منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تــــم نقـــل هذا المنتدي إلي موقع آخــــر ... ننتظر انضمامـكــم لأسرة منتدانا لنخدم معاً كلمة الرب ... منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات


 

  القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
بنت العذراء
خادم الرب
خادم الرب
بنت العذراء


عدد المساهمات : 3714
تاريخ التسجيل : 11/01/2014
الموقع : فلسطين

 القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر Empty
مُساهمةموضوع: القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر    القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر I_icon_minitimeالسبت يناير 18, 2014 10:58 pm

القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر


 القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر 4e5f14e760e17




يتأثر العالم بأسره ويرتعب لدى تذكّره تاريخ 11 أيلول. لقد هزّ سقوط البرجين الضخمين في نيويورك، نتيجة الانفجارات الإرهابية، كلّ البشرية.




وعلى الرغم من مرور العديد من السنوات على هذا الحدث، إلا أنّ مشاهد التفجيرات تبقى حيّةً في ذاكرة كلّ من كان يتتبع الأحداث، من خلال وسائل الإعلام، بقلقٍ ورعبٍ. لقد سقط البرجان الشاهقان الضخمان اللذان لامست قمتاهما السماء. البرجان اللذان كان كلّ من ينظر إليهما تكتنفه مشاعر الرهبة، سقطا في لحظاتٍ قليلة، كما لو أنّ يداً أرادت أن تخزي غرور البنائين.




تسعى المجتمعات المعاصرة، بيأسٍ، للحصول على مكانةٍ واعتبار، تطمح إلى لفت الأنظار، موسِّعةً حدودها وباسطةً مساحتها نحو الأعلى. تبني ناطحات سحابٍ، مجمّعاتٍ ومنشآتٍ متعددة الطوابق، متشبّهةً بأختها القديمة بابل، التي، للأسف، تفوّقت عليها بالغرور والتباهي.




تطلبُ المجتمعات المعاصرة مأوى للإنسان، لكنها في الوقت نفسه غير قادرةٍ على استيعاب الإنسان. تشيدُ له ناطحات سحاب، وتمنحه الشعور بالاستقلالية الكاذبة، ولكنها في النهاية تستعبده، بعد أن تكون قد أسَرَته داخل حقائقَ زائفة.




وفي بلدٍ ليس ببعيدٍ عنا، حيث نتواجد الآن، في الإمارات العربية المتحدة، في دبي، تُشاد أضخم الأبنية في العالم، منشآتٌ سياحيةٌ واقتصاديةٌ وتجاريةٌ، والتي لا يضطر العاملون فيها للخروج طالما أنها كفيلة بتغطية كلّ احتياجاتهم، من غذاءٍ ومأوى وتعليم وترفيه وعمل.




سخريةٌ مأساوية! عموديون معاصرون، أولئك القاطنون في هذه المباني البابلية، إنهم عبيدٌ للجشع الذي وعدهم أنه سيخرجهم من الفقر المحتّم، يقضون حياتهم على أعمدةٍ مؤسَّسةٍ على المادية. مبتغاهم أن يتحرروا من كلّ ما يمكن أن يذكّرهم بالخوف من الموت الذي لا مفرّ منه، يطمحون أن يربحوا حياتهم في هذا العالم، وأن يتمتعوا بمسرّات ومباهج هذه الحياة، ويُشبعوا حاجتهم إلى المجد الباطل.




وفي الوقت نفسه، نعيش في عصر امتلاك الارتفاع والعمق. يبحث العلمُ اليوم الكونَ من كلّ جوانبه، بشموليته، بجوهره وجزئياته. ويوسّع المجتمع العلمي نطاق المعرفة. فمن علم الملاحة الجوية إلى علم الفيزياء النووية، ومن قمة أبحاث الفضاء إلى عمق التكنولوجيا بأدق تفاصيلها إلى علم الجينات.




