إن التعامل الإنساني، كفنّ، يأخذ أهمية كبرى في حياتنا الروحية والاجتماعية. أدعوه فنّاً لأنه يتطلب حكمةً وصبراً ودراية في الظروف والحالات النفسية...
إن طريقة تعاملك مع اخيك الإنسان تتطلب منك انتباهاً كبيراً لوضعه وحالته النفسية، لأن أي خطأ من تجاهك في نصحٍ أو عتاب أو حركة محبة، قد يترك أثراً في نفسه لا يمحى إلا بصعوبة...وكل ما كان اخوك هذا أصغر في قامة الجسد او النفس، كلما كان ذلك الأثر أشدّ وطأة، خاصة وأنّ كلامنا هنا يشمل أيضاً علاقة الآباء بأبنائهم او بناتهم!
من خلال الملاحظة الواقعية لمجتمعاتنا، يمكن تقسيم طريقة التعامل بين الناس إلى فئتين كبيرتين عامتين: الأولى نجد فيها المرء مهملاً أخاه إلى أبعد الحدود، والثانية منكباً عليه بالنصح والإرشاد حتى تضيق به نفسه فينفر على غير رجعة!
هذا ما نلحظه كثيراً في العائلات، بين الأهل وابنائهم، وفي الإرشاد المسيحي بعامة أيضاً. ومما لاشك فيه أن هاتين الفئتين فيهما الكثير من اللغط في التعامل.
كيف الحل إذن؟ كيف أُسدي نصحاً لخاطئ؟ كيف أبدي محبةً لصديق؟ في الواقع الموضوع يتطلب الكثير من الكلام، لكنني اليوم سأترك القديس اسحق السوري يسدي إلينا ببعض نصائحه الواردة في المقالة الخامسة، من كتابه المعرب بيد أبينا البار إسحق عطالله.
يقول القديس إسحق السوري:
-"أحبب أخاك إن أخطأ وابغض أعماله، ولا تحتقره بسبب نقائصه حتى لا تُجرّب بما هو مجرّب به".
-"اضغط دوماً على ذاتك، لتكرم أخاك فوق ما يستحقّ".
-"عندما يفارقك أخوك، قل عنه كل خيرٍ وكرامة، لأنك بهذه الطريقة تجذبه نحو الخير، وتضطره، بمدحك، إلى الخجل، فتزرع فيه بذور الفضيلة".
-" إن اخاك إن كانت فيه بعض النقائص وأنت أكرمته يقبل منك الشفاء بسهولة".
- "تجنّب أن تؤنّب أحداً أو توبخه على شيء، وإذا أردت أن تصلح أحداً، فاحزن من أجله، وقل له، بدموع ومحبة، كلمة واحدة او اثنتين".
- "لاتتقد عليه بغضبك كي لا يرى فيك إشارة العداوة، فالمحبة لاتعرف الغضب أو الغيظ أو التوبيخ المشحون بالهوى، فدليلُ المحبة هو التواضع الذي يولده الضمير الصالح"....
"كنْ مُحتقراً في عظمتك ولا تكن عظيماً في حقارتك"...
آمين