**********
"الله الذي هو غني في الرحمة" (أفسس 2 : 4)
إن كل يوم يمر علينا في هذه الحياة هو تعبير عن رحمة الله لنا.
لو أعطانا الله كل ما نستحقه، لكنا جميعا الآن تحت الدينونة للآبد.
يصرخ داود في (مزمور 51: 1-2) "إرحمنى يا الله، ارحمني يا الله حسب رحمتك حسب كثرة رأفتك امح معاصي اغسلني كثيرا من إثمي ومن خطيتي طهرني".
إن التضرع إلى الله طلبا للرحمة يعني أن نطلب منه إيقاف الدينونة التي نستحقها ومنحنا بدلا منها الغفران الذي لا نستحقه بأي شكل من الأشكال.
لقد كنا امواتا في الخطايا، ضعفاء، قاصرين عن خلاص أنفسنا. ولكن الله الذي
هو غني في الرحمة تدخل ليخلصنا ويحمينا. ما اعظم هذا الإله الغني الكامل،
فلم يكن إلها رحيما فحسب، بل غنيا في الرحمة إذ أظهر ذلك من خلال إنقاذنا
من بؤسنا وتعاستنا وذل خطيتنا وموتنا الأبدي، فأعطانا حياة ابدية.
رحمته الغنية التي نبعت من قلبه المليء والفائض بالمحبة من نحونا:
"من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح - بالنعمة أنتم مخلصون" (أفسس 2 : 4-5).
ما أعجب هذا الإله، فهو غني أيضا بنعمته، فإنه لم يكن فينا شيء صالح أو طيب يستميل قلبه، بل هي النعمة الغنية الفائقة التي أدركتنا، لذلك نستطيع أن نرنم ونقول: "يا قوتي لك أرنم لأن الله ملجأي إله رحمتي" (مزمور 59 : 17).
رحمته ترافقنا ونحن نجتاز ظروف الحياة من كل جهة، إنها رحمة تتقدمنا في كل ما يواجهنا من صعاب وفشل ومشقات، وتنقذنا من بؤسنا وضعفنا عندما تلاحقنا قوة العدو أو حتى حينما تحيطنا التعاليم الشريرة، "لأن رحمة الله هي كل يوم" (مزمور 52 : 1).
لنتشجع معا بهذه الرحمة التي لا تزول.
"إنه من إحسانات الرب أننا لم نفنى لأن مراحمه لا تزول هي جديدة في كل صباح" (مراثي ارميا 3 : 22).
إنها رحمة تتقدم الى اعوازنا الشخصية إذا، فنستطيع أن نقول مع بولس:
"فلنتقدم بثقة الى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونا في حينه"
(عبرانيين 4 : 16).
مهما طالت فترة مكوثنا في البرية ودوراننا فيها وشعرنا بقساوتها وجذوبها،
فما زالت رحمة الرب طول الأيام. "انما خير ورحمة يتبعانني كل ايام حياتي" (مزمور 23 : 6).
***
عزيزي القارىء: هل تشعر بالوحدة؟ بالإضطهاد؟ بالرفض؟ هل تتصارع مع الخطية؟ تريد ان تتركها ولا تستطيع؟ هل فقدت عزيز على قلبك؟
قل كما قال داود في (مزمور 25 : 16) "إلتفت الي وارحمني لأني وحد ومسكين أنا"، حينها يلتفت الرب بنظرته المليئة بالرحمة الغنية، يفرج كل ضيقة ويخرجك من الشدائد ويحفظ نفسك وينقذك من ضعفك وخطاياك لأن كل سبله رحمة.
ما أروع أن نتذكر في كل صباح مراحمه وإحساناته ونرددها فهي تبعث فينا الرجاء والفرح وقوة الشكر حتى في الظروف الحالكة. "بمراحم الرب أغني إلى الدهر لدور فدور أخبر عن حقك بفمي لأني قلت إن الرحمة إلى الدهر تبنى السموات تثبت فيها حقك" (مزمور 89 :1- 2).
إن كنت تمر في ضيق، مصائب أو ظلم، قل له:
"إرحمني يا الله إرحمني لأنه بك إحتمت نفسي وبظل جناحيك أحتمي إلى أن
تعبر المصائب" (مزمور 57 : 1).
الرحمة أيضا تحيط بنا في الايام الأخيرة:
"... منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية" (رسالة الى يهوذا 21).
فإن لحظة مجيء الرب ليأخذنا إليه وينتشلنا من نيران الشر هي الرحمة الأخيرة والنهائية التي سنتمتع بها.
عزيزي القارىء، مهما كان ضعفك حتى لو وصلت إلى ذروة الفشل واليأس فعندما تصرخ إليه "يا رب ارحمني" فإنه يقوم ويرحم لأنه كثير الرحمة ومراحمه من جيل الى جيل!
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †