قيل عن أخٍ كان ساكناً في ديرٍ إنه من شدة القتال كان يسقط في الزنى مراراً كثيرةً.
فمكث يُكره نفسَه ويصبر كيلا يترك إسكيم الرهبنة،
وكان يصنع قانونَه وسواعيه بحرصٍ، ويقول في صلاتهِ:
«يا ربُّ أنت ترى شدة حالي وشدة حزني، فانتشلني يا ربُّ إن شئتُ أنا أم لم أشأ،
لأني مثل الطين، أشتاقُ وأحبُّ الخطيةَ، ولكن أنت الإله الجبار اكففني عن هذا النجس،
لأنك إن كنتَ إنما ترحم القديسين فقط فليس هذا بعجيبٍ،
وإن كنتَ إنما تخلِّص الأطهار فما الحاجة، لأن أولئك مستحقون،
ولكن فيَّ أنا غير المستحق يا سيدي أرِ عجب رحمتك لأني إليك أسلمتُ نفسي».
وهذا ما كان يقوله كلَّ يومٍ، أخطأ أو لم يخطئ،
فلما كان ذات يوم وهو دائمٌ في هذه الصلاة، أن ضجرَ الشيطانُ من حُسن رجائهِ
ووقاحتهِ المحمودة، فظهر له وجهاً لوجه وهو يرتل مزاميره، وقال له:
«أما تخزى أن تقف بين يدي الله بالجملةِ وتسمي اسمَه بفمِك النجس»؟
فقال له الأخ:
«ألستَ أنت تضربُ مرزبةً وأنا أضربُ مرزبةً؟
أنت توقعني في الخطيةِ، وأنا أطلب من الله الرحوم أن يتحنن عليَّ،
فأنا أضاربك على هذا الصراع حتى يدركني الموتُ.
ولا أقطع رجائي من إلهي، ولا أكف من الاستعداد لك، وستنظر من يغلب:
أنت أو رحمة الله».
فلما سمع الشيطانُ كلامَه قال:
«من الآن لا أعود إلى قتالك، لئلا أسبب لك أكاليل في رجائك بإلهك».
وتنحّى الشيطان عنه من ذلك اليوم، ورجع الأخُ إلى نفسِه
وأخذ ينوح ويبكي على خطاياه السالفة،
فإذا كان الفكرُ يقول له: «نِعمَّا لأنك تبكي». فكان يجيب فكرَه بذِكرِ خطاياه.
وإذا قال الفكرُ له:
«أين تذهب لأنك فعلتَ خطايا كثيرة»،
يقول:
«الربُّ يفرحُ بحياةِ الميِّت ووجود الضال».
من كتاب بستان الرهبان