جاء في الكتاب المقدس عن السيد المسيح وهو في بستان الألام ليلة القبض عليه من اليهود........ ((ثم قام من الصلاة وجاء إلى تلاميذه، فوجدهم نيامًا من الحزن. فقال لهم: لماذا أنتم نيامٌ؟ قوموا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة .....لو 22: 45 ، 46))
أتت ساعة المسيح. ففي جثسيماني تمثلت أمامه كأس غضب الله ضد الخطية التي كان عليه أن يشربها في الجلجثة عن آخرها دون أن يترك منها شيئًا لنا.
لقد اجتاز المعركة وحده، وصار عرقه كقطرات دمٍ نازلة على الأرض، وظهر له ملاك من السماء يقويه، من فرط الألم والحزن.
وهذه الحوادث كم هي مجيدة، وكم هي معروفة لنا جيدًا حتى أننا نمر أمامها في بعض الأوقات دون أدنى اكتراث، بينما كان من المفروض أن يكون لها أعمق الأثر في نفوسنا كلما قرأناها، ولكن ربما نحن نيام.
كان من المستحيل أن يشارك التلاميذ سيدهم في آلام جثسيماني، فلم يكن في المعركة سوى الرب بمفرده، وهو لم يفتش عن معاونين له، لكنه لم يجد «انتظرت رقة فلم تكن، ومُعزين فلم أَجد» ( مز 69: 20 ).
وكان من الواجب على التلاميذ أن يسهروا مع الرب، ولكنهم كانوا نيامًا من شدة الحزن.
كان سيدهم يجتاز الآلام وهو في شركة مع الآب، وكان من العسير عليهم أن يدركوا مجد اللحظة التي يعيشون فيها، ولا الخطر الذي كانوا يتعرضون إليه، فكرر الرب إليهم هذا القول: «قوموا وصلُّوا لئلا تدخلوا في تجربةٍ».
إنهم دائمًا أمام فكره. وهو لا يوجه إليهم اللوم، بل يقول لهم بكل رِفق: «لماذا أنتم نيامٌ؟». كان لزامًا عليهم أن يسهروا وذلك لمصلحتهم الشخصية.
«إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم، فإن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنَّا» ( رو 13: 11 ).
إن كان هذا الكلام صحيحًا في أيام الرسول بولس، فكم تكون الحاجة الآن إلى الاستيقاظ حتى إذا ما هاجمتنا التجربة، نكون على استعداد لمواجهتها.
إن الصعاب، والأحزان المختلفة لا يمكن أن تكون عذرًا لنا لحالة النوم. وإذا كنا نيامًا فلنسمع الكلمات الرقيقة التي يرددها الرب الذي أحبنا ومات لأجلنا «لماذا أنتم نيامٌ. قوموا وصلُّوا لئلا تدخلوا في تجربة».
للأسف! كما كانت الحال مع التلاميذ هكذا هي الحال مع كثيرين من شعبه في هذا الوقت العصيب جدًا. فبدلاً من أن يُصلّوا، هم غير مبالين ونيام روحيًا.
وبدلاً من أن يؤدوا شهادة جريئة لسيدهم المرفوض، نراهم صامتين، وبدلاً من أن يحملوا عاره، نراهم لا يتحركون إزاء ما يُقال وما يُعمل ضده. «لماذا أنتم نيام؟ قوموا وصلوا».
ليتنا نعي هذه الكلمات التي نطق بها فم الرب، وليتها ترن مدوية في أسماعنا وقلوبنا، لتوقظنا من استخفافنا وفتورنا. فما أحوجنا إلى النهوض في هذه الأيام لنعترف بالرب أمام الناس من ناحية، ولننفصل عن أعداء ربنا وصليبه من الناحية الأخرى. نعم ما أحوجنا لأن ننهض للعيشة بأكثر أمانة وبأكثر تكريس لسيدنا.