إن الحب هو الأداة والطريق: الحب هو من الله والكرة من الشيطان.
وكل من يبادر بالحب ومن يعمل بالحب تكون أعماله به صفة الدوام والثبات والبركة والعطاء المتواصل.
لا مبادرة بالعنف تنتج خيرا ولا عمل تحت الإكراة يثمر طويلا.
في حين أن كلمة حب أو نصيحة من القلب تبقى وتثمر الى الأبد
وتتواجد بوضوح وفاعلية على طول الأزمنة والعصور وتدخل في ذاكرة البشرية الجمعية ولا تمحى منها.
أوصى المسيح: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ (مرقس 31:12).
هذه وصية خالدة ومفتاح لتحقيق الفردوس الأرضي المفقود من جديد على الأرض والغلبة على الشيطان.
هذا الحب – الآتي من أعلى من عند الله
– يشجع المؤمن ويقوى من الروح الإيجابية فيه فينتج بهذا البر وبتلك السعادة ما يكون فاعلا
أيضا والى الأبد على تلك الأرض. أي يحقق ولو جزء ضئيل من الفردوس المفقود عليها.
والمؤمن المحب لخليقة الله يمتد حبه من الفيض الإلهي الكثيف الذي استلمه الى كل البشر
– من دون إستثناء
– لدرجة أنه يحب المخطئين إليه.
وكذلك يمتد حبه لغبر المؤمنين لكونهم من صنع الله أيضا ولأنهم في حاجة أشد من المؤمنين
للمساعدة بعد أن ضللهم الشيطان.
ولا يتمكن مبشر من رد طاغية الى رشده ويحقق البر المنشود به الا اذا أحبه أولا.
ولا نصيحة أو وعظ يجدي مع من يكرهنا
– وهم كثر في العالم
– في وقت نحن نحبه عملا بالوصية: إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ (لوقا 32:6).
إن الكراهية تعمل تنافر يباعد الفكر عن التطبيق ويمنع ولوجه الى نفس المتلقي
بل يوقف حتى الإستماع والفهم بيننا. في ذلك التعليم الصحيح تكمن مفاتيح المد الإلهي المنشود الى العالم.
الحب والمحبة تطرد الخوف الذي هو من إنتاج الشيطان والذي يحول الحياة الى جحيم.
الحب يتناقض مع التعاسة والحزن ويتوافق مع السعادة والبهجة التي نتمكن بها من الإطلاع الخارق
بالروح على الملكوت الألهي
– الحال من حولنا
– وبمعرفة عميقة للحق لا يطلع عليها كل إنسان بسبب إقتصار عمل النعمة على البعض وليس على الكل.
هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ (لوقا 21:17).
إن المؤمنين تتجلى فيهم صورة الله من جديد وقداسته ومحبته اللامحدودة للعالم وللناس كلهم به.
فيكونون منيرين متجددين مضيئين يجذبون الآخرين من العالم الوثني المزعج المقيت
– بهذا الشعور المريح – إليهم.
يكونون كما هم الأطفال الذين لم يتلوثوا بعد بخطية ظاهرة تطفىء بهاءهم.
وتكون صورة الله الصافية المحبة هي الظاهرة فيهم.
هؤلاء الذين يرق وينجذب إليهم قلب كل مؤمن يسعد بالجمال وبالحب ويدرك قيمتهما
وأثرهما في مد ملكوت الله من السماء الروحية الى الأرض المنظورة.