الحياة والخير والموت والشر!
***********
قال موسى للشعب:
"أنظر، قد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير والموت والشر ... قد جعلت قدامك الحياة والموت، البركة واللعنة، فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك، إذ تحب الرب إلهك وتسمع لصوته وتلتصق به لأنه هو حياتك والذي يطيل أيامك لكي تسكن على الأرض التي حلف الرب لآبائك إبراهيم واسحق ويعقوب أن يعطيهم إياها"
(تثنية 30: 15 - 20).
وضع موسى الشعب أمام مفترق طرق، إذ قال جعلت أمامكم:
- الحياة والموت.
- الخير والشر.
- البركة واللعنة.
وعلى كل واحد منا اختيار أي طريق يريد أن يسلك.
وهذا ما يفعله كل إنسان عندما يدعوه الرب بطريقة ما، فإما أن يقبل الرب ويختار طريق الحياة وإما أن يرفض الرب ويختار طريق الموت.
لكن الأمر يستمر مع الذين قبلوا الرب وقرروا السير وراءه، فإما أن يختاروا الالتصاق بالرب كما يقول هذا المقطع: "وتلتصق به لأنه هو حياتك"
وإما السير في طرق ملتوية وغير نقية، مما سيعرضهم للتأديب،
ولإعطاء فرص وأراض للشيطان لكي يؤذيهم ويمنعهم أن يحيوا الحياة المنتصرة.
وهذا ما قاله الرسول يعقوب:
"اقتربوا إلى الله فيقترب إليكم. نقوا أيديكم أيها الخطاة وطهروا قلوبكم يا ذوي الرأيين"
(يعقوب 4: 8 ).
نعم هذا هو مفترق الطرق الأول والأساسي الذي ينبغي على كل إنسان أن يختاره،
وعلى كل مؤمن حقيقي يريد أن يكون في مشيئة الله الكاملة له أن يسلك فيه.
والآن سوف نتأمل بمفترق طرق آخر، وهو المفترق الذي يجعلنا نحيا الحياة المنتصرة،
أي أن نتمتع بكل وعود الرب التي أعطانا إياها.
لأن قصد الرب لجميع أولاده يمكن اختصاره في هذا المضمار بهاتين الآيتين:
"الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا أيضا معه كل شيء" (رومية 8: 32).
"أوص الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى،
بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع" (1 تيموثاوس 6: 17).
وهبنا معه كل، كل، كل شيء ... وبغنى للتمتع ...
وتستطيع أن تضع تحت سقف "كل شيء" كل ما تريده ...
فرح .. سلام .. طمأنينة .. نصرة .. حماية .. بركات .. صحة وعافية للجسد والنفس والروح ..
بحبوحة مادية .. وليضف كل واحد ما ينقصه .. لأن كل شيء .. تعني كل شيء .. وبغنى للتمتع ..
والآن هل نحيا هذه الوعود؟
*****
الحياة والموت، مسيرة طويلة قدمها لنا الكتاب المقدس الذي طرح الأسئلة حول المرض
الذي يصيب البار والنجاح الذي يناله الشرير. فمع الموت هناك المجازاة.
وبما أنها انحصرت في هذه الدنيا، ظل الأفق مسدودا. ولكنه ينفتح شيئا فشيئا من خلال العيش اليومي،
ومن خلال المحن التي عرفها المؤمن أو عرفها الشعب كله،
ولا سيما خبرة المنفى التي جعلته يخسر كل شيء. ما بقي له سوى الله يتطلع إليه.
ذاك كان وضع أيوب في عريه، فارتفع إلى الله كما لم يرتفع أصدقاؤه الثلاثة الذين أرادوا أن يدافعوا عن
الله بطريقة بشرية فأعطوا صورة سيئة عن الله.
ولكن المسيرة لم تنته عند القبر بل انفتحت على القيامة، ولا سيما مع دانيال الذي تحدث عن قيامة الأبرار
وقد رآهم يستيقظون للحياة الأبدية ويضيئون كالأفلاك في السماء (دا 0:02 - 3).
ومع الشبان المكابيين الذين فضلوا الموت وهم يمارسون شريعة الله على الحياة في الطاعة للوثنية.
قال أحد الإخوة: "بإمكانك أن تأخذ منا حياتنا هذه، ولكن ملك العالمين سيقيمنا لحياة أبدية،
إذا متنا في سبيل شريعته"
(2 مك 7:9).
ومع سفر الحكمة الذي يجعل المؤمنين في دار الخلود مع الله. فيقول:
"أما نفوس الأبرار فهي بيد الله فلا يمسها عذاب ... ورجاؤهم أكيد أنهم خالدون"(حك 3:1، 4).
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †