"طوبى للرحماء لأنهم يرحمون" (متى 5: 7)
*************
من أروع وأعظم صور الرحمة أن الله له المجد جعلها مقياسا للدينونة، ففي اليوم الأخير وعندما يبوق البوق سوف يقول للذين على يساره أذهبوا عني يا ملاعين الى النار المعدة لأبليس.
***
لماذا أصدر هذا الحكم؟
يستكمل المسيح حديثه مباشرة بعد هذا بقوله: "لأني جعت فلم تطعموني،
عطشت فلم تسقوني كنت غريبا فلم تأووني، عريانا فلم تكسوني مريضا
فلم تزوروني ويشرح لهم هذا القول" بما أنكم لم تفعلوه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي لم تفعلوه".
نستطيع أن نفهم من هذا أن هولاء هلكوا لعدم تقديمهم أعمال الرحمة للمحتاجين
ومعنى هذا أنك مهما رفعت من صلوات وتأملات وترانيم ولم تكن رحيما فانك حتما لن تجد الرحمة
من الله في يوم القيامة الذي يقول أريد رحمة لا ذبيحة.
لذلك يعلمنا الرب يسوع له المجد بقوله:
"طوبى للرحماء لأنهم يرحمون"،
ويستخدم الله له المجد هذا الأسلوب في المعاملة سواء كانت الرحمة على مستوى مادي
كالجوع والعطش والمرض والحزن أو في المعاملات الانسانية أو الروحية،
وقد وضع في ذلك حكما قاطعا بقوله: "بالكيل الذي به تكيلون يكال لكم".
فأن كنت تكيل للناس بالرحمة، يعاملك الله كذلك وأن عاملتهم بقسوة تكون مستحقا لذلك.
أيضا ويقول أيضا له المجد بالدينونة التي بها تدينون تدانون من أجل هذا ينصحنا الرب قائلا "
فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضا بهم فأذا أردت أن ترحم فارحم غيرك،
فالذي يرحم فانما يقرض الرب والرحمة تنتظره".
لذلك يقول الكتاب المقدس:
"طوبى لمن ينظر الى المسكين في يوم الشر ينجيه الرب"
ومن يعمل عكس ذلك يقول له الرب:
"من يسد أذنيه عن صراخ المسكين فهو أيضا يصرخ ولا يستجاب".
***
أيها الأخ الحبيب لاحظ معي روعة الرحمة فمن أجلها فضل الرب السامري الغريب الجنس
على الكاهن واللاوي، ربما يعتذر الكاهن لكثرة مشاغله لذلك لم يكن لديه وقت الأعتناء
بهذا المسكين الذي وقع بين اللصوص الذين تركوه بين حي وميت، وربما يعتذر اللاوي
بسبب خدمته في بيت الرب ولكن عذرهما لم يكن مقبولا لأن الله يريد رحمة لا ذبيحة.
أما السامري فقد طوبه الرب لأنه عندما رأى ذلك الجريح تحنن وتقدم وضمد جراحاته واعتنى به
(لوقا 10: 33 و 34). واعتبر أنه الوحيد الذي ينطبق عليه كلمة قريب لأنه صنع رحمة
أن الرحمة علامة من علامات المحبة فعندما نضع أنفسنا بيد الله ليستخدمنا في عمل الرحمة
مع الآخرين نجد شبعا لنفوسنا.
أفحص نفسك أطلب من الله أن يضع رحمة في قلبك خصوصا من جهة من يسيئون اليك،
أنهم أكثر الناس بحاجة الى الرحمة وتذكر قول المسيح له المجد "طوبى للرحماء لأنهم يرحمون".
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †