المحبة في اللاهوت المسيحي
الشماس اسبيرو جبور ( صقر انطاكيا)
-----------------------------------
الفصل الأوّل
الجنين
يتوهّم كثيرون أن مفهوم تربية الجنين في بطن أمه هو بلا أساس. أثبت العلم أن الجنين هو شخص فلذلك تنشط الأبحاث حول العناية به وبتربيته، وهذا يعني العناية بالأم لأن أحوال الأم النفسيّة تنعكس على جنينها كما أثبتْنا ذلك في كتابنا " قرد أم إنسان؟ ". يجب تجنيب الأم أسباب الغمّ والقلق والإضطراب، ويجب دعم شخصها بالمشجّعات والمفرحات وبإقصاء المنازعات الزوجيّة والعائليّة. على الزوج والأهل أن يحسنوا معاملتها دون تدليل يجعلها مائعة.
الجوع إلى الحنان عند المرأة الحامل يكون طبيعيّا في الأشهر الأولى من الحبل. أعصابها تكون بحاجة إلى الراحة لا الى الضغط لأن المزاج يكون حسّاسا. أمّا بالنسبة للمراجعات الطبيّة، فهي ضروريّة لمراقبة أحوال الجنين وأمّه. لاهوتيّا، الجنين شخص منذ اليوم الأول. نقول لاهوتيا إن الله يخلق الشخص وفيه روح من الله وجسد من الوالدين. إذا، الله يخلق الشخص والروح، ويكون الإنسان في بطن امه شخصا في روح وجسد.
مبدئيا، يستقبل الناس الحبل والولادة بالفرح والغبطة. ولكن هناك بعض العتيقين العقيمين روحيا أو نفسيا الذين يتشاءمون لأن الحبل كان غير مرغوب فيه، أو جنس المولود غير مستحب من ذكر أو من أنثى. كل ذلك يعقد الأم أو مولودها أو الإثنين معا. لا يجوز الإغتمام لا أثناء الحبل، ولا أثناء الولادة. كان أب يقول لأولاده الثلاثة الأخيرين: هؤلاء لم يكونوا لازمين. عقّد الفتاة وأهمل شقيقيها. إشعار الولد بأنه غير مرغوب فيه يفقده احترامه لنفسه واحترام الآخرين له. عدم ثقته بنفسه يكون عاهة كبيرة تعقد حياته وتجعله لا يمتلئ من عطف الأهل وحنانهم، الذين يعتبران قوتا وشرابا نفسيين لا بد منهما في الحياة. حسْن المعاملة للحبلى ومولودها قوت ضروريّ، واحتقارهما يكون خنجرا مؤلما جدا. عموما، احتقار الآخرين هو خطيئة فاحشة، مقرعة غضب وكبرياء، ولؤم وكراهية وعدوانية. الإحتقار هو عدوّ المحبة الحقيقيّة التي تحترم كل الكائنات. الإحتقار يشنّج ويغلق الإنفتاح على الغير، فينتهي إلى ألوان من الكراهيات.
لا محبة بدون احترام. الإعجاب بالآخرين يخلق منهم بشرا جديدين. ولأسباب تاريخية، يستغرب الناس عندنا وجود إنسان يشبع الآخرين عطفا. يتقبل البعض العطف بتململ أو بعدم ثقة واطمئنان، وقد يعتبره البعض الآخر طعما للخداع والمكر. حيث لا يسود الصدق والصراحة والصفاء، يسود عكسها.
الكذب آفة المجتمعات المتخلفة المعقدة. قال لي أخ منذ أول وهلة: المعروف عنك أنك متطرف. فقلت له: أنا محام فلا تنقصني اللباقات، ولكني متطرّف في الصدق والإستقامة، فلا أتقلب ولا أخون ضميري ولا أتلون ولا أراوغ ولا أحتال ولا أسرق. هذا هو تطرفي! يسوع قال: الشيطان أبو الكذب والكذّابين. إذا يستحيل أن يكون الكذّاب إنسانا روحانيا ولو كان رئيس أديرة جبل آثوس.
قد أبالغ في شحذ يقظتي وحذري لئلا أقع فريسة غباوة ما. أعيش أحيانا على أعصابي، وكان نصيبي أن أعيش بين العقارب كثيرا. إنها أهواء البشر التي كانت تمزقني لكي أحني عنقي للباطل، وأساوم على الحقيقة وعلى يسوع. الصدق في شرقنا صليب عجز الناس عن حمله.