هناك تشابه لكنه متعاكسٌ، بين طريقة تفكير ناسكٍ عموديّ وبين أحد أفراد المجتمع المعاصر. يتوق كلٌّ منهما إلى الأعلى، إلى ما هو سامٍ وعميق، يبحثون في علة الكائنات وفي علم منطق الأشياء.




تساءل أحد علماء الفضاء مرةً حول وجود الله، وأجاب بطريقةٍ ساخرة أنه بحثَ ولم يعثر عليه في الفضاء. بينما في مكانٍ آخر اكتشفه أحد النساك من خلال التوبة العميقة الساحقة. إنّ نتيجة البحث تظهر الاختلاف في وجهات النظر إلى الأمور والتي على ضوئها يفسّر كلٌّ منهما الألوهة.




يصعد العمودي على العمود لكي يقابلَ الإله الذي نزل هو أولاً لملاقاته. يتوق لأن يصبح إلهاً بنعمة الله. يحبّ الألوهة، لأنه يحبّ ذاك الذي يمنحها ويعتبرها هبة.




إنّ عالِم الفضاء، كممثِّلٍ عن المجتمع المعاصر غير المؤمن، والذي (أي المجتمع) يبسط عرشه الشيطاني فوق الله، قد فقده، لأنه تجاوزه، وكان سيفقده أيضاً حتى لو بحث عنه وسط لا محدودية الكون، ذلك لأنه لم يتمكن من إيجاده والعثور عليه مسبقاً ولا حتى على الأرض.




الإنسان الذي يؤلِّه ذاته لا يحتاج إلى الله لكي يحصل على الألوهة. فهو يؤمن بالتألّه الذاتي، نتيجة إيمانه بقوة إنجازاته الذاتية. يغزو الفضاء ويحصل على رضىً داخليّ وهمي.




أحد الموسيقيين المعاصرين اليونان، مؤلِّف مقطوعاتٍ موسيقية وواضع كلمات أغاني، يصف مشهد الأرض والبشر، كما يبدو من الفضاء. يقول إنّ أكبر وأضخم قصرٍ يشبه كرةً صغيرة، أما البشر فيشبَّهون بالنمل، وإذا ما نظرت من فوق إلى كلّ الذين أحزنوك، سيبدون لك كمخلوقاتٍ صغيرةٍ جداً لا قيمة لها، وستنساهم على الفور. لكنّ العمودي لا ينظر إطلاقاً إلى الناس على أنهم بلا قيمة، إنما الأمور الدنيوية هي التي لا قيمة لها عنده. إنه يقتفي آثار ذاك الذي انحدر إلى الجحيم، الإله المتجسد الذي قام من الموت وصعد إلى السماوات. ينحدر هو أيضاً بدوره إلى جحيمه الداخلي، لكي يقوم ويصعد بالروح. يستخفّ فقط بكلّ ما من شأنه أن يعيق ويحول دون إتمام مسيرته وارتقائه إلى وطنه السماوي.




يسمو العموديّ فوق الأشياء بشكلٍ واضحٍ وسريٍّ بآنٍ واحد، خارجياً بحسب الشكل وداخلياً بحسب الجوهر. يرتفع دون أن يترفّع. ليست الكبرياء هدفه، لكنه يملك سيادةً على المحيطين الخارجي والداخلي، والذي يتجاوزه بكدٍّ وصبرٍ منقطع النظير. ينتصب واقفاً بقلبٍ منحنٍ. جسده وذهنه يبقيان منتصبين، أما قلبه فيركع. ينحني لأجل كلّ الخليقة، التي يراها ببصره الماديّ ويدركها ببصيرته الروحية. خارجياً تراه يترفّع عن المنظورات، وداخلياً عن غير المنظورات. يتيقّظ ويحترس ويميّز ما في أعماق نفسه، دون أن يستخفّ بمن هم دونه.




ليس العمودُ بعرشٍ بالنسبة للمجاهد بالروح. وليس هدفه أن ينظره الناس، إنما أن يحظى هو برؤية الله.




ينصب المجتمعُ تماثيلَ لشخصياتٍ قياديةٍ هامة، فوق قواعدَ وأعمدة، لكي يخلّد ذكراهم، لكن أيضاً لكي يفرض على الناس العاديين أن يهابوا سلطة من هم أقوى منهم، كما كان يحدث في روما خلال فترة حكمها الأمبراطوري. أما العمودي فيرفض أن يأخذ دور التمثال، ذلك لأنّ تواضعه يتصف بالشهامة. يبغض إعجاب الناس، لكنه لا يرفض أن يجري العجيبة لأجلهم ولصالحهم. إنه يشبه التماثيل من ناحية ثباتها وصلابتها وذلك لكي ينجح في ثباته وصلابته تجاه الأهواء، متلهفاً بذلك لاكتساب الفضائل الروحية دون هوادة.




لا يرتاح العمودي على عموده، إنما يصبح واحداً معه، متحولاً هو ذاته إلى عمودِ نورٍ أبديّ يرشد ويقود التائهين في صحراء الأهواء إلى الطريق المؤدية إلى عدنَ الروحية.




ليس هو بقائدٍ سياسيّ، لكنه يصبح مرشداً وزعيماً روحياً. يسعى لأجل خلاص إخوته الضعفاء مستخدماً الكلمة جهاراً وخفراً، يتكلّم لكي يعلّم، ويعلّم لكن دون أن يتكلّم.




يبرز العمود مثل شعلةٍ ملتهبةٍ بالنار فوق القمة، أو مثل جبلٍ تقع عليه مدينةٌ لله. يظهر مثل قصرٍ مصنوعٍ من الكريستال، يحكمه سيدُه الذي تخضع له الأهواء، ومثل ذروةِ شجرةٍ شاهقةٍ دائمة الخضرة وكثيرة الثمر.




إنّ العموديّ مثله مثل كلّ النساك، لا ينكر أصله الترابي. له صلةٌ بالأرض لكن دون أن يضطرّ للاتكال عليها، يتجاوزها دون أن يحطّ من شأنها، يهجرها من أجل السماء دون أن يبغضها، يحبها لكن دون أن تتوقف حياته عليها.




لا يقتل العمودي الجسد الترابيّ، بل طريقة التفكير الجسدية التي تشدّه إلى أسفل، فهو يتغلّب على كلّ ما هو أرضيّ، من خلال الاستخدام النابع من محبة الله للأرضيات. يضني وينهك جسده لكي يجمِّلَه، يحاربه لكي يجعله سلامياً، يعامله بقسوةٍ لكي يجعل منه مادةً مطواعة لينة مثل الشمع بين يديّ الخالق، لكيما يضيء فوقه لهيب نعمته، منيراً الخليقة بأسرها. يضربه كما لو بمطرقةٍ لكي يعيد تكوينه بحسب المسيح. لا يُخفيه "تحت المكيال"، ولا يخاف من سيّد هذا العالم، ولا ينحني أمام تهديداته وفخاخه.




التقلبات الطقسية، الحاجات الطبيعية، الأعداء سواء من الداخل أو الخارج، كلّها أمورٌ لا يمكنها أن تثني عزيمته وتصميمه. لا حرّ النهار ولا برد الليل، لا الوقوف الطويل ولا الصوم الشديد ولا التضييق على الجسد وحرماناته ولا الأخطار المحتمل التعرّض إليها، كلّ ذلك لا يمكن أن يجعله يستسلم. أمرٌ واحدٌ فقط يمكن أن يغلبه، الطاعة. الطاعة وحدها هي القادرة على غلبته. لأجلها ينزل عن العمود، ذلك لأنّ هذه الطريقة المباركة في النسك ليست هي الهدف بحدّ ذاتها، لأنّ الطاعة تفوق التنسك على العمود، ولأنّ الإقامة عليه من خلال الطاعة ترفع المجاهد إلى درجةٍ أكثر علوّاً. كما حدث مع العمودي الأول، القديس سمعان، عندما طلب منه بعض رجال الكنيسة أن ينزل، لكي يتحققوا من طاعته أو عصيانه، من بركة الله أو من ضلال الشرير.




يصعد العمودي على العمود لسببٍ آخر أيضاً، ألا وهو رغبته في محاربة أرواح الهواء الشريرة في عقر دارهم، ولكي يخزيهم في ساحة قتالهم، في مكانهم الخاص بهم. المعارك قاسية، لا ترحم، إنها عنيفة، لكنّ الانتصارات بالمقابل تكون جليةً وعلى جانبٍ كبيرٍ من الأهمية بالنسبة للإنسان.




في البداية، فإنّ أول أمرٍ يجب أن ينتصر عليه العمودي هو الشعور بالخوف أمام قساوة وخصوصية هذا النوع من التنسك. برنامج صلاته مستمرٌ دون توقفٍ. عمله اليومي هو تنسّم واقتبالٌ دائمٌ للروح القدس. كلّما تنسّم المجاهد الهواء الروحي، أي اسم يسوع المسيح، كلّما عبق الأثير الروحي بالطيب، وذلك بحسب النعمة.




يمثِّل العموديّ بصعوده على العمود، الصعودَ إلى أورشليم العليا. ينتصب عالياً، لأنّ ما يصبو إليه يوجد عالياً. يحدّق بالسماويات، ويغوص في أعماق قلبه. يقترب من السماء لكي يشعر بقربه من تلك التي أصبحت بعيدةً عنه بسبب الخطيئة. يبسط يديه متضرعاً لكي يقصّر المسافة التي تقصيه عن السماويات، والتي سيحصل عليها، بمعونة الله، من خلال لهيب التجارب.




قلاية وخزانة العمودي تصبح قلبَه المتضرع واليقظ دوماً. وسواء همس أو صرخ، فإنّ صلاته مستمرّةٌ ومقبولة لدى الله. الوقت لديه لا يمرّ سدىً، فهو إما يرتل أو يقرأ الكتاب المقدس. الدموع مدرارة، تنهمر باستمرار، سواء كانت دموع التوبة أو دموع الخشوع أو دموع الحزن البهي.




وعلى الرغم من أنّ العمودي يغلق على نفسه في مكانٍ محدّدٍ، إلا أنه لا يكفّ عن كونه إنساناً حرّاً، فالراحة لا تحدّها أبعادٌ مخلوقة. وعلى النقيض من عالِم الفضاء المتعجرف، الذي جاب الفضاء غير المحدود، وبقي مع ذلك سجين قيود علم منطق المرئيات، فإنّ العموديّ يتجاوز ما وراء حدود الكون، ويعتبر ما هو خارج عنها غير مرئي، وجديرٌ بالدهشة والإعجاب. هناك لا يفترض وجود ظلمة. تغمره الأشعة فوق الطبيعية، تلتهب لكن دون أن تحرقه. وإذا به يتطهّر وسط هذا النور، يشعّ، يتألّه، ويتحرّر من الأهواء الجسدية، ويختبر حرية أبناء الله كصلاحٍ أعظم. وكالنسور في أعشاشها الحَجَرية، هكذا أيضاً ترتاح روح الناسك على العمود ليعدّ ذاته للتحليق عالياً في سماء الفضائل بأجنحة العشق الإلهي.




ليس الناسك غير محبٍّ، كما يظنه العالم. بل على العكس، فالعمودي هو نفْسٌ عاشقة، مريضةٌ حبّاً، إنه عاشقٌ عنيفٌ للحبّ الإلهي، ليسوع المسيح، الذي أحبنا أولاً ونزل من السماء لكي يعيد إلى أحضانه طبيعتنا الساقطة بعد أن تمرغّت في الخطيئة، محرراً إياها من أيدي رئيس الشياطين.




وقد يحدث في بعض الأحيان أنّ العاشقين ومن فرط عشقهم يندفعون للقيام بأعمالٍ جريئة. هكذا بالنسبة للعموديّ، فإنّ هوى العشق على الرغم من أنه يحثّه ليتصرّف بما يفوق الطبيعة، إلا أنه يُعتبر من بين الأهواء النبيلة، فيه حماسٌ وإنكارٌ للذات، لكنه في الوقت نفسه لا يخلو من عجلة. فكما كان الشاب، في الأيام القديمة، يتسلّق ليصل إلى شرفة حبيبته، ليكون قربها، ليراها ويعانقها وينشد لها قصائد حبه ويبوح لها بمشاعره، هكذا هي الحال أيضاً مع ناسك المحبة، إذ يتسلّق العمود لكي لا يُتعب ذاك الذي يحبّ، وأيضاً لكي يسرع ويمتّع ناظريه بمشهد جمال الوجه الإلهي الذي لا يمكن وصفه، وليرتل له تراتيلَ تفيض من روحه المتألمة والتائبة.




تبعاً للتقليد النسكيّ المقدّس للأرثوذكسية، فقد تختلف طريقة النسك، كما ونتيجتها أيضاً، أي القداسة، وهذا الأمر منطقيٌّ في عالم الحرية، الكنيسة. فهناك نسّاكٌ قديسون عاشوا في أديار، ومنهم تنسّكوا في حياة شركة، منهم من عاش في البرية، وهناك النساك المتبالهون، وغيرهم من عاشوا الفقر، أو اتخذوا من الأشجار مسكناً لهم، هناك العموديون وهناك نسّاكٌ عاشوا في المدن. ضمن إطار القوانين النسكية العامة فإنّ سبب هذا التنوع هو فرادة كلّ حالة. الوجهة واحدة، وقد تتلاقى الطرق في نهاية المطاف، كما يحدث مع العلمانيين، فأناسٌ من طباعٍ مختلفة، من مهنٍ وأعمارٍ مختلفة، كلّهم يسيرون باتجاه الخلاص، كلٌّ بطريقته الخاصة. وعلى الرغم أنّ هذا النوع من التنسك، أي التنسك على عمود، مستبعدٌ في عصرنا الحالي، فإنّ هذه الطريقة من الجهاد كفيلةٌ بأن تنفع المجتمع المعاصر والذي تتداعى أسُسه.




في عالم الاتصالات اللاسلكية والإنترنت تبرز سيرة العموديين المقدسة "كهوائي" من نوعٍ مختلف، وكقمرٍ صناعي تابعٍ لسماءٍ أخرى، يأتي ليبثّ الإشارة الإلهية إلى "لواقط" البشر الروحية. العجائب التي يقيمونها، هي بمثابة أسلاكٍ روحية، تنقل وبسرعة، معلومةَ إمكانية تجاوز القوانين الطبيعية في عالمٍ تسوده الخطيئة.




شجاعتهم وطابعهم الرجولي في عصرٍ تكثر فيه الضمائر الجبانة، ورجاؤهم بالله وسط مجتمعٍ يائسٍ يجهل غايته، إصرارهم الذي لا يتزعزع على ضرورة إرهاق الجسد وسط عالمٍ تتوفر فيه كلّ وسائل الراحة، حماسهم وغيرتهم في تحقيق الكمال ضمن عالمٍ يسوده العديد من المسيحيين الفاترين، كلّ هذه هي عوامل يمكنها أن تؤثر إيجابياً في حياتنا، أن تُلهمنا وتعلّمنا وترشدنا.




ومن هنا تأتي الكنيسة لتكرّم ذكراهم، ولكي تضعهم أمامنا كنموذجٍ يقتدي به المؤمنون على مرّ العصور، ذلك لأنها تؤمن أنّ "كلّ شيءٍ مستطاعٌ للمؤمن"، وأنّ الإنسان لديه الإمكانية بطبيعته أن يتغلب على ذاته، طبعاً هذا لا يتحقّق دون كدٍّ وغصبٍ للذات.




ومع هذا الحشد الكبير من القديسين، تميّز الكنيسة تنوّع المواهب وتنوّع طرق القداسة. فهي كأمٍّ حنون كثيرة الأولاد، تريد أن يخلص جميع أولادها، لكن كلٌّ كيفما يستطيع وحسب الطريقة التي يرتاح إليها. فليس "الكلّ رسلاً"، "ليس الكلّ أنبياء"، كذلك ليس الكلّ عموديين.




بالنسبة للكنيسة فإنّ الحقوق الفردية والتعددية الثقافية لا تبرران وضع المجتمعات المدنية المعاصرة بحجة الدفاع عن الحرية الحقيقية. هناك متطلبات مشتركة بين الكنيسة والمجتمع، كما أنّ هناك اختلافات في إدراك المضمون العميق للمعاني الفلسفية وطرق إيجاد الحقيقة.




فلدى الإيمان المسيحي أمرٌ يريد أن يقوله من خبرة القديسين، وهو لن يرضى عن أسلوب تحقيق الغاية على حساب فرادة الأشخاص وذلك لأنّ كلّ شخصٍ هو جديرٌ بالاحترام، وله فرادته.




الكنيسة، باعتبارها جسد المسيح المخلِّص، تطالب لنفسها بخصوصيتها في منح الخلاص بواسطة طريق محددة. فإذا تمكن العالم من إدراك قوة الكلمة التي تحملها الحقيقة والتي
تفوق كلّ شيء، تلك الحقيقة التي تحاول أن تعبّر عنها منذ ألفي سنة، وإذا تساءل المجتمع المعاصر، الرازح تحت الخطيئة، حول ماهية الأسباب التي دفعت مئات القديسين


لاختيار طريقة عيشٍ تتناقض مع تلك التي يحددها هو، وبعيداً عن الخوف من الموت، فمن المؤكّد آنذاك أنه سترتفع من جديد أعمدةٌ يُقيم عليها سكانٌ على أهبة الاستعداد لأن


ينصبوا قامتهم لأجل شرف القداسة، ولأجل خلاصهم، ليس الشخصي فقط إنما خلاص العالم بأكمله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عادل القبطى
مشرف عام
مشرف عام
عادل القبطى


عدد المساهمات : 56
تاريخ التسجيل : 14/01/2014
الموقع : القاهرة

 القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر    القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر I_icon_minitimeالإثنين يناير 20, 2014 8:29 am

ليس العمودُ بعرشٍ بالنسبة للمجاهد بالروح. وليس هدفه أن ينظره الناس، إنما أن يحظى هو برؤية الله.


ليعطينا الرب ان نكون مستحقين لكى ننظر اليه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 18519
تاريخ التسجيل : 10/01/2014
العمر : 50
الموقع : لبنان

 القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر    القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر I_icon_minitimeالإثنين يناير 20, 2014 2:29 pm

 القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر 20081027_124357_t2amol15atema
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




 القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر    القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر I_icon_minitimeالسبت يناير 25, 2014 7:10 am

شكرا جزيلا اختي بنت العدرا

الرب يبارك عمل يديك

ويبارك حياتك من أجل كلمة الرب



__________________

 القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر Corazndejess51
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
julie
المديرة العام
المديرة العام
julie


عدد المساهمات : 11235
تاريخ التسجيل : 03/06/2014

 القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر Empty
مُساهمةموضوع: رد: القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر    القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 03, 2014 3:00 am

 القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر 1002050925
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
القديس سمعان العمودي- العموديون والمجتمع المعاصر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» إبتداء السّنة الطّقسيّة - ألقديسون سمعان العمودي وأيثالا والنّٰسوة الأربعون ( 1 أيلول )
» القديس سمعان الملقب بالقانوى
» القديس سمعان الشيخ و القديسة حنة النبيّة
» الراهب والمجتمع
»  سمعان الشيخ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات  :: القسم الروحى :: القسم الروحى-
انتقل الى: