القديسة حسنة العفيفة اليهودية
مع أخ زوجها:
قيل أن حسنة هذه كانت من بني إسرائيل، سيدة جميلة جدًا تركها زوجها في عهدة أخيه الأصغر وسافر للتجارة.
صار الأخ الأصغر يتردد على حسنة كثيرًا، وكانت تصرفاته تكشف عما يحمله قلبه من شهوة جسدانية. لم تكن حسنة تسيء الظن إذ حسبته أخًا لها يفكر فيها كزوجة أخيه.
جاءها يومًا ما وقد ظهرت عليه علامات الحزن الشديد، وكانت الدموع تنهار من عينيه. وإذ سألته عن السبب، أجابها بأنه قد بلغه خبر وفاة زوجها. حزنت السيدة على زوجها، لكنها إذ لاحظت تصرفات أخيه المشوبة أدركت كذبه وخداعه. حاول أن يقترب إليها فامتنعت وانتهرته بشدة.
رجمها:
إذ فشلت حيلته أراد الانتقام منها، فاستأجر شهودًا وشكاها لدى حاكم المدينة بأنه قد رآها تزني، وشهد بذلك من استأجرهم.
حُكم عليها بالرجم حتى ظنوا أنها ماتت، فربطوا قدميها بحبل وسحبوها إلى المدافن وتركوها لكي تأكل الكلاب جثمانها.
أعرابي ينقذها!
إذ كان أعرابي يسير بجوار المدافن سمع صوت أنينٍ خافتٍ، فبحث عن مصدره ووجدها بين الحياة والموت. بالكاد طلبت منه ماءً لتشرب، فقدم لها ماءً، وحملها على ناقته وذهب بها إلى بيته. وإذ عادت إليها صحتها طلب أن يتزوجها فأجابته أنها متزوجة، فتركها تعيش على مقربة منه.
اتهامها بالقتل:
دبّت الغيرة في قلب زوجة الإعرابي، إذ خشيت أن يتزوجها رجلها، فصارت تهاجمها وتبذل كل الجهد لتمنع زوجها من خدمتها أو الاهتمام بها.
كان لدى الإعرابي عبد شرير، أُعجب بالسيدة اليهودية، فحاول الاعتداء عليها لكنها بقوة منعته. أراد الانتقام منها، فدخل إلى حجرة طفل الإعرابي وذبحه وأخذ من الدم وصار يسكب منه تجاه مسكن حسنة، وألقى بالسكين بجوار مسكنها.
في الصباح إذ دخلت الأم وجدت ابنها مذبوحًا وعلامات الدم في الأرض نحو الباب، فصرخت بمرارة. . تتبع الإعرابي علامات الدم فوجدها تتجه نحو مسكن حسنة.
أمسك بسيفه وانطلق ليقتل المسكينة. فوجئت بمنظره، وإذ ظهرت عليها علامات الدهشة تحدث معها. اكتشف أنها بريئة، لكنه خشي من موقف زوجته، فأعطاها أربعين درهمًا وطلب منها أن ترحل فورًا.
الرجل المحتال:
انطلقت حُسنة مرّة النفس، لكنها كانت تشكر الله الذي لم يتركها في وسط تجاربها المرّة. وفي الطريق وجدت جمهرة من الناس يحكمون على شخص بالصلب لأنه كان قد احتال على شخصٍ وأخذ منه أربعين درهمًا. لم يرد أحد أن يساعده بسبب سوء سمعته. أما هي فأخرجت كل ما لديها، وقدمت الأربعين درهمًا لإنقاذ هذا الرجل من الموت.
شكرها الكل على سخائها، أما هي فانطلقت إلى الطريق لا تملك شيئًا، ولا تعرف ماذا تفعل. أعجب الرجل بجمالها وحاول أن يستميلها فرفضت وقالت له أنها متزوجة، لن تخون رجلها. ومن التعب رقدت في أحد زوايا الطريق ونامت.
بدأ الشرير يفكر ماذا يفعل، وإذ بتاجر يعبر في الطريق مال إليه وسأله إن كان يشتري عبدة جميلة جدًا، ثم كشف وجه حسنة وهي نائمة فأُعجب بها التاجر، ودفع ثمنًا كبيرًا للشرير الذي أخذ الثمن وهرب.
استيقظت حسنة فوجدت التاجر بجوارها ينتظرها، وإذ سألته عن أمره أجابها أنه اشتراها. انتهرته السيدة وقالت له: "كيف تشتري سيدة حرّة؟ ألا تخجل من شيبتك؟" أدرك الشيخ أن الذي باعها هو محتال قد خدعه.
انطلقت حسنة إلى طريقها، وإذ لم تجد لها موضعًا طرقت باب منزلٍ ما فخرجت منه سيدة فاضلة اهتمت بالضيفة الجميلة.
موهبة الشفاء:
إذ أصيبت صاحبة المنزل بحمى شديدة صلّت حسنة إلى الله بحرارة فشفيت المريضة. انتشر خبر الشفاء، وجاء كثيرون يطلبون صلواتها عنهم.
في أحد الأيام اجتمع حولها كثيرون يطلبون الصلاة من أجلهم، إذ كانوا مصابين بأمراض مختلفة خطيرة. فاعترف الكل بخطاياهم، لكن أحدهم تردد في الاعتراف. تحت مرارة تعبه بسبب الجذام الذي كان في مراحله الأخيرة والخطيرة اعترف بأنه اتهم امرأة أخيه بالزنا لأنها رفضت أن يرتكب معها الشر أثناء غياب أخيه. وأنه استأجر شهود زور وحُكم عليها بالرجم، وأنها ماتت ظلمًا. كان أخوه بجواره فامتلأت نفسه مرارة بسبب ما فعله أخوه الأصغر بزوجته البريئة.
صلّت حسنة من أجل كل مضايقيها الذين أصيبوا بأمراض خطيرة، حتى أخ زوجها الذي دبّر أمر رجمها، ووهبهم الرب الشفاء.
إذ كانت نفس الأخ الأكبر مرّة للغاية رفعت حسنة الغطاء عن وجهها وقالت له: "لا تحزن. أنا حسنة زوجتك". وإذ رآها فرح بها جدًا وأخذ يقَّبلها وهو يبكي، ثم عادا معًا ليعيشا خمسة عشر عامًا تحت ظل رعاية الله الذي ينقذ النفوس العفيفة ويتمجد فيها.