عدد المساهمات : 3714 تاريخ التسجيل : 11/01/2014 الموقع : فلسطين
موضوع: الزواج السهل الممتنع الخميس يونيو 19, 2014 9:45 am
الزواج السهل الممتنع
تكثر الأفراح والليالي الملاح في الصيفية والحمد لله، ويدخل الكثيرون قفص الزوجية، ولكن رغم ما يحيط بمثل هذه المناسبات من بهجة لأنها فرحة العمر، فإنها أصبحت
عبئاً ثقيلاً على الجميع، لا بل فقدت رونقها الحقيقي وسط الأضواء والاحتفالات التي لا تتجاوز المجاملات الاجتماعية وتحرص على إرضاء الناس، ورضى الناس غاية لا
تُدرك. فلماذا نُضحي بالجوهر في سبيل المظهر؟ وهل من حلول لكي لا تتحول "فرحة العمر" إلى "طنه ورنه" لا بل إلى "خراب الجيبة والدار"؟
ليست الحلول سهلة، لأن الزواج أصبح مُكلِفاً، فالمتطلبات العصرية كثيرة، فهناك حاجة للبيت وأثاثه على الطراز الحديث، وإذا كان العريس لا يملك بيتاً لا يمكنه السكن مع
الأهل على الحصيرة وسيحتاج إلى بيت بالأجار، فآخر الشهر على الباب بالاضافة إلى ارتفاع الأسعار. وهناك الكسوة والذهب، وهناك الاحتفال بالزواج وما يتبعه من أكل
وشرب وقاعة وحفلة، فيجب تكريم المعازيم وعدم التقصير حتى لا يعتقد أهل العروس بأن حظها ناقص... وهنا تدخل كل الأمراض الاجتماعية مثل الغيرة والحسد والقيل
والقال والطمع والجشع والتقليد والمباهاة والتمثيل والتدجيل والتبذير.. وإلى غير ذلك من أساليب اللف والدوران للظهور بمظهر الكرم والجود، وبعدما تذهب "السكرة تأتي
الفكرة" وإذا بالعريس "على الحديدة" غارق بالديون التي سيقضي سنوات عديدة لتسديدها بالتقسيط البغيض.
إن عملية حسابية بسيطة تبين لنا بأن الشاب يجب أن يعمل ليل نهار ولسنوات عديدة ليستطيع توفير كل متطلبات الزواج آنفة الذكر، مما يجعل الأمر عسيراً على الكثيرين
من الذين ليس لديهم عمل أو مصدر دخل بسبب صعوبة الأوضاع المعيشية وتفشي البطالة، فماذا يفعل من ليس لديه الوسيلة ولا في اليد حيلة؟ هل يُؤخر الزواج إلى أن
يفرجها رب العالمين؟ أم يعزف عن الزواج إلى أبد الآبدين؟ أم يتزوج بالدين ليعيش بالدين ويخلف الأولاد بالدين؟!
