– سليمان الحكيم –
" فلنسمع ختام الامر كله اتق الله واحفظ وصاياه
لان هذا هو الانسان كله " جا 12 : 13
قد تسائل الكثيرون منذ القديم وما يزالون الى اليوم يتساءلون،
واغلب الظن بان سؤالهم سيبقى الى ان تنتهي الارض وما عليها ومن عليها
– ما هو مصير سليمان الابدي -- ؟
سليمان من هو :
هو ابن داود.
وسليمان يعني سلام.
فان الله قد قبل توبة داود وبتشبع.
لذلك اسماه سليمان، تعبيرا عن السلام الالهي العميق
والثقة بان الله قد طرح وراء ظهره خطيئة داود الكبرى.
لقد اشتهر سليمان بالحكمة.
اذ دعي في الاجيال كلها سليمان الحكيم.
فمن الواضح انه كان حكيما بطلبه الحكمة من الله في حلمه في جبعون 1 مل 3 : 9 .
وقد وفّر له الله منابع الحكمة.
اذ وُلد من أبوين مقتدرين في الفهم.
فداود أبوه كانت له المقدرة في التأمل العميق.
وامه كانت قد ورثت عن جدها أخيتوفل الذكاء.
كان سليمان من أقدر الناس على استيعاب الفلسفة والشعر والتاريخ الطبيعي
وغيرها من المعارف والعلوم. وكان سليمان أحكم جميع الناس.
" تكلم بثلاثة آلاف مثل وكانت نشائده ألف وخمس مئة.
تكلّم عن الأشجار من الأرز الذي في لبنان الى الزوفا النابت في الحائط.
وتكلم عن الطير والبهائم والسمك.
وكانوا يأتون من جميع الشعوب مع ملوك الارض ليسمعوا حكمته. "
1 مل 4 : 32 – 34 .
كان سليمان بكل تأكيد أقرب أولاد داود الى الله.
انه لم يسترح أو يهدأ حتى اكمل بناء بيت الرب
وصلّى في تدشينه صلاته العظيمة
1مل 8 : 22 – 53
وكلها تشهد بعظمة الحياة الدينيّة التي وصل اليها ذلك الملك العظيم.
سليمان واختياره :
بعد أن تُوّج سليمان وجلس على عرشه أحسّ أنه بحاجة عميقة الى الله وارشاده.
واذ رآه الله على هذا الوضع ظهر له في حلم ووضع أمامه الاختيار المطلق
دون قيد ولا شرط. " اسأل ماذا أعطيك " فسأل الحكمة من الله.
والحكمة الصحيحة عند سليمان تتضح من قوله في سفر الأمثال
" بدء الحكمة مخافة الرب ومعرفة القدوس فهم" أم 9 : 10 .
انه من الحسن أن نطلب القلب الفهيم الذي يميّز بين الحق والباطل،
لكن الاحسن ان نطلب القلب النقي.
ولو طلب سليمان طلبة ابيه العظيمة.
" قلبا نقيا اخلق في يا الله وروحا مستقينا جدد في داخلي. "
مز 51 : 10
لما تردّى الى المنحدر الذي وصل اليه فيما بعد.
لقد كانت طلبة سليمان الحسنة، كمن يبني قلعة عظيمة من غير أسوار،
ما اسرع ما تسقط أو تنهار عند أي هجوم.
سليمان وأمجاده :
لم يكن سليمان الملك من أعظم ملوك يهوذا واسرائيل فقط،
بل من أعظم ملوك التاريخ قاطبة .
مجد الامبراطورية :
ان مجدها الحقيقي في انها كانت رمزا لمجد مملكة ابن الله على الارض.
اذ كانت تجمع ثروة الامم
" وجعل سليمان الفضة في أورشليم مثل الحجارة
وجعل الارز مثل الجميزالذي في السهل من الكثرة "
1 مل 10 : 27 .
وقد خلا حكم سليمان من الحروب الخارجيّة والمنازعات الداخليّة.
ومع ذلك فقد سقط سقوطه الشنيع رغم حكمته العظيمة.
وبعضهم يعتقد بأن سليمان لم يجمع في قصره ألف امرأة لمجرّد الشهوة الجنسيّة.
بل كان يخطط بذلك للوصول الى السلام مع جميع جيرانه.
وحفر بذلك وهو لا يدري الهوّة الوسعة التي سقط فيها في أخريات حياته.
وأين سليمان الذي قيل عنه في مطلع حياته " والرب أحبه " 2 صم 12 : 24
مِن سليمان الذي وُصِف في أخريات حياته
" فغضب الرب على سليمان" 1 مل 11 : 9
فضعف أمام نسائه وبنى لهن " الى جانب هيكل الله " 1 مل 11 : 7
مرتفعات وثنيّة ليقدمن عليه ذبائحهن. ويموت في الستين من عمره.
لقد انحرف سليمان ليس عن جهل بل وهو يعلم معنى الانحراف.
لكنه خرج باختياره المؤلم الحزين " باطل الاباطيل -- جامعة 12 : 8 .
الكل باطل وقبض الريح " وقد ختم الجامعة – أي سليمان –
بقوله فلنسمع ختام الامر كله
" إتق الله واحفظ وصاياه لان هذا هو الانسان كله
لان الله يحضر كل عمل الى الدينونة خيرا كان ام شرّا "
لكن رجاءنا لا يرجع الى شيء في سليمان نفسه بل الى كل شيء في شخص الله
الذي وعد داود، متى كملت أيامك واصطجعت مع آبائك،
أقيم بعدك نسلك الذي يخرج من أحشائك هو يبني بيتا لاسمي
وأنا أثبت مملكته الى الابد. أنا أكون له أبا وهو يكون لي إبنا.
أن تعوّج اؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم.
لكن رحمتي لا تنزع منه كما نزعتها من شاول الذي أزلته من أمامك،
ويأمن بيتك ومملكتك الى الابد أمامك، كرسيه يكون ثابتا الى الابد.