أحب الله الانسان , أحبه هذا القدر من الحب حتى
" أفرغ ذاته متخذاً صورة عبد " (فليبي7:2) .
لم يدعه قريباً منه فقط , لم يدع الانسان العبد للخطيئة الذي أحبه .
لقد نزل من السماء و فتش عن الخاطىء, عن المجرم , عن المُدان , عن الضائع .
فالله الغزير الرحمة يزور روح الانسان وبزيارته يفصح عن شوقه
و محبته اللذين يكنهما نحوه .
وعندما يرى أن الخاطىء الذي أحبه لا يقبله فإنه لا يبتعد عنه فوراً
ولا يتأفف إذا شتمه ولا يهرب عندما يرى أن من جاء ليخلصه يهينه بل يبقى خارجاً أمام باب النفس .
لا يتأفف من هذا الموقف المخزي لأنه أحبه كخاطىء و قد دفعته محبته ليصير انساناً مثلنا ,
يتألم و يتعذب و يموت فوق الصليب من أجل المحبوب .
أهناك ما هو أقوى من هذا التعبير عن المحبة ؟
ان المخلص , وهنا الغرابة و العجب ,
استمر يحمل آثار جراحاته حتى بعد أن عاد إلى الحياة ,
احتفظ المخلص بجراحات الصليب ولم يرد أن يتخلى عنها حباً بالانسان .
ليبقى واضحاً للجميع أن جنبه قد طعن بحربة من أجل العبيد و أنه صلب من أجلهم .
يعتبر السيد آثار المسامير التي بقيت في جسده مجداً لله .
أتقاس محبة بالمحبة التي أظهرها و يظهرها المسيح نحونا ؟ من أظهر محبة كهذه المحبة ؟ أين حنان الأم من حنانه ؟ من أحب عاقاً واستمر على حبه ؟ من احتفظ بالجراحات التي قبلها محبة بالعاق ؟ يحتفظ المسيح بآثار الجراحات حتى و هو جالس على العرش السماوي كملك ممجد حباً بنا .
القديس نقولا كاباسيلاس
من كتاب الحياة في المسيح