هناك اقتراحات عديدة يمكن طرحها، وهناك وثائق شرف كثيرة وقعت عليها العائلات للحد من تكاليف الزواج وحل ظاهرة العزوف عن الزواج، وهناك مبادرات جديدة مثل
اقامة احتفالات الزواج الجماعية ودعمها مادياً من الشركات والبنوك وتقديم القروض السهلة للأزواج الشابة، ولكن الأزمة ما زالت مستمرة... لأن الأمر يتعلق بعقلية
اجتماعية يصعُب تغييرها في ليلة وضحاها، لذلك أود المساهمة في اقتراح واحد فقط يقلب كل شيء رأساً على عقب، ويضع النقاط على الحروف ويرجع بالزواج إلى
كرامته الأصلية بعيداً عن كل التشويهات الاجتماعية والعصرية، وخلاصة القول أن الزواج، بحسب تعريف قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، هو "إيمانٌ بالحُب وأمانةٌ
للحُب" وبالتالي فهو علاقة شخصية حميمة بين الرجل والمرأة ويقوم على الرضى المتبادل بينهما الذي يعربان عنه أمام الله والكنيسة والناس يوم الاحتفال باكليلهما، فإذا كان
الأمر كذلك، فما الحاجة لكل هذه البهرجات والاحتفالات والمصاريف التي لها أول وليس لها آخر؟ أعتقد بأننا يجب أن نسهل الأمور ونبسطها:
يتعرف الشاب على الشابة لمدة قصيرة، وإذا وجدا بأنهما مناسبان لبعضهما، يطلب يدها من أهلها، ويحدد موعداً للزواج يحضره الأهل والأقارب، وفي يوم الإكليل يتبادل
الإثنان الخواتم "الدبل" علامة على المحبة والأمانة، ثم ينتقلا للعيش معاً في بيت بسيط متواضع يقومان ببنائه معاً بما يتوفر للطرفين من مال وإمكانيات إذ يحضر الشاب
أغراضه من بيت أهله وتحضر الشابة أغراضها من بيت أهلها ويتقاسمان الحياة المشتركة المبنية على الحُب المتبادل وليس على الذهب والأثاث والمصاريف والاحتفالات
التي تنتهي في أيام معدودات تاركة الديون المتراكمة على العروسين.
هذا ما أسميه"بالزواج السَهل المُمتنع": الزواج لأنه يقوم على الحُب المتبادل بين الرجلِ والمرأة الذي يُعبران عنه بالرضى المتبادل "يترك الرجل أباه وأمه ويلزم إمرأته
ويصير الإثنان جسداً واحداً لا جسدين". أما السهل لأنه يتحرر من كل التعقيدات الاجتماعية والالتزامات المادية الكثيرة، فلا حاجة للذهب، والأثاث الكثير، والعزومات
والاحتفالات، والأكل والمشروب.. فهو يقوم على الذات وليس على الصفات، إنه حب لذات الآخر وليس لصفاته، بمعنى المتاجرة بالإنسان وأخلاقه وليس بما يملك.
أما المُمتنع، فلأن هذا الأسلوب فريد من نوعه لا بل غريب عجيب يكسر كل العادات والتقاليد والأعراف الخارجية ويرجع بالزواج إلى أساسه: "ما جمعه الله لا يفرقنه
إنسان". فالزواج في المسيحية يقوم على الوحدانية: أي رجل واحد وامرأة واحدة، ولكن أيضاً هذه الوحدانية بين الاثنين اللذين يصيران واحداً أي قلباً وقالباً ونفساً وروحاً
وجسداً؛ ويقوم على الديمومة: أي أنه زواج أبدي "فلا طلاق ولا فراق على الاطلاق" إلا بالموت، وحتى الموت لا يمكن أن يكسر الزواج المقدس الذي يقوم على المحبة،
فالمحبة مثل النار الآكلة، وحتى الطوفان الغامر لا يستطيع أن يطفئها.
أعرف جيداً بأن هذا الأمر مُستحيل لأنه يُخالف الواقع: إن الإنسان يتزوج مرة واحدة في العمر، فيحق له أن يفرح ويحتفل بهذه المناسبة؛ أهل العروس يرفضون أن تخرج
ابنتهم دون أن تؤمن مستقبلها في بيت وأثاث وذهب وكافة متطلبات الحياة فيجب توفير كل ذلك تحاشياً للمشاكل في المستقبل؛ الزواج ليس لعبة بل أمر جدي جداً فلا يمكن
التعامل معه بهذه البساطة والعفوية فيجب ترتيب كل الأمور مسبقاً؛ ماذا سيقول الناس اذا حدث العرس على الساكت دون احتفال وأكل وشرب وعزومات؟ وغير هذا من
الاعتراضات والتحفظات... وأنا أيضاً معها جميعها، ولكنني ضد تحويل الزواج إلى مناسبة اجتماعية ثقيلة والاكتفاء بالمظاهر الخارجية ونسيان الأمور الجوهرية، وكأني به
صفقة تجارية فيها بيع وشراء وحتى مفاصلة وربح وخسارة... إن الأمر ليس كذلك، يا سادتي وسيداتي، إن الزواج مناسبة عميقة حميمة جميلة أصولها تتجذر في قلبين
يلتقيان على المحبة، وكل الباقي بهرجات نحن في غنى عنها.
