القديسين الأبرار نيقيطا ويوحنا ويوسف خيوس(القرن 11م)
القديسان نيقيطا ويوحنا أخوان في الجسد.ولدا في جزيرة خيوس. هجرا، منذ وقت مبكر، بُطلان هذا العالم ليعتزلا في أحد جبال الجزيرةالمعروف بـ "بروباتيون". كان ذلك في النصف الأول من القرن الحادي عشر. أماالقديس يوسف فانضم إليهما بعد ذلك.
شغل الثلاثة الأوحد كان الله وصنع ما يرضيه.اهتموا بتنقية نفوسهم من كل هم عالمي. كانوا لا يأكلون سوى مرة واحدة في الأسبوع، ولاينامون سوى لحظات خاطفة، على الأرض. أما بقية وقتهم فكانوا يقضونه في التسبيح والصلاةوالتأمل في المجد الإلهي.
وكان النساك الثلاثة خلال سهراناتهم يعاينونأحياناً نوراً لامعاً في موضع ما من الغابة دونهم. ولكن كلما حاولوا الدنو من المكانكان النور يختفي فجأة. لذلك قرروا أن يُحرقوا ذاك المكان من الغابة ليتبينوا المكانالمختار من الله. وبالفعلـ بعد أن تخلصوا من قسم كبير من الغابة في ذلك الموقع، لاسيماوأن كثافة الغيض فيها كانت أمنع من أن تُخترق، إذا بألسنة اللهب تنطفئ أمام
ريحانةلم تمسها النار. في الريحانة اكتشف الرهبان، بين الأغصان، إيقونة لوالدة الإله.
فحملواالإيقونة بخشوع كبير وأودعوها مغارتهم. ولكن، وعلى دفعات، كانت الإيقونة تتوارى.
وإذكانوا يبحثون عنها كانوا يجدونا في مطرحها الأول بين أغصان الريحانة. فكان هذا الأمرعلامة للنساك أن والدة الإله الكلية القداسة قد اختارت هذا الموضع بالذات مقاماً لها.مذ ذاك استحال النساك عمال بناء وشرعوا يشيدون كنيسة متواضعة لوالدة الإله.
ومرت الأيام، وإذ بالرهبان يتلقون من الربالإله إعلاناً أن قسطنطين مونوماخوس المنفي إلى ميتيلين منذ العام 1035م سوف يجري إطلاقسراحه بعد حين وسوف يُرفع إلى السدة الملكية. فانطلق نيقيطا ويوحنا إلى ميتيلين، علىالأثر، لكي ينقلا خبر هذه النبوءة. لم يصدق قسطنطين ما سمعته أذناه. ومع ذلك أبدى إعجابهبالأبوين القديسين ووعدهما ببناء دير واسع فخم في المكان الذي جرى فيه الكشف عن الإيقونةإذا ما صار ملكاً. ويبدو أنه أعطاهما خاتمه عربوناً.
فلما جرى خلع ميخائيل الخامس، عمدت الإمبراطورةزويي التي اقتسمت السلطة مع أختها ثيودورة، إلى إطلاق سراح قسطنطين وتزوجته في حزيرانمن العام 1042م. فما إن جرى تتويجه إمبراطوراً باسم قسطنطين التاسع مونوماخوس، حتىبادر إلى تنفيذ الوعد الذي قطعه على نفسه للأخوين الناسكين فأوفد إلى خيوس مهندسينوفنانين وأرسل رخاماً بألوان متعددة ليناء الكنيسة التي شاءها أن تكون بديعة لمجد مليكةالعالم.
فلما توفي قسطنطين، بعد ذلك باثني عشر عاماً،سنة 1055م، توقف البناء. لكن الإمبراطورة ثيودورة، التي أمنت استمرار السلطة لبعض الوقت،أمرت بمتابعة العمل وأوقفت للدير كل ما كان ضرورياً لمعيشة الرهبان. وقد ثبتت بمرسومأن يبقى الدير إلى ما شاء الله تحت سلطة الإمبراطور وحده، حراً من كل سلطة كنسية أومدنية. كما أسست، إلى ذلك، ديراً نسائياً في الجوار، وأمنت له الامتيازات عينها، وسلمتقياده للآباء القديسين فساسوه بكل حكمة.
غير أن الشيطان الذي لا ينام ما لبث أنأثار المتاعب في وجه الرهبان. فبعد وفاة الإمبراطورة ثيودورة، في العام 1056م، اتهمالمقامون على الإدارة المدنية القديسين بأن وضعهم غير قانوني، لذلك أمنوا نفيهم وعمدواإلى ضم الديرين إلى القرية المتاخمة لهما. ولكن ما إن وصل اسحق كومنينوس (1057-1059م) إلى العرش حتى أنصف الرهبان وأصدر مرسوماً جديداً ضمن استقلال الدير وجعل مداخيلهمن المال العام.