"لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2 كورنثوس 12: 10)
*********
لم يتمجد الرسول بقوته بل بضعفه: "حيث أنا ضعيف حينئذ أنا قوي".
لأنه ليس أحد قويا في ذاته، فكلنا ضعفاء، وقوتنا هي في ثباتنا في المسيح.
فقد قال الرب يسوع: "الذي يثبت في وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير.
لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئا" (يو 15 : 5). لاحظ هنا ضرورة الثبوت المتبادل،
نحن فيه وهو فينا، بمعنى أنه كلما ثبتنا فيه ثبت هو فينا.
فإذا ثبتنا في عهد الثبوت في المسيح بلا تردد، مهما كانت التكلفة،
ثبت هو فينا بلا حدود، وصار هو قوتنا مهما كنا ضعفاء.
وبالأخص إذا تيقنا في نفوسنا أننا بدونه لا نقدر أن نفعل شيئا: "
ليس أننا كفاة من أنفسنا أن نفتكر شيئا كأنه من أنفسنا، بل كفايتنا من الله" (2 كو 3 : 5).
وقد اختبر بولس الرسول هذا الاختبار العجيب، حينما تضرع للرب من أجل شوكة الجسد
التي كان يعاني منها، من أجل أن تفارقه، فقال له الرب: "تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل"
(2 كو 12 : 9).
فبمجرد ما تقبل بولس الرسول هذا الرد من الرب يسوع،
امتلأ قوة وشجاعة وصرخ قائلا: "فبكل سرور أفتخر في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح.
لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح.
لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي" (2 كو 12 : 10،9).
**
أما مصدر القوة الذي وعد الرب به تلاميذه وهو بعد معهم في ليلة آلامه،
فهو الروح القدس الذي قال لهم عنه: "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي،
فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو 14 : 26).
ثم أكد قوله لهم أيضا عن مجيئه قائلا: "ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب،
روح الحق الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي، وتشهدون أنتم أيضا، لأنكم معي من الابتداء"
(يو 15 : 27،26).
ثم بعد قيامته من بين الأموات أوصاهم قائلا: "ها أنا أرسل إليكم موعد أبي،
فأقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي" (لو 24 : 49).
وهو نفس ما وعدهم به وذكره القديس لوقا الإنجيلي في سفر الأعمال أيضا قائلا: "
وأوصاهم أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه مني ...
لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهودا في أورشليم وفي كل اليهودية
والسامرة وإلى أقصى الأرض" (أع 1 : 8،4 ).
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †