أيقونة سيدة الناطور
إستعاد دير سيدة الناطور في أنفه الكورانية، مشهده الأيقوني المميز من خلال أيقوناته ورسوماته وجدارياته، التي رممت مع ترميم الدير. الدير بناه الصليبيون على أنقاض بناء بيزنطي منذ أكثر من 900 سنة، وذلك بعدما خضع لسلسلة من الترميمات تحت إشراف الأخت كاترين الجمل، التي كانت تقطنه وتعتني به لفترة زمنية طويلة.
في العام 1999، أشرفت الأخت كاترين على الترميم الذي أجراه الأب أمبرواز على اللوحات الجدارية في الكنيسة. واليوم، تم ترميم الواجهة البحرية وقاعة الإستقبال بالكامل، مع إضافة قاعة جديدة وذلك مع الحفاظ على الطراز المعماري الأصلي للدير.
شكل «دير سيدة الناطور» على مدار السنوات الماضية مركز إستقطاب للعديد من اللبنانيين والسيّاح، الذين يتوافدون إليه للوفاء بالنذور والصلاة. ويتمتع محيط الدير بتنوع الحياة البيولوجية في البحر القريب منه والذي يجذب إليه الصيادين. كما تحيط بالدير أراض شاسعة تحتوي على نبتة الريحان، إضافة إلى وجود ملاحات على طول امتداد شاطئه. وبسبب موقع الدير الإستراتيجي، إحتلته العديد من الجيوش التي مرت في المنطقة. وقد نجم عن تلك الحروب التي وقعت على أرضه، تهدّم الجناح الشمالي للدير خلال الحرب العالمية الأولى، حيث أعيد ترميمه مؤخرا على يد الجمل.
يؤم الدير زوار من مناطق لبنانية وسورية، ومن البلاد الأخرى، لا سيما في عيد رقاد السيدة، في 15 آب، وعيد دخول السيدة إلى الهيكل في 21 تشرين الثاني. ويروي التقليد التقوي المتوارث في أنفه أن لصا قاطعا للطرق، كان يتخذ من مغارة في محلة الحريشة قرب الرأس الداخل في البحر شمال أنفه، مخبأ يشن منه غزواته، فكان «ناطورا» للمسافرين على الطرق. وقد سلب هذا اللص يوما ومن دون مقاومة راهباً حاجاً، وتعجب من تصرفه معه ومن كلامه بأنه سيكون ناطورا من نوع آخر ومن دعائه له.
وفي تلك الليلة، رأى اللص السيدة العذراء في منامه تطلب منه التوبة والإيمان بمغفرة الرب ورحمته، وهكذا فعل. فقيّد نفسه بسلاسل ورمى مفتاحها في البحر. وجلس يفكر في خطاياه ويبكي ويصلي، وهو ينتظر رحمة الربّ طالباً شفاعة العذراء، التي سرعان ما أعلنت له قبول الرب لتوبته عن طريق أحد الصيادين الأتقياء من أنفه، والذي إعتاد أن يتصدق عليه، إذ أحضر سمكة فوجد في داخلها مفتاح القفل لقيوده. فتنسك في المغارة وبنى عليها «دير سيدة الناطور».
وتجسد جدران الكنيسة صوراً لمراحل التعليم المسيحي كلها. ونفذت هذه اللوحات الجدارية باعتماد المخطط الأيقوني البيزنطي الذي يعود تاريخه إلى القرنين الحادي عشر والثاني عشر، وهي تعتمد منهجاً أيقونياً غنياً يرتكز على سيرة حياة السيدة العذراء التي تكرسها الكنيسة، مع وجود تماثيل لقديسين محليين منهم الشهداء الثلاثة من مدينة طرابلس في القرن الأول، والقديسة أكويلينا من جبيل، والقديسة ثيودوسيا من صور.
وكان متروبوليت طرابلس وتوابعها للروم الأورثوذكس المطران إفرام كرياكوس، قد كرس الدير بعد ترميمه في احتفال حضره عدد من الشخصيات السياسية والإجتماعية. وبعد التكريس ألقت الأخت الجمل كلمة شكرت فيها كل الذين ساهموا في إعادة ترميم الدير.
وشكر الأب أمبرواز، الروسي الأصل، الذي رسم الأيقونات داخل الكنيسة وأعاد ترميم بعضها الأخت كاترين لدعوته إلى زيارة الدير في العام 1997 حيث اطلع على الرسوم والجداريات وعلى تاريخ الدير وساعد في إعادة ترميمه...آمين +++