معجزة أخرى من معجزات القديس انطونيوس البادوي
عندما برز القديس أنطونيوس بأمر رؤسائـه إلى ميدان الكرازة بالحقائق الإنجيليـة والـوعظ بالعقائد الدينيـة خافت لسطوته (قلوب الهراطقـة) ورجفت لفصاحتـه (قلوب الـملحديـن) ..!!
فجعل يُفـنّد مغالطاتهـم ويدحض بدعهـم بالبراهيـن القاطعـة والحجج الدامغـة الساطعـة
ولـم يـملّ أو يفتـر أو يضعف في الشرح والإرشاد والتوبيخ ولـم تنصرف شجاعتـه لـمّا كان يرى أعداءه يدسّون لـه السموم في الأطعـمة ويحاولون قتلـه !!!
بل كانت تتضاعف همتـه ويصبـر على كيدهـم بروح الصبـر والوداعـة
ويعاملهم بكل لطف ويصنع الآيات والعجائب لإقناعهم وارجاعهم إلى الكنيسة التي لا خلاص خارجاً عنها
وقد ظهر حُلم هذا القديس بصورة قويـة حين كان يبشر بمدينة [ريـمبني] بإيطاليا وقد كانت هذه الـمدينة إذ ذاك ممتلئـة بالبِدع والهرطقات
ولاسيما بدعـة الناكرين لوجود السيد المسيح في القربان الأقدس وجوداً حقيقيـاً...!!!
فاتفق شعب هذه الـمدينـة على أن (( لا يذهبوا )) لاستماع وعظـه
فذهب القديس انطونيوس إلى البحر وتبعـه كثيرون بقصد الفضول وللتفرج
فلـما بلغ إلى الشاطئ أخذ يخاطب الأسماك قائلاً: {ألا فأخرجي أيتها الخلائق غير الناطقـة واسمعي كلام اللـه فإن الناس قد رفضوا سماعـه}
وبطريقـة عجائبيـة بات كأن الأسماك قد سمعت دعوتـه للحال فخرجت على وجـه الـماء
واصطفت ألوفـاً عديدة صفوفاً صفوفاً بكل نظام وترتيب يتقدمهـا الأصغر فالأكبـر حتى إذا مـا رأى الـمتفرجون هذا الـمنظر البديع أسرع بعضهم إلى الـمدينـة وأذاعوا خبـر هذا الحادث العجيب !!
وبدأ الناس يأتون أفواجاً ووقفوا على الشاطئ ورأوا القديس أنطونيوس يعطي وعظه للأسماك وهـي مصغيـة وكان يصفهـا في جمالهـا وكيف أن الخالق جعلهـا أنواعاً عجيبـة وغريبـة وكيف انهـا تتحرك في الـماء بصورة رشيقـة وكيف أن اللـه قد حماهـا من الهلاك
وكيف أن السيد الـمسيح كان قد تخذهـا لنفسه طعامـا وأكثرهـا بين يديـه بأعجوبـة !!
فأكل منهـا الألوف من الشعب الذين كانوا يتبعونـه
ثـم أختتم القديس خطبتـه
قائلاً: "كوني مباركـة أيتهـا الأسماك لأنك بطاعتك وانقيادك لسماع الوعظ قد وضعت ستار الخجل والحياء على وجوه البشر الذين لـم يسمعوا كلام اللـه
قال هذا ورسم عليهـا إشارة الصليب الـمقدس فأخذت تسبح وتتلاعب مُظهرةً دلائل الابتهاج
والسرور ثم غاصت في الـماء بعيداً عن الأبصار
فبهت الحاضرون وارتدوا كلهـم عن الضلال معتـنقيـن الإيـمان السليـم