رد على شبهة: كيف يقول المسيح وهو على الصليب
"إلهي إلهي لماذا تركتني"
(متى 46:27)، أليس هو الله؟
************
لم تكن هذه هي صرخة المسيح، او استغاثته الشخصية، بل كانت صرختنا نحن البشر
وهو قدمها نيابة عنا كإنسان امام الله.
ان السيد المسيح في تجسده كان هو الله الظاهر في الجسد. كان انسان كاملا والها كاملا،
بلا امتزاج ولا تمييز ولا تغيير في اي من صفات كلاهما.
وكما فعل المسيح اشياء كثيرة نائبا عن البشر مثل المعمودية والصوم والصلاة واخيرا الصليب
فهذه الصرخة ايضا كانت نيابة عن البشر، فنحن المتروكون من الله بسبب خطايانا،
وقد تحمل المسيح هذه اللعنة عنا ليصالحنا مع الله.
*****
نعرف ان المسيح بعد القيامة قال لتلاميذه في تمييز عجيب "ابي وابيكم والهي الهكم"
(يوحنا 20 : 17). وهو بهذا يضع نفسه كونه ابن الله (هو الله الظاهر في الجسد)،
ونحن ابناء بالتبني - (افسس 1 : 5).
وايضا كونه ابن الانسان (مولود من عذراء بغير زرع بشر)
يخاطب الله ونحن البشر الخاطئون المنفصلون عن الله بالخطية لانتمائنا بالميلاد الى الجنس الساقط.
*****
وجدير بالذكر ان المسيح كان دائما يتكلم الى - وعن - (الله) بقوله الآب السماوي،
وهكذا ايضا كان يعلمنا ان نصلي (وانتم متى صليتم فقولوا ابانا الذي في السموات - متى 6 : 9)،
فلماذا هنا وعلى الصليب يتوجه الى الآب السماوي قائلا : إلهي إلهي؟
*****
ولكن هل يزول بعض العجب اذا عرفنا ان الكلمات لم تكن من واقع الحالة للمسيح على الصليب؟
اي انه لم يكن يستغيث الله ويطلبه، ولكنه كان يردد كلمات من المزامير والمعروف حاليا برقم 22،
ولكن في زمن المسيح لم يكن قد تم تقسيم الكتاب المقدس الى اصحاحات بارقام او اعداد،
ولكن كان اليهود يسمون الكتاب بأول كلمة فيه، وبالنسبة للمزامير كانت يتم تمييزها باول كلمات فيه.
*****
ماذا يريد المسيح ان يقول؟
المسيح اذا لم يكن يكلم الله بقوله "إلهي إلهي لماذا تركتني"
ولكنه كان يكلم اليهود الواقفين حول الصليب، ويقول لهم اقرأوا المزمور الذي اوله هذه الكلمات،
ولان المسيح كان يعاني من الآلم وضيق التنفس لوضعيته على الصليب، فقط كان يختصر الكلمات،
ويقول اقل القليل.
*****
ماذا يقول المزمور رقم 22 والذي يبدأ بهذه الكلمات "إلهي إلهي لماذا تركتني" ؟
تعالوا نقرأ:
6 اما انا فدودة لا انسان. عار عند البشر ومحتقر الشعب.
7 كل الذين يرونني يستهزئون بي. يفغرون الشفاه وينغضون الراس قائلين
8 اتكل على الرب فلينجه. لينقذه لانه سر به.
9 لانك انت جذبتني من البطن. جعلتني مطمئنا على ثديي امي.
10 عليك ألقيت من الرحم. من بطن امي انت الهي.
11 لا تتباعد عني لان الضيق قريب. لانه لا معين
12 احاطت بي ثيران كثيرة. اقوياء باشان اكتنفتني.
13 فغروا علي افواههم كاسد مفترس مزمجر.
14 كالماء انسكبت. انفصلت كل عظامي. صار قلبي كالشمع. قد ذاب في وسط امعائي.
15 يبست مثل شقفة قوتي ولصق لساني بحنكي والى تراب الموت تضعني.
16 لانه قد احاطت بي كلاب. جماعة من الاشرار اكتنفتني. ثقبوا يدي ورجلي.
17 احصي كل عظامي. وهم ينظرون ويتفرسون في.
18 يقسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون.
*****
السيد المسيح هنا يريد ان يقول لصالبيه، انكم كنتم تتمون مشيئة الله المعلنة في النبؤات
فالمسيح كونه الله الظاهر في الجسد (أخلى نفسه في اتضاع عجيب)
ولكن هذا كان في نظر البشر كدودة وكعار،
راجع ايضا نبؤة اشعياء عن الصليب الواردة في اصحاح 53.
والسيد المسيح ايضا يقول لصالبيه النبؤات التي تمت بالفعل:
ثقبوا يديه ورجليه (كاتب المزمور داود بروح النبوة يتكلم عن صليب المسيح،
فداود لم يثقب احد يديه ورجليه)
ويقول المسيح ايضا انهم اقترعوا على ثيابه، وكانوا يمرون حول الصليب قائلين
(خلص آخرين فلماذا لا يخلص نفسه) ويقولون (ان كنت ابن الله فانزل من على الصليب)
راجع قصة الصليب واحداثها في الانجيل.
*****
اذا فلم تكن هذه مقولة وصرخة المسيح، بل هي صرختنا نحن البشر،
لانفصالنا عن الله، ولكن شكرا لله، انه بصليب المسيح،
الذي لا زال البعض يتهكم عليه حتى الان، ويقولون لو كان فعلا ابن الله لنزل من على الصليب،
أو لو كان هو ابن الله لما تركه، والحقيقه ان الله لم يتركه،
لان قيامته من بين الاموات هو اكبر دليل على ان المسيح هو فعلا ابن الله البار
الذي ارضى الله في كل حياته، ولهذا لم يكن للموت عليه سلطان،
وقد اعطى المسيح سلطانا لكل الذين قبلوه ان يصيروا اولاد الله، فيهتفون ايضا:
"اين شوكتك يا موت، اين غلبتك يا هاوية - اما شوكة الموت فهي الخطية
وقوة الخطية هي الناموس ولكن شكرا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح".
(كورنثوس الاولى 15 : 55-57)
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †