الأمراض
البابا شنوده الثالث
المرض آفة يحاربها الناس ويهربون منها إلي الطب والدواء.. ومع ذلك فإن الأمراض "تعمل معًا للخير، للذين يحبون الرب" (رو 8: 28)..
أمراض كثيرة قادت إلي التوبة، وفعلت ما لم تفعله أعمق العظات..
وبخاصة الأمراض الخطيرة والمؤلمة.. كم قد أدخلت كثيرين في عهود مع الله، وفي نذور قدموها إلي الله، وفي حياة جديدة مع الله، أو أدخلتهم في توبة واستعداد للموت.. وهكذا كانت تعمل معًا للخير.
وأمراض قادت الناس إلي الصلاة وإلي الصوم.
وإلي زيارة الأماكن المقدسة،، والتشفع بالملائكة والقديسين، وإلي إقامة القداسات، والقيام بأعمال الرحمة نحو الفقراء والمساكين.
وهكذا كما استفادة المريض نفسه اقترابًا إلي الله، استفاد أيضًا أقاربه ومحبوه فوائد روحية عديدة..
بل الأمراض كانت نافعة للقديسين، لإشعارهم بضعفهم ومنع المجد الباطل عنهم.
وفي ذلك يقول القديس الرسول "ولكي لا ارتفع بفرط الإعلانات، أعطيت شوكة في الجسد. ملاك الشيطان ليلطمني لئلا أرتفع" (2 كو 12: 7).
وقد صلى بولس ثلاث مرات، ليشفيه الله من ذلك المرض، ولكن الله قال له "تكفيك نعمتي". واستبقي مع بولس هذه الشوكة التي في الجسد،، لأنه -تبارك اسمه- كان يعرف كم تعمل مع قديسه للخير، وكم تجلب له من اتضاع قلب..
وقصة القديس بولس مع المرض، تذكرنا بيعقوب أبي الآباء.
لقد صارع مع الله وغلب (تك 32: 28)، ونال البركة. ومع ذلك ضرب الله حق فخذه فانخلع. وظل يخمع علي فخذه (تك 32: 27، 31). وبقي هذا المرض معه، كعطية من الله، يعمل معه للخير، ويهبه الاتضاع إذ يشعر بضعفه، لئلا يرتفع قلبه بسبب أنه نال البركة، وأنه صارع مع الله وغلب..