لماذا يجب على المسيحي أن لا يحمل السلاح لكي يدافع عن نفسه!
************
"لو المسيحيين رفعوا السلاح سيتخلى الله عنهم، إما لو رفعوا أيديهم بالصلاة فالله سينزل يده":
(القمص مكاري يونان).
الرب يسوع المسيح يوم ارسل تلاميذه قال لهم:
"ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب، فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام".
ولكن هذه الكلمات ليست موجهة للتلاميذ فقط، بل لكل واحد فينا ليخبرنا السيد المسيح
مقدما بالالام التي ستواجهنا.
لقد جاء المسيح للسلام، والعالم يقابل اولاده بالشر وهو يريد اولاده ان لا يخافوا من شر العالم
حتى لو وصل الى قتل الاجساد.
***
ربنا لا ينسى احد وهو يعلم بل يرسلنا كغنم وسط ذئاب!
وفي مرارة يعلق القديس يوحنا الذهبي الفم أيضا فيقول:
"لنخجل إذ نفعل نحن العكس فنقف كذئاب ضد أعدائنا!
ما دمنا نحن غنم، فإننا سنغلب بالرغم من وجود ربوة من الذئاب تجول حولنا لافتراسنا،
أما إذا صرنا ذئابا فسنهزم إذ يفارقنا عون راعينا الذي لا يعول الذئاب بل الغنم،
بهذا يتركك وينسحب حيث لا تسمح لقدرته أن تظهر فيك".
***
لماذا يرسلنا الله هكذا كغنم وسط ذئاب؟
أولا: إذ يسلك المؤمن بروح سيده "الحمل الحقيقي" يحسب حملا باتحاده به،
فيلتزم السيد برعايته والعمل خلاله. إنه يعمل في الغنم الوديع، لا الذئاب المفترسة،
معلنا قوته في الضعف، قائلا لرسوله: "تكفيك نعمتي، لأن قوتي في الضعف تكمل".
بهذا يردد الرسول: "فبكل سرور افتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح،
لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح،
لأني حينما أنا ضعيف، فحينئذ أنا قوي" (2 كو 12: 9-10).
ثانيا: لا يقابل التلميذ الشراسة بالشراسة، بل بالحب العملي فيكسب غير المؤمنين للإيمان.
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم:
"إنه فوق كل شيء يعرف طبيعة الأشياء: أن الشراسة لا تطفأ بالشراسة وإنما باللطف".
وبالفعل تلاميذ المسيح حولوا الذئاب الى غنم. الم يتحول شاول الطرسوسي
الى غنم بعد ان كان ذئبا.
الم يرسلنا المسيح كغنم وسط ذئاب؟ اي هم يحملون انياب ومخالب ويهجموا
ويقتلوا ونحن قبلنا ان لا نحمل سلاح، هل نعترض على كلمات رب المجد ونصر على ان نحمل سلاح؟
احب ان اقول ان الحملان لو خرجت لها انياب ومخالب لاصبحت ذئاب
حتى ولو بهدف الدفاع عن نفسها فقط او عن كنيستها.
الله يعمل مع الغنم الوديع المتشبه به، فهو حمل الله.
أما من يعتمد على قوة ذراعه، فهذا لا يسر به الله.
يتخلى الله عن كل من ينتقم لنفسه ولا يدافع عنه، ولكن من يعتمد على الرب
ويقبل الاضطهاد, بهذا يصير من اولاد الله ومعهم المسيح أقوى من الذئاب.
تصور أن الرسل كانوا أسودا (يحملوا سلاح دفاعا عن الكنيسه الاولى ورحلات التبشير)
فماذا كان يحدث؟
سيهرب منهم الناس ولا يسمعون لهم. ولكن الناس إذ رأوا ضعفهم ورأوا قوة الله تعمل فيهم
وتحميهم آمنوا بالله، فالغنم فقط هي القادرة أن تكرز.
"لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2 كو 9:12-10).
فكيف نكرز بحمل "هو المسيح" ولنا صورة وحوش...
الله لا يعمل بنا إلا لو كنا ضعفاء حتى لا نفسد خطته، لذلك لم يرسلنا كأسود وسط العالم،
فالقوة لن تكون سببا في نمو الكرازة، إنما الوداعة، وعمل المسيح بنعمته فينا.
ولكن هو طلب مننا ان نتسلح بالحكمة والوداعه مع اسلحة الايمان
"فكونوا حكاء كالحيات وودعاء كالحمام".
*****
سفر المزامير (27: 11)
"علمني يا رب طريقك، واهدني في سبيل مستقيم بسبب أعدائي."
الرب اقام لنا اعداء لنساله بقوة الصلاة ماذا يجب ان نفعل.
"فلا تخافوهم لان ليس مكتوم لن يستعلن ولا خفي لن يعرف".
لا تخف من المستقبل وماذا يخططون من شرور للغد فالرب سيحوله للخير ونثق في هذا بكل ايمان.
واخيرا يقول لنا السيد المسيح: "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد و لكن النفس لا يقدرون ان يقتلوها
بل خافوا بالحري من الذي يقدر ان يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم".
المسيحي الحقيقي لا يقتل ولا يهاجم أحد ولا يعتدي على أحد، بل المسيحي الحقيقي هو مسامح غفور
يتبع يسوع المسيح السيد والمعلم الذي كان قدوة في المسامحة والغفران ومحبة الأعداء،
فأنت تعرف تماما من الانجيل أنه غفر لصالبيه، وهؤلاء الذين يحتلون بلاد غيرهم لا علاقة للمسيح
بهم وهو لم يأمر بهذا على الإطلاق لا الآن ولا في الماضي، فهذه هي تعاليم الله أن لا نعتدي
على من اعتدى علينا بل نتركه لحكم الله, والله يستطيع أن يدافع عن أولاده وعبيده المؤمنين.
وربما يتسائل البعض لماذا لم يجعلنا الله أسودا وسط الذئاب؟
والجواب هو حتى نعتمد عليه وحده كأسد خارج من سبط يهوذا ...
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †