أيقونة بواجب الإستئهال
يرتبط اسم هذه الأيقونة بالنشيد المختص بتمجيد السيدة العذراء الذي يقال في القداس الإلهي وصلاة البراكليسي وبعض الصلوات الأخرى. وهذا النشيد رتل لأول مرة من قبل رئيس الملائكة جبرائيل بحسب ما يروى في الجبل المقدس.
بالقرب من عاصمة الجبل المقدس(كارييس) توجد قلاية على اسم رقاد السيدة العذراء، وكان فيها شيخ رئيس ومعه تلميذ. وكعادة الرهبان كان الإحتفال بالأعياد الكبيرة يتم بإقامة السهرانيات. ذهب هذا الرئيس للإشتراك في السهرانية وطلب من تلميذه أن يقيم الصلوات في القلاية. عندما حل المساء وكان هذا التلميذ وحيداً'' في قلايته سمع طرقاً'' على الباب ففتح وإذ به يرى راهب لم يكن قد شاهده من قبل، وطلب هذا الراهب الزائر أن يمضي تلك الليلة معه في القلاية.
عندما حان موعد الصلاة دعا التلميذ هذا الراهب الغريب للإشتراك معه في الصلاة وبدأوا كالمعتاد إلى أن وصلوا إلى ترنيمة "يا من هي أكرم من الشيروبيم.." التي كتبها القديس كوزما المرنم، فبدأ التلميذ بترتيلها كما هي، أما الراهب الغريب فبدأ النشيد بهذه الأقوال "بواجب الإستيهال حقاً'' نغبط والدة الإله الدائمة الطوبى البريئة من كل العيوب أم إلهنا، وتابع، يا من هي أكرم من الشيروبيم.." فقال له التلميذ، نحن لا نعرف هذه الأقوال التي بدأت بها النشيد، أبداً'' لم نسمعها من قبل، وطلب من الراهب الغريب أن يكتب هذا النشيد كي يرتله مع أبيه الروحي.
لم يجد التلميذ ورقاً'' ولا قلماً'' ليكتب له، فأخذ الراهب الغريب بلاطة حجرية وكتب بإصبعه فظهرت الأحرف على البلاطة الحجرية وكأنها بقلم بطريقة عجيبة. وقال الراهب الغريب إلى التلميذ: من الآن وإلى الإنقضاء يجب أن يرتل هذا النشيد كل الأرثوذكسيين، وللحال أصبح الراهب الغريب غير منظور. لقد كان هذا الغريب أحد الملائكة الذي أرسله الله ليكشف النشيد الملائكي كي نقدم التمجيد اللائق لوالدة الإله. والتقليد يقول أن هذا الراهب الغريب كان رئيس الملائكة جبرائيل.
عندما عاد الشيخ إلى قلايته، وعلم بأمر هذه العجيبة فأعلم مجمع الجبل وأراهم البلاطة الحجرية، فمجدوا الله وشكروا العذراء، ثم أرسلوا البلاطة الحجرية إلى القسطنطينية إلى البطريرك والملك مع كل أخبار العجيبة مكتوبة. ومن ذلك الوقت وهذا النشيد الملائكي أصبح معروفاً'' في كل المسكونة، يرتله الأرثوذكس لوالدة الإله.
نقلت بعد ذلك الأيقونة العجائبية من كنيسة القلاية إلى كنيسة البروتاتون في عاصمة الجبل. وهي حتى الآن موجودة فيها. والقلاية التي علم فيها الملاك جبرائيل هذا النشيد سميت قلاية "بواجب الإستئهال".
القديس نيقوديموس الآثوسي يقول بأن العجيبة قديمة جداً''، ويؤكد بأن الملاك الذي ظهر هو الملاك جبرائيل مستشهداً'' بما ورد في السنكسار في يوم 11 حزيران حيث مكتوب: في هذا اليوم عيد جامع لرئيس الملائكة جبرائيل، ويتحدث عن قصة هذه الأيقونة.
وهذا النشيد إنتشر في نهاية القرن العاشر في الإستعمال الليتروجي ويرتل في القداس الإلهي فيما الناس وقوفاً'' إحتراماً'' للنشيد الذي سلم من الملاك.
في إثنين الفصح، كنيسة البروتاتون تقيم زياح كبير للأيقونة العجائبية بحسب التقليد الذي يعود إلى سنة 1508 عندما صنعوا زياحاً'' لكثرة العجائب التي جرت أمام الأيقونة.
تلقى هذه الأيقونة شعبية كبيرة في وسط الشعب اليوناني، ففي مناسبات عديدة أخرجت الأيقونة من الجبل إلى مدينة أثينا وتسالونيكي كي يتمكن الشعب المؤمن من أخذ البركة منها. فكانت تأتي الجماهير بجموع غفيرة. وكان يتم استقبال الأيقونة في مرفأ المدينة باستقبال كبير على أعلى المستويات. وكانت تطلق إحدى وعشرين طلقة مدفعية إستقبالاً'' ووداعاً'' لها. هذه الأيقونة في كل قداس إلهي وعند ترتيل نشيد "بواجب الاستئهال" تنبعث منها رائحة ذكية وتنتشر في أرجاء الكنيسة