ما معني طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض؟
= - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - =
الشخص الوديع.
هو الشخص الهادئ الطيب، البسيط، الذي لا يخاصم،
ولا يصيح، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. بعيد عن المخاصمة،
والمقاومة، وكثرة النقاش. إنسان مسالم، مطيع، (مهاود)،
طيب القلب، حسن المعاملة مع الناس، رقيق الطباع، بشوش..
ومثل هذه الصفات تجعله محبوباً من جميع الناس.
ومن هنا – بالإضافة إلي أنه يرث ملكوت الله –
فإنه يرث الأرض أيضاً، لأن سكان الأرض يحبونه، ويعيش معهم في سلام و هدوء.
علي أن القديس أوغسطينوس فسر عبارة (يرثون الأرض)،
بأنها أرض الأحياء، كما ورد في [المزمور 26(27):13]
أومن أن أعاين خيرات الرب في أرض الأحياء أرض الأحياء هذه هي التي قال
عنها يوحنا الرائي ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة (رؤ 1:21)،
وهي التي كانت ترمز لها الأرض التي تفيض لبناً و عسلاً
فالوداعة، حسب إنجيل متى، لا تتّسم البتة بالخنوع والاستسلام.
ولكن المسيح يظهر شجاعة وبسالة، وذلك بإظهار قوة عجيبة لا تقهر
في أقواله الرهيبة التي أطلقها في الوقت المناسب،
وتارة أخرى بأعماله، فكانت دواءً ناجعا لمعالجة الحالات الصعبة:
"من ليس معي فهو ضدي" (لوقا 11/23).
ما جئت لأحمل سلامًا بل سيفًا" .
وسيبغضكم جميع الناس من أجل اسمي (متى 10/22).
أجل، هذا الشكل من العنف هو أمضى من سيف ذي حدّين.
إنّ مظهر يسوع الجليلي الحليم، ينهار عنفه سريعًا،
متى يطالبه شعبه بأن يكون له ملكًا أرضيا، ومحاربا باسلا،
يختفي عن الأنظار مصليا. وإذا تخيلنا مسيحنا واقفا وجها لوجه أمام القيصر الروماني،
فإنه المعلق على الصليب. ولكن، في هذا الصليب تكمن قوة جبارة،
أقوى من عنف صالبيه.
لقد أبدل يسوع الضعف الغاشم،
وجعله دربا سار فيه نحو الجلجلة،
وهكذا إمتصّ العنف واحتواه وحوّله على نفسه نقمة:
"ملعون كلّ من علق عل خشبة"
فيصبح الإنجيل الذي نادى به قوة
لامتصاص العنف وتحويله إلى طاقة من الحب.