد لساناً أفصح وأبلغ من لسان الأدعياء المُرائين.
وفرغ هيرودس من كلامه، وانتظر ماذا يقول المسيح وظل ينتظر، ولم يُجبه المسيح بكلمة واحدة.
صمّت يا ربي ...لذلك يصمت العاقل في الزمان لانه زمان رديء
صمّت يا ربي ....لأن هيرودس لم يتضع وتستقم صلاته كعطر أماك
صمّت يا ربي ...حتى لا يعطل هو بجهله أو عدم حكمته أمر الصليب الذي جئت اليه
صمّت يا ربي ...كما قال القديسون لأنك كنت تستمع لصوت المعمدان صارخاً اليك من الأرض
صمّت يا ربي ...لأنك كنت حزيناً على تعديات هيرودس
وقيل " بكاّبة الوجه يصلح القلب " لكن هل اصلح قلب هيرودس ؟
صمّت يا ربي ...لأنك كشاة تساق الى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها لم تفتح فاك
صمّت يا ربي ...تترك صوت المعمدان القتيل يجلجل في تلك القاعة قائلاً:
"لا يحل أن تكون لك امرأة أخيك
لقد أُرسل المسيح إلى هيرودس لكي يُحاكم، ولكن هيرودس لم ينظر القضية،
وكانت هذه فرصة سانحة أمام المسيح لكي يخرج حراً.
كان يمكنه أن يصنع معجزة يُشبع بها لهفة هيرودس
ويخرج من أمامه مُحملاً بالهدايا موفور السلامة من ظلم اليهود.
لكن يسوع المسيح لم يفعل قط معجزة واحدة لأجل مصلحته الشخصية.
ولم يكن معقولاً على الإطلاق أن يُجيب رغبة هيرودس.
لقد كان المسيح يعرف جيداً مقدار اهتمام هيرودس بالأمور الدينية وأنه اهتمام ظاهري،
وأنه يتكلم عن الروحيات بشفاه نجسة، لذلك لم يُجب على كل ما قاله هيرودس بكلمة واحدة.
وأيضاً لا يُجيب على أمثال هيرودس وإنهم لكثيرون،
هؤلاء الذين يكرهون الاختلاء بأنفسهم لكي لا تنكشف لهم مآسي شرورهم.
ولعل قارئاً يقول إن المسيح كان يجب أن يتكلم
وأن لا يدع الفرصة تمر دون أن يحرك ضمير هيرودس ليوقظه
ويبصّره بطريق الحياة ويفتح عينيه على خطاياه.
ونحن نقول إن صمت يسوع المسيح كان أبلغ من الكلام.
ولو أن بقية من ضمير بقيت عند هيرودس لتحرك هذا الضمير من تلك النظرات الفاحصة
ومن ذلك الجلال المهيب لقد احتقرك يا رب هيرودس مع عسكره
يا رب واستهزأ بك وألبسك لباساً لامعاً وردك الى بيلاطس ثانية
واظهر بتصرفه هذا كل ما كان بفلبك من ناحيتك
هو يصرخ الان من الهاوية طالباً أن ترسل له المعمدان ليبرد لسانه المعذب
في اللهيب ويطلب فرصة اخرى ليسقط عند قدميك طالباً مراحمك لكن من يعطيه ؟
ليته صرخ مع أبو الأباء يعقوب قائلاً
" لا أطلقك أن لم تباركني "
ليته طرح رداء كبرياءه طالباً أن تكسوه برداء الخلاص
بدل الثوب اللامع الذي ألبسك اياه ...
ليته فعل