رسالة الشيخ بورفيريوس إلى أولاده الروحيين
أبنائي الأحباء،
بما أنه لا يزال تفكيري سليماً حتى الآن، أود أن أوجه إليكم بعض النصائح. كنت متمرغاً بكل أنواع الخطايا منذ طفولتي، وعندما كانت أمي ترسلني لأحرس الحيوانات في الجبل، لأن أبي نظراً لعوزنا نحن أولاده، كان قد سافر إلى أميركا ليعمل في قناة بناما. وأثناء رعايتي للحيوانات تهجأت حياة القديس يوحنا الكوخي الذي أحببته كثيراً.
وكطفل صغير كنت أتراوح بين 12 – 15 سنة، إذ لا أذكر تماماً، صليت مراراً كثيرة مبتغياً، وبجهاد كبير، أن أقلده. فذهبت خفية عن أهلي قاصداًكافسوكاليفيا في الجبل المقدس، حيث تتلمذت هناك لشيخين شقيقين بندلايمونوأيوانيكيوس.
ومن حسن طالعي أنهما كانا تقيين وفاضلين جداً فأحببتهما حباً جمّاً.وهكذا، وبصلواتهما، كنت مطيعاً لهما تماماً، الأمر الذي ساعدني كثيراً، إذ أحسست بمحبة فائقة نحو الله فعبرت عندئذ أيامي بشكل جيد. ولكن، وبتخل من الله بداعي خطاياي، مرضت كثيراً، فطلب مني الشيخان أن أمضي إلى أهلي في إيفيا.
وبما أني كنت قد ارتكبت منذ طفولتي خطايا عديدة، فعندما عدت إلى العالم عاودت ارتكابها من جديد. وأما الناس فاعتبروني صالحاً وقديساً مع أني أحس بأني أكثر رجل خاطئ في العالم. وطبعاً اعترفت بخطاياي التي كنت أذكرها، وأنا على يقين بأن الله سامحني بكل ما اعترفت به رغم أنها اليوم كثيرة جداً. لذا أرجوكم أنتم يا من عرفتموني بأن تصلّوا لأجلي لأني أنا أيضاً، وبكل تواضع، صليت لأجلكم عندما كنت حياً. وأما الآن، وبما أني سأنتقل إلى السماء، فلدي شعور بأن الله سيقول لي: "ماذا تبغي أنت هنا؟"
وأماجوابي الوحيد له فهو: "لست مستحقاً يا سيد لهذا المكان، ولكن اعمل بي بمقتضى محبتك". لذا فأنا لا أعلم ماذا سيحدث بعد ذلك، ولكني أرجو أن تتداركني محبة الله. أتمنى على أبنائي الروحيين أن يحبوا الله الذي هو الكل في الكل كي يؤهلنا أن ندخل كنيسته غير المنظورة. لأنه من هنا، ونحن على هذه الأرض، يجب أن يبدأ جهادنا.سعيت دوماً أن أصلي وأن أقرأ التسابيح الكنسية، الكتاب المقدس وسير قديسينا. فأتمنىأن تعملوا أنتم أيضاً الشيء نفسه.
أرجو جميعكم أن تسامحوني بكل ما أحزنتكم به.