الصليب في حياتنا!
*********
إذا تأملنا الصليب، فنحن نتأمله كقوة محولة، حولت الموت إلى حياة،
"بالموت داس الموت".
حولت اللعنة الزمانية إلى بركة أبدية، حولت الخطية إلى بر، حولت العداوة إلى محبة،
والظلام إلى نور أشرق في قلوب الجالسين في الظلمة وظلال الموت إشراقا لاينطفيء!
فكل نور يرى بالعين يمكن أن ينطفىء،
أما نور الله إذا أشرق في القلوب فلا توجد قوة في العالم يمكن أن تطفئه: "
الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع
المسيح" (2 كو 06:04).
نرى بوضوح إذن أن الصليب قوة جديدة دخلت العالم وأقوى من كل مافي العالم.
حولت السلبيات التي كان يرزح تحتها الإنسان إلى إيجابيات ينعم بها.
فإن كان الصليب من الخارج لعنة، فهو في الداخل مجد وبركة.
وهذا في الواقع يعبر عن مضمون حياتنا التي نحياها في المسيح والتي يطالبنا بها الإنجيل كل يوم: "
من لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذا" (لو 27:14).
الصليب هنا المطلوب منا أن نحمله كل يوم على أكتافنا كنير ثقيل،
هو في حقيقته قوة حاملة للإنسان وليس ثقلا عليه،
يحول الموت الذي تملك الجسد بسبب الخطية إلى قيامة وحياة أبدية.
الصليب نواجه به ظلمة هذا العالم التي تسيطر على قلوبنا بسبب الخطيئة التي تقتحم حياتنا كل ساعة،
لأنه معروف أن بقوة الصليب تموت النفس عن شهواتها،
فيتحول الحزن والكآبة والندم إلى بر وابتهاج مع فرح أبدي.
وبقدر ما يكون الصليب محنة حقيقية للنفس تجوز فيها غصة الموت،
بقدر ما يتجلى الصليب عن سلام يفوق العقل.
الصليب هو أخطر خبرة مؤلمة في حياة المسيح وكل إنسان يتبع المسيح.
نحن ننظر إلى الصليب اليوم معا كممارسة وحياة،
ونقول إن كل من لم يعش صليب ربنا يسوع المسيح،
فهو لم ينتقل أو يتحرك داخليا ليذوق معنى العبور من حياة حسب الجسد لحياة حسب الروح،
الصليب آلة الفصح والقوة الخفية التي تحمل الإنسان من الموت إلى الحياة.
الصليب حركة داخلية وقوة محولة، والذي لم يدخل اختبار الصليب لا يمكن أن يفهم قول القديس بطرس
الرسول: "لأخبر بفضل الذي دعاني من الظلمة إلى نوره العجيب"
(1 بط 9:2).
وهو لا يعرف كيف يحول عداوة الناس المقدمة له مجانا إلى محبة،
والحزن الذي يضغط به العالم على قلبه إلى فرح.
أما من ارتضى أن يدخل في اختبار صليب المسيح، كنير يعيشه
كل يوم بكل خسائره عن مسرة، هذا يعرف كيف تتحول الظلمة
إلى نور، والحزن إلى فرح، والعداوة إلى حب، والضيق إلى مسرة وسلام.
لا يوجد في الحياة فرحا بالعمق والثبوت والإمتداد كالفرح الذي ينشأ من إجتياز محنة الصليب،
حينما يوضع على كتفي بيد المسيح الحانية بصورة ظلم فادح أو إضطهاد أو ضيق أو إفتراء أو مهانة
في أي شيء وبيد أي من كان، صديق أو عدو،
أو زميل أو رئيس أو من الشيطان نفسه ...
لا يوجد في العالم كله ما يعادل فرح الصليب!
"ودعوا الرسل وجلدوهم وأوصوهم أن لا يتكلموا بإسم يسوع ثم أطلقوهم،
أما هم فذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل إسمه"
(أع 5 : 41:40).
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †