القديس ثيوفانيس الحبيس
كل من ينطلق في الطريق الإلهية يجعل همه الاول ان يحافظ على النشاط والغيرة والإجتهاد ، ويلتمس الوسائل ليوقدها في نفسه وإننا لنستطيع ان نقصر سائر الجهادات والقواعد التي تقتضيها تلك الطريق على هذا الامر دون سواه ، اعني على صون هذا النوع من الغيرة والارتياح لأنه يعلمك بنفسه ما يجب عمله وكيف يجب ان تتصرفي .
فانتبهي الى هذا الامر . فهو مع السجود للرب بالحسرة المذكورة ، يشكل اساس الحياة الروحية وسياجها ودعامتها . ثم انك اصبت في إشارتك إلى عدو هذا الاستعداد الاساسي ، لا بل عدو أهم ما في الحياة إطلاقاً ، وأعني بهذا العدو الفتور الروحي . يا له من ألم مرير وواقع موجع ! لكن اعلمي أن ليس كل همود لنار الغيرة هو فتور هدام . فقد ينتج ذلك أيضاً إما عن كد النفس فوقا طاقتها او نتيجة مرض جسدي . فهذا أمر مختلف وليس مهماً ، يأتي ويعدو .
اما الفتور المضر فينجم عن عصيان طوعي لمشيئة الله ، بملء الوعي ورغماً عن الضمير ، ونحن مدركون تماماً إبتعادنا عن هذا الاخير وجانحون الى الكفر والمنكر . فهذا ما يقتل الروح ويضع حداً للحياة الروحية . خافيه أكثر من سواه ، خافيه خوفك من النار أو الموت .
فهو ينجم عن إهمال المرء لنفسه ولمخافة الله . وإليك ما تفعلينه لتتقي هذا الضررالجسيم . بالنسبة للفتور غير المقصود الذي يتولد عفواً من التعب والمرض ، تنطبق قاعدة واحدة هي التالية : اصبري ولا تخالفي قانون سيرتك التقية ولو كنت عند اتمامها ، تقومين بالظاهر نتها دون الجوهر .
فمن يصبر صبراً جميلاً في ذلك يفارقه الفتور سريعاً ، وتعد إليه الغيرة الحارة الصادقة التي عهدها في نفسه . فاسمحي لي إذاً ان ألفتك أولاً الى ضرورة عدم السماح لغيرتك أن تفتر ابداً ، وثانياً الى انه في حال طرأ فتور غير مقصود ، عليك ان تواصلي سيرتك المتّبعة ، متيقنة ان هذا التطبيق الرتيب سرعان ما يعيد إلينا حيوية الاجتهاد وحرارته . وإني بالتالي لأعتبر ذلك قانوناً لك