ما هو التجديف على الروح القدس؟
لذلك اقول لكم كل خطية و تجديف يغفر للناس و اما التجديف على الروح فلن يغفر للناس
و من قال كلمة على ابن الانسان يغفر له و اما من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم و لا في الاتي.
(متى 12: 31-32 )
التجديف على الروح القدس، هو الرفض الكامل الدائم لكل عمل للروح القدس في القلب.. رفض يستمر مدى الحياة.
وطبعًا نتيجه لهذا الرفض، لا يتوب الإنسان، فلا يغفر الله له.
إن الله من حنانه يقبل كل توبة ويغفر. وهو الذي قال "من يقبل إليَّ، لا أخرجه خارجًا" (إنجيل يوحنا 37:6). وصدق القديسون في قولهم: "لا توجد خطية بلا مغفرة، إلا التي بلا توبة".
فإذا مات الإنسان في خطاياه، بلا توبة، حينئذ يهلك، حسب قول الرب "إن لم تتوبوا، فجميعكم كذلك تهلكون" (انجيل لوقا 5:13).
إذن، عدم التوبة حتى الموت، هي الخطية الوحيدة التي بلا مغفرة.
علاقة عدم التوبة بالتجديف على الروح القدس علاقة واضحة. وهي أن الإنسان لا يتوب، إلا بعمل الروح فيه. فالروح القدس هو الذي يبكت الإنسان على الخطية (يو8:16). وهو الذي يقوده في الحياة الروحية ويشجعه عليها. وهو القوة التي تساعد على كل عمل صالح.
ولا يستطيع أحد أن يعمل عملًا روحيًا، بدون شركة الروح القدس.
فإن رفض شركة الروح القدس (2كو14:13)، لا يمكن أن يعمل خيرًا على الإطلاق! لأن كل أعمال البر، وضعها الرسول تحت عنوان "ثمر الروح" (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 22:5). والذي بلا ثمر على الإطلاق، يُقطع ويُلقى في النار كما قال الكتاب (آنجيل متى 10:3؛ يوحنا 6،4:15).
الذي يرفض الروح إذن: لا يتوب، ولا يأتي بثمر روحي..
فإن كان رفضه للروح، رفضًا كاملًا مدى الحياة، فمعنى ذلك أنه سيقضي حياته كلها بلا توبة، وبلا أعمال بر، وبلا ثمر الروح. وطبيعي أنه سيهلك. وهذه الحالة هي التجديف على الروح القدس.
إنها ليست أن الإنسان يُحزِن الروح (سفر أفسس 30:4)، ولا أن يطفئ الروح (رسالة تسالونيكي الأولى 19:5)، ولا أن يقاوم الروح (سفر أعمال الرسل 51:7)، إنما هي رفض كامل دائم للروح، فلا يتوب، ولا يكون له ثمر في حياة البر.
ولكن ماذا إذا رفض الإنسان كل عمل للروح، ثم عاد وقبله وتاب؟
إن توبته وقبوله للروح، ولو في آخر العمر، يدلان على أنه روح الله مازال يعمل فيه ويقتاده للتوبة. إذن لم يكن رفضه للروح رفضًا كاملًا دائمًا مدى الحياة. فحالة كهذه ليست هي تجديفًا على الروح القدس، حسب التعريف الذي ذكرناه.
إن الوقوع في خطية لا تغفر، عبارة عن حرب من حروب الشيطان.
لكي يوقِع الإنسان في اليأس، ويهلكه باليأس. ولكي يوقعه في الكآبة التي لا تساعده على أي عمل روحي.
وهل تتفق عدم المغفرة، مع مراحم الله؟!
الله مستعد دائمًا أن يغفر، ولا يوجد شيء يمنع مغفرته مطلقًا. ولكن المهم أن يتوب الإنسان ليستحق المغفرة.
فإن رفض الإنسان للتوبة، يظل الرب ينتظر توبته ولو في آخر لحظات الحياة، كما حدث مع اللص اليمين.. فإن رفض الإنسان أن يتوب مدى الحياة، ورفض كل عمل للروح فيه إلى ساعة موته، يكون هو السبب في هلاك نفسه، وليس الله الرحوم هو السبب، تبارك اسمه.