التعامل مع العنيد، القاسي | العِناد
القسوة تقتل الخلق والإبداع.
فالقاسي نفسه يعاني من ذلك،
والذين يعاملون الغير بالقسوة يحصدون هذه النتيجة لأنفسهم.
العنيد stubborn لا يرضى أن يغير رأيه بسهولة.
وقد تناقشه الرأي، وتكشف له مشكلات عديدة، لكنه لا يغير فكره بسهولة.
والعنيد لا يقبل توجيه اللوم إليه.
ولا يستمع إلى صوت غيره، ولا يقبل إلا فكره هو. وقد يجني من وراء ذلك مخاطر عديدة.
أما القاسي فيعامل الناس على أنهم أشياء لا أشخاص،
يعطي الأوامر والتعليمات،
ولا يتشاور معهم، ولا يستمع إليهم،
ومن لا ينفذ أوامره كما هي يحظى بمعاملة قاسية وشديدة منه.
والعنيد البيروقراطي يحفظ اللوائح والقوانين عن ظهر قلب.
فمتى حدث حوار معه في أي موضوع،
فهو يلجأ إلى ذلك البند الخاص من اللائحة أو القانون الذي يمس الموضوع، فيتوقف أي تحرك.
القاسي لا يتكيف مع المواقف والظروف،
مما يضر بمصلحة الناس أو المؤسسات التي ترتبط بهؤلاء الناس.
فلو كان هذا القاسي من النوع الذي يتطلب الكمال، فإنه لن يحقق شيء.
العنيد، متى كان مخدوعًا، فهو لن يغير موقفه بسهولة،
حتى يكتشف ذلك الخداع. والعنيد متى كان ماكرًا مخادعًا،
فهو يسبب لغيره مشكلات خطيرة،
ولكن المشاهدين للأحداث سوف لا يستمرون مخدوعين منه إلى النهاية.
ومتى كان الاستغلالي عنيدًا،
فهو يسبب مشكلات عديدة لمن يتعامل معهم..
ومتى ارتبط العناد بالقسوة، صار أسلوب صاحبه خاليًا من الإنسانية.
والمشكلة أن العنيد والقاسي قد يعاند في الأمور الروحية نفسها!
فقط يرفض صوت الله في قلبه بأن يتوب، أو يسد أذنيه عن سماع مشورة الأب الكاهن
سواء أكان في ممارسة سر الاعتراف، أو في أحد العظات أو غيره..
وينطبق عليه قول الرب:
"وأنتم أسأتم في عملكم أكثر من آبائكم،
وها أنتم ذاهبون كل واحد وراء عناد قلبه الشرير، حتى لا تسمعوا لي" (إرميا 12:16).
مشاعر القاسي والعنيد:
يشعر العنيد أنه الأول.
فلو كان رئيسًا أو مديرًا، فهو يهتم أن يقول لك:
"أنا المدير"!
فمركزه يأتي أولًا، ولابد من الخضوع لسلطته.
القاسي العنيد لا يعطي اعتبارًا لمشاعر مَنْ يتعامل معه.
فمهما تألم الإنسان نتيجة القسوة والعناد، فهو لا يتأثر، ولا يحس.
في غالب الأحيان، يخفي القاسي مشاعره، ويظهرها،
حسبما يرى الحاجة لذلك.
مرات يظهر أنه يهتم بالضعيف، ومرات لا يعيره التفافًا.
وعندنا تنبع القسوة من مشاعر الغضب والكراهية والمرارة،
فإن القاسي ينفس عما يكنه في أعماقه.
ويذكر سليمان الحكيم ذلك:
"الرجل الرحيم يحسن إلى نفسه، والقاسي يكدر لحمه" (الأمثال 17:11).
والعنيد يهتم أولًا، وقبل كل شيء، بمصالحه الشخصية،
وأحيانًا يخطئ في تقدير الموقف، فما يظن أنه مفيد له، سيكون غير مفيد!
لكنه لا يرى ذلك، لذا فهو يهتم بما قاله، وباتجاهه الفكري،
ويرفض التغيير، فهو لا يرى مصلحته سوى في اتجاه واحد.
فالعنيد عادة يرفض تغيير رأيه،
والقاسي لا يفكر في التغيير بأية صورة من الصور.
مشاعر مَنْ يتعامل مع القاسي والعنيد:
عندما تتعامل مع القاسي أو مع العنيد،
تحس بصفة عامة أنك تتعامل مع شخص فقد إنسانيته، ولا يعير اهتمامًا لآدميته.
القاسي يتمسك باللوائح متى لزم، ويرفضها متى لزم.
ينفذ الأوامر متى أراد ذلك، ويتجاهلها متى أراد.
ولذلك فإنك تجد نفسك في حيرة. فهو إن فسر اللوائح يفسرها لصالحه،
وإن تجاهلها يتجاهلها لصالحة.
فأنت تتعامل مع شخص لا يهمه شيء قط
إلا أن يبحث عن تحقيق مصالحه الشخصية، أو أوامره.
ومن خلال الحوار الموضوعي،
فأنت تحس بأنك تتعامل مع شخص يصعب عليك إقناعه بفكرتك.
وقد تكون أنت على صواب، ولكنه لا يفهمك، وقد لا يريد أن يفهمك.
وقد يكون له هدف خفي، لا يريد أن يخبرك به.
فأنت تحس بالحيرة وأنت تتعامل مع شخص لا يريد أن يسمعك، أو يسمعك ولا يفكر فيما تقول.
وقد يكون الدافع عندك أن تقول: "وأنا مالي"!
هو يريد ذلك ليكن! دعه يرى نتيجة ما يُصِر عليه.
والأفضل، أنك لا تسكت. فالضمير الحي لا يصمت على ما يرى أنه خطأ.
فقد تقول له:
لك رأيك، وما سيتم هو رأيك، لكني أريدك أن تسمع لوجهة نظر أخرى.
فأنت ستستفيد أكثر لو حدث كذا.. وكذا.. وكذا..
أو أن الشركة ستحقق نجاحًا أكبر لو أننا عملنا هذا..
أو تقول له:
فكرتك فيها جانب حسن، لكن الجانب الفلاني سيلحق بالشركة الضرر.
ثم تشرح الضرر ما هو.