سرّ السبت والأحد
"إنَّ موسى العظيم قد سبق فرسم هذا اليوم سرِّيّاً بقوله:
وبارك اللهُ اليومَ السابع، لأنَّ هذا هو يوم السَّبت المبارك، هذا هو يوم السكون والراحة
الذي فيه استراح ابنُ الله الوحيد من كلّ أعماله، لمّا سَبَتَ بالجسد بواسطة سرّ التدبير الصائر بالموت.
وعاد أيضًا بواسطة القيامة إلى ما كان. ومنحنا حياةً أبديّة بما أنه صالحٌ ومحبّ للبشر".
"وبارك الله اليوم السابع وقدّسه" (تك 2: 3)
كيف أنه بارك ذلك اليوم الذي فيه لم يصنع شيئاً؟!
هذا "لأنه فيه استراح الله من كلّ أعماله التي بدأ يتمّمها" (تك 2: 3 ب).
توقّف عن عمل الحسّيات ليعود إلى الراحة عمّا هو على الأرض ويتطلّع إلى ما يفوق العالم الحسّي المادّي.
يوم السبت إذاً هو يوم الراحة، يوم الارتفاع إلى الله اليوم الذي قال فيه الربّ
عن الجنس اليهودي "لذلك أقمستُ في غضبي:
انهم لا يدخلون راحتي" (عب 4: 3 ومز 94: 11).
ما هي هذه الراحة وكيف ندخل فيها؟ ما هي هذه الأعمال التي بدأ يعملها؟
هي معرفة الكائنات،
معرفة الحق والحكم والعناية الإلهيّة تلك الأعمال التي لا بد أن تولد وبعد ولادتها.
ما هو عمل مريم التّي اختارت النصيب الصالح بعد أن توقّفت
عن أن تعمل لكي تسمع كلام الربّ؟ (لوقا 10: 42).
هذا العمل المستمرّ يدخلك إلى الراحة الإلهيّة لأن غاية الصلاة هي الانخطاف نحو الله.
حصل كلّ ذلك عند نزول الإله المتجسد إلى الجحيم في اليوم السابع يوم السبت.
فظهرت وتمّت الأعمال كلّها مع إعادة الجسد إلى عدم الفساد في اليوم الثامن عن طريق القيامة.
إن اليوم السابع (السبت) مبارك، أمّا اليوم الثامن (الأحد) فهو فائق البركة.
اليوم السابع (السبت) تهيئة وظلّ اليوم الثامن كمال وحق (الأحد).
هو دخول المستحقيّن الكامل إلى الراحة الإلهيّة وإعادة خلق العالم وتجديده.
اليوم الثامن أي الأحد ما هو إلاّ كمال اليوم السابع أي السبت.
إن تكريم اليوم االثامن قد هيّأ له موسى بصورة غير مباشرة (لاويين 23/: 36).
اليوم الثامن "سوف يكون لكم".
هو إعلان سابق ليوم الأحد الإلهي الذي يتحقّق بعد عبور كلّ الأعمال الأرضية مع آلامها.
اليوم السابع يوم السبت مباركٌ إذاً لأنه يقودنا إلى اليوم الثامن يوم الأحد،
الذي فيه قيامة الربّ وفيه قيامتنا بكر حياتنا الأبدية.
عن القدّيس غريغوريوس بالاماس.