معنى الآب الإله الحقيقي وحده !
***********************
نقرأ في الكتاب المقدس أن الآب هو الإله الحقيقي وحده ، ويقول قائل أن الآية هنا تنفي علاقة المسيح بالآب ، حيث أن المسيح – له المجد – يشهد أن الآب هو الإله الحقيقي وحده ( فقط ) "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع الذي أرسلته" ( يو17: 3 )
مع أن الكتاب المقدس واضح كشمس النهار وهنا يقع اسم يسوع المسيح موقع التكميل للتوضيح حسب عادة الكتاب المقدس في تفسير المعاني الصعبة . فالآب هو الإله الحقيقي الوحيد مع ابنه يسوع المسيح الذي أرسله لإعلان أبوته ووحدانيته والحق الإلهي الذي فيه .
ويقول القديس أثناسيوس الرسولي :
فإن كان الآب يُسمى " الإله الحقيقي الوحيد " فهذا قيل ليس بغرض نفي حقيقة المسيح الذي قال عن نفسه " أنا الحق " ، ولكن يقصد إقصاء ( الآلهة ) التي ليست هي " الحق " عن الآب وكلمته اللذين هما الحق . ومن أجل هذا فإن الرب أضاف حالاً " ويسوع المسيح الذي أرسلته " ...
وهكذا بإضافة نفسه إلى الآب أوضح أنه من جوهر الآب . وأعطانا أن نعرف أنه من الآب الحقيقي كابن حقيقي ، ويوحنا نفسه كما تعلَّم ( من الوحي في الإنجيل ) هكذا كان يُعلَّم ( بالروح ) في رسالته " ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية " ( 1يو5: 20 ) ] ( عن رسالة القديس أثناسيوس الرسولي إلى سيرابيون ) ولهذا يشرح الآباء العلاقة السرية بين الآب والابن كما نقولها في قانون الإيمان :
نور من نور ، إله حق من إله حق
****************
ونضع الآيات مقابل بعضها البعض لإظهار عظمة وقوة كلمات ربنا يسوع وفعل الحياة الأبدية التي صارت لنا من خلال الابن في معرفة الآب :
"وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع الذي أرسلته"( يو17: 3 )
"ا أحد يعرف الآب إلا الإبن ومن أراد الإبن أن يُعلن له" ( مت11: 27 )
" لأن الإنسان لا يراني ويعيش " ( خر 33: 20 )
" الله لم يَرَهُ أحد قط الإبن الوحيد الذي هو في حضن الآب هوَّ خبَّر " ( يو1: 18 )
" الذي رآني فقد رأى الآب " ( يو14: 9 )
" لو كنتم عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً " ( يو14: 7 )
****************
المسيح – له المجد – جاء يعلن الآب المحتجب عن الإنسان الذي لم يعرفه ولم يبصره . فمعرفة الآب يستحيل أن تتم بدون المسيح ، الذي أتى وأعلن لنا الآب وعرفنا سرّ الحياة الأبدية كقوة تسري فينا من وحدتنا معه كما أعطانا …
وصفة : " الله واحد " هي صفة جوهرية من واقع طبيعته وليس من جهة عدده ، فالله لا يعد ، فهو ليس واحد ولا اثنين ولا ثلاثة ولا أربعة عددياً ولا ينطبق عليه كل قوانين العدد ما بين الواحد أو الثلاثة أو أي أرقام عددية ، وليس هناك أول وثاني وثالث في الله من جهة الترتيب أو الأقدمية أو أضافه واحد لآخر لأن هذا يليق بالإنسان وليس بالله الواحد …
فحينما نقول أن : الله واحد
فأننا نتعمق طبيعته ، كوصف لحقيقة الله لذاته واستعلانه الخاص عن ذاته ، على أن (الواحد المطلق ) هو هو بآن واحد ( الحق المطلق ) ، وهو هو ( الإله الواحد ) حتماً .
ولكن المسيح – له المجد – أتى ليعلن الآب المحتجب عن الإنسان . فمعرفة الآب تستحيل أن تتم بدون المسيح له المجد ، الذي جاء يستعلنه في ذاته وفي طبيعته ، فذكر المسيح مع الله الآب له المجد : هو بقصد التكميل الاستعلاني وليس الإضافة .
وكما أن الابن يُمجد الآب ، والآب يُمجد الابن ، كذلك فالابن يستعلن الآب ، والآب يستعلن الابن بالروح القدس .
لذلك يستحيل معرفة أحدهما بدون الآخر . لذلك يقول رب المجد يسوع المسيح : "الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع الذي أرسلته"
والقديس يوحنا يظهر المعنى في منتهى الإبداع في رسالته قائلاً :
"ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح ، هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية " (1بو5: 20 )
وهنا واضح من وضع الآيتين مقابل بعضهما البعض ، الوحدة بين الآب والابن بلا أي انفصال أو تشويش …
" الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع الذي أرسلته " " ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح ، هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية "
ويقول القديس اثناسيوس الرسولي :
- لأنه حيثما ذُكر الآب ذُكر ضمناً كلمته والروح القدس الذي هو في الابن ، وإذا ذُكر الابن فإن الآب في الابن والروح القدس ليس خارج الكلمة ، لأن من الآب نعمة واحدة تتم بالابن في الروح القدس . وهناك طبيعة واحدة وإله واحد " على الكل وبالكل وفي الكل ( أف4: 6 )
- وإن كانت توجد في الثالوث القدوس هذه المساواة وهذا الاتحاد
فمن الذي يستطيع أن يفصل الابن عن الآب أو يفصل الروح القدس
عن الابن أو عن الآب نفسه
***************************
لنتأمل في تقليد الكنيسة الجامعة وتعاليمها وإيمانها منذ البدء التي أعطاها الرب وكرز بها الرسل وحفظها الآباء . على هذه تأسست الكنيسة ، ومن يسقط منها لا يعتبر مسيحياً . إن هناك ثالوثاً مقدساً وكاملاً ومعترفاً به أنه الله الآب والإبن والروح القدس ، لا يتكون من واحد يخلق وآخر يُبدع بل الكل يخلقون ، وهو متماثل (متساوي) ، وفي الطبيعة غير قابل للتجزئة ، ونشاطه واحد .
الآب يعمل كل الأشياء بالكلمة في الروح القدس وهكذا تُحفظ الوحدة في الثالوث القدوس ، وهكذا يُنادى بإله واحد في الكنيسة " الذي على الكل ، وبالكل ، وفي الكل " ، فعلى (( الكل )) كآب ، (( وبالكل )) أي بالكلمة ، (( وفي )) الكل أي في الروح القدس ، هو ثالوث ليس فقط بالاسم وبالكلام بل بالحق والفعل ، لأنه كما أن الآب واحد وإله على الكل هكذا أيضاً كلمته واحد وإله على الكل ، والروح القدس ليس بدون وجود فعلي ، بل هوَّ كائن وله وجود فعلي
† "تعرفون الحق والحق يحرركم" †