بالصليب أخذ المسيح على ذاته خطيئتنا!
**************
نرى أن الرب يسوع المسيح، لكى ينقذنا من الخطيئة التي أصبحنا نئن تحت وطأتها، شاء أن يأخذها على نفسه، لا أن يأخذها هي بل أن يحتمل في ذاته نتائجها المريعة حبا بنا.
إن المحب يود لو أنه يستطيع أن يأخذ على نفسه مرض المحبوب ليخلصه من وطأته.
ولكن ما لا يستطيع أن يفعله الحب البشري، استطاع أن الرب يسوع المسيح أن يتممه إذ أنه، لأجل محبته لنا، أخذ على نفسه مرضنا لينقذنا منه: "لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا" (أشعياء 53: 4).
ولكي يتم ما قيل بإشعياء النبي: "هو أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا" (متى 8: 17).
فإنه وهو البريء من كل خطيئة، أخذ على نفسه كل الشقاء الذي جرته الخطيئة على الجنس البشري:
"نبت قدامه كفرخ وكعرق من أرض يابسة لا صورة له ولا جمال فننظر إليه ولا منظر فنشتهيه.
وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا"
(أشعياء 53: 2، 5).
وكانه متروك من الله نفسه: "إلهي إلهي لماذا تركتني؟"
(متى 27: 46)،
حاصلا في ظلمة وحزن مميتين: "نفسي حزينة جدا حتى الموت" (متى 26: 38).
هكذا تجسمت في المسيح - وهو لم يعرف خطيئة - كل مأساة خطيئة البشر:
"كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا" (أشعياء 53: 6).
وكأنه صار هو "خطيئة" على حد تعبير الرسول بولس:
"لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا"
(2 كورونثوس 5: 21).
وهكذا فإن يسوع المسيح على الصليب ظهر لله الآب مجسما
في جسده الجريح، الممزق، المختنق، وفي نفسه المنسحقة،
بشاعة كل خطيئة البشر التي أخذها على نفسه فصار شفيعا للخطأة أجمعين عندما وحد ذاته معهم: "
لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة من أجل أنه سكب للموت نفسه,
وأحصي مع أثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين"
(أشعياء 53: 12).
ذلك أن الآب لم يعد ينظر إلى الخطأة إلا من خلال هذه الصورة،
صورة ابنه الوحيد الحبيب المصلوب الذي جعل نفسه كواحد منهم.
وبهذا المعنى يتابع الرسول بولس: "لأنه جعل الذي لم يعرف خطية،
خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه" (2 كورونثوس 5: 21).
أي أن الله تصالح مع البشر الخطأة وغفر خطاياهم وبررهم وضمهم إليه
من خلال شخص الابن الوحيد الحبيب الذي وحد ذاته معهم.
هكذا كان الحمل الذي كان يذبح في الهيكل صباحا ومساء تكفيرا عن خطايا الشعب
رمزا وإشارة إلى المسيح الذي قال عنه يوحنا المعمدان: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم"
(يوحنا 1: 29).
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †