الراحة الحقيقية ... أين نجدها؟
"تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيف."
(متى 11: 28-30).
إنّ هذه الآيات بلا شك مِن أروع وأشهر آيات الكتاب المقدس، فنجد الكثير من الناس يردّدونها ونسمع عنها الكثير من العظات في الكنائس والاجتماعات الروحية. إنها دعوة مقدّمة من السيد المسيح نفسه. إنْ تأمّلنا في كل كلمة مِن هذه الآيات المباركة، سنجد راحة حقيقية في هذه الأيّام الصعبة التي نعيشها.
تَعَالَوْا إِلَيَّ :
كلمة "إليّ" تتكون من ثلاثة حروف ولكنها تعني الكثير لأن السيد المسيح نفسه يدعونا إلى أن نأتي إليه كشخص وليس إلى عقيدة أو ديانة أو طائفة معينة، فهو يريد الجميع أن يأتوا إليه ويكون لهم ارتباط شخصي معه.
يَا جَمِيعَ :
إنّ دعوة السيّد المسيح هذه مقدمّة إلى الإنسانية كلها، إلى كل التعابى، لأنّ المسيح أتى للجميع، فهو الوحيد الذي يعلم ما نمر به وماذا فعلت الخطية في عالمنا لأن السيّد المسيح هو الوحيد الذي دفع ثمن خطايانا، والآن هو يدعو جميع المتعبين ــ من كل الأجناس والعصور واللغات والديانات والمستويات الاجتماعية والثقافية والتعليمية والمادية ومن كل الأعمار والألوان ــ بأن يأتوا إليه بكل أحمالهم وأثقالهم وأعباء خطاياهم التي يحملونها على أكتافهم. إنّه يدعو الجميع بأن يأتوا بكل أتعابهم سواء أكانت روحية أو نفسية أو جسدية لكي يخلصوا ويقبلوا إلى معرفة الحق.
أُرِيحُكُمْ :
هناك الكثير من الناس المتعبة نفسياً في هذا العالم المليء بالهم والقلق والأتعاب، فهناك من يقلق من الغد وآخر يخاف من ويلات الحروب، هناك من يخاف على أولاده وهناك من تملأ نفسه الهموم بسبب الأزمات المالية المتكررة في عالم مضطرب لا يعرف الاستقرار. ولكن أين يبحث معظم الناس عن الراحة؟
الكثيرون يطلبون الراحة في العالم وما يقدمه من شهوات، لكن العالم بكل شهواته
(حب والمال والطمع والكبرياء وشهوة العلاقات اللاأخلاقية...)
لا يستطيع يشبع الإنسان من الداخل، ولا أن يعطي راحة حقيقية دائمة.
ولكن، السيد المسيح يعدنا قائلاً :
تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ"
يا له مِن وعد عظيم يمكن أن نسمعه وليس من أي شخص ولكن من السيد المسيح نفسه والذي نستطيع أن نثق فيه ونعلم مئة بالمئة أنه دائماُ يفي بوعوده.
اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي :
يشير النير إلى الخشبة العريضة التي توضع على عنق الثور الذي يحرث الأرض. والسيد المسيح يريدنا ليس فقط أن نقبل دعوة الراحة التي يقدمّها ولكن أيضاً يريدنا أن نحمل "نيره". فكأن المسيح يقول للمتعبين :
" أنتم تحت نير يجعلكم متعبين وثقيلي الأحمال، لكن جربوا نيري وستنالون الراحة، فنيري هيّن وحملي خفيف".
فالحرية الحقيقية والراحة التي يقدمها المسيح تعني أن نخضع له بسرور في حياتنا وأن نطيع جميع وصاياه من كل القلب. فنير الشيطان هو نير العبودية بما فيها جروح وإهانات وتعب وذلّ، أمّا الخضوع للسيد المسيح وحمل نيره فيه كل الراحة والسعادة. فيقول السيد المسيح:
"نيري هيّن"
أي أنك إذا حملته لن يجرح رقبتك ولن يجعلك تشعر بالذل والهوان.
أمّا
"تعلموا مني"
فهي دعوة للتعليم علي يد المعلم الأعظم السيد المسيح نفسه فإنّه
"وديع ومتواضع القلب".
فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ :
إن النتيجة الطبيعية للخضوع للسيد المسيح والتعلم منه وقبول دعوته هي الراحة، وهو الذي قال:
"أنا أريحكم"، " فتجدوا راحة لنفوسكم..."،
وهذه الراحة هي الراحة من تعب الخطية وعواقبها وأحمالها الثقيلة. لا تستطيع أن تحصل على هذه الراحة بدون أن تأتي إليه وتسلمه حياتك وتكون تلميذاً له تتعلم في مدرسته يومياً.
الرب يسوع المسيح قريب لكل من يدعوه
أشكرك أحبك كثيراً
الرب يسوع المسيح يحبكم
جميعاً فتعال...هو ينتظرك
* * * *
والمجد لربنا القدوس يسوع المسيح
دائماً.. وأبداً.. آمين