عندما أصبحتُ كاهناً أراد والدي أن يعطيني نصيحة مازحة، فهو يُحب أن يتزوج الشباب في سِن مُبكرة، ويرى بأن أهم المُعيقات هي التكاليف الباهظة ومُتطلبات الأهل
الكثيرة، فقال لي: "عندما تُصبح خوري رعية، إجمع الشباب والشابات قبل الصلاة، واطلب منهم أن يختار كل واحد شريكة لحياته ثم أدخلهم جميعاً إلى الكنيسة، وزوج
كل أثنين وأرسلهم إلى بيوتهم ليحضر كل منهم أغراضه ويعيش مع شريكه". ضحكت في ذلك الوقت لأني رأيت بأن الأمر غريب جداً، ولم أفعل بنصيحة أبي إلى يومنا
هذا لأني لم آخذها على محمل الجد، ولكني مستعد لذلك الآن، لأني أرى أزمة الزواج أمام ناظري، فبينما كنا نحتفل بأكثر من خمسة عشر زوجاً في كل سنة في كل قرية
صغيرة، فإن العدد لا يتجاوز الخمسة في السنة، بينما يرتفع عمر الشباب والشابات وسيفوت الكثير منهم قيطار الزواج خاصة البنات، لأن المثل في بلادنا يقول "يا ماخذ
الصغار يا غالب التجار" فماذا نفعل بمئات من البنات دون زواج؟!
وأنهي هذا الحديث بكلمات جبران خليل جبران عن الزواج: "اليوم وُلدتُما معاً، وستظلانِ معاً حتى عندما تُبدد أيامكما أجنحةُ الموتِ البيضاء" كما يقول للوالدين: "أبناؤكم
ليسوا لكم بل هم أبناء الحياة، فاتركوهم يعيشون حياتهم". وأنا أعتقد أن التحرر من العادات والتقاليد البالية التي تُحيط بالزواج لا يعني التخلي عن القيمة الحقيقية للزواج بل
يساعد في فك السلاسل الثقيلة التي تُكبل الكثيرين وتُجبرهم على البقاء في عالم الماضي بدلاً من الوُلوج الى عالم اليوم الذي يجب أن نصنعه بدلاً من أن يتحكم بنا كالسيف
المُسلط على رقابنا.
سعاد الادارة العامة
عدد المساهمات : 17886 تاريخ التسجيل : 10/01/2014 الموقع : لبنان
موضوع: رد: الزواج السهل الممتنع الخميس يونيو 19, 2014 5:44 pm
ناهيا مراقبة عامة
عدد المساهمات : 1497 تاريخ التسجيل : 11/01/2014 العمر : 59 الموقع : لبنان
موضوع: رد: الزواج السهل الممتنع الخميس يونيو 19, 2014 7:03 pm
julie المديرة العام
عدد المساهمات : 11235 تاريخ التسجيل : 03/06/2014
موضوع: رد: الزواج السهل الممتنع الجمعة يونيو 20, 2014 6:01 am
هيلين الادارة العامة
عدد المساهمات : 582 تاريخ التسجيل : 12/01/2014 العمر : 62 الموقع : لبنان
موضوع: رد: الزواج السهل الممتنع الجمعة يونيو 20, 2014 9:32 pm
همّ من هموم الحياة ومشاكلها
مشكلة الزواج
مع انه سر مقدس ولكنه صار عبئاً كبيراً
على شبان وشابات هذا العصر
الذين يرتبطون بعلاقة ويريدون ان يتوّجوها بالزواج
والعائلة
موضوع رائع ولكنه همّ كبير
بارك الرب عمل يديك اختي بنت العذراء
اغابى عضو مميز
عدد المساهمات : 291 تاريخ التسجيل : 14/06/2014 العمر : 47 الموقع : لبنان
موضوع: رد: الزواج السهل الممتنع السبت يوليو 05, 2014 12:09 am