المسيح قام حقا قام!
******
إعترف بلسانك بالرب يسوع، وآمن بقلبك أن الله أقامه من بين الأموات، تنال الخلاص،
لأن الإيمان بالقلب يهدي إلى البر، والشهادة باللسان تهدي إلى الخلاص.
وقد ورد في الكتاب: من آمن به لن يخزى. (روميه 10-8 و 9)
كم نحن اليوم بحاجة إلى فهم معاني وعبر واسرار القيامة بعد
أن اقعدتنا اطماعنا والأنانية وغلبت على أفكارنا وتصرفاتنا التبعية وصغائر الأمور،
فأنستنا أننا أبناء الله الذي خلقنا على صورته ومثاله وجعل من أجسادنا هيكلا له،
وهو الذي لم يبخل علينا بإبنه، بل أسلمه إلى الموت من أجلنا.
غالبا ما يغيب عن بالنا أن ابانا السماوي وليظهر لنا محبته وأبوته
قد أرسل الينا إبنه الوحيد ليتجسد ويتعذب ويهان ويصلب من أجل حلنا من أوزار الخطيئة الأصلية.
فهو بصلبه وموته قهر الموت وغلبه وقام من بين الأموات في اليوم الثالث فأقامنا
معه لابسين الإنسان الجديد والمتجدد طاهرين وانقياء من كل ذنب وضعف وقد خلع عنا كل ما كان
يثقلنا من أحمال وعثرات.
إن الأمور الدنيوية غالبا ما تغرينا وتغوينا وتوقعنا فريسة سهلة لغرائزنا ونزعاتنا فيضعف إيماننا ويخور رجاؤنا ونبتعد عن تعاليم انجيلنا ونهمل واجباتنا نحو أبينا السماوي.
إن قيامة السيد المسيح من بين الأموات هي حقا قيامتي أنا وقيامتك أنت وقيامة كل أبناء البشر الساعين للقيامة.
القيامة هي حقيقة ثابتة في حد ذاتها: "إنه ليس ها هنا، بل قام".
ونحن نؤمن حقا أن المسيح قد قام من بين الأموات وهو حي فينا،
ولأن أحدا لم يره وهو يقوم من القبر، فقيامته هي دائما وأبدا موضوع إيماننا
وأساسه بدءا من الرسل القديسين، ووصولا إلى أجيال الكنيسة كافة.
القيامة ليست حدثا تاريخيا وحسب، بل هي مبعث إيمان يتفجر كالبركان في ضمير ووجدان وفكر المؤمن،
فيزداد ويترسخ إيمانه الذي به يتبرر ليسير بثبات وعزيمة واندفاع على طريق الخلاص.
فالله يبرر الذين يجعل منهم أبناء له ومؤمنين بالقوة التي بها يقيم يسوع المسيح
فعندما أقام الله يسوع من بين الأموات فهو لم يأت باعجوبة مذهلة من أجل المسيح فقط،
بل من أجل الناس ليؤمنوا به بأنه إبن الله وليبرهن لهم أنه أب محب وغفور وأنه يفتديهم بأغلى ما عنده،
يفتديهم بإبنه الوحيد.
فإن كان الله، أبونا، قد أرسل إبنه الوحيد ليفتدينا ويخلصنا من الخطيئة الأصلية
ويقيمنا معه من عثراتنا متجددين وأنقياء، أفلا يتوجب علينا أن نكون له شاكرين وممتنين ومتعبدين؟
إن عيد القيامة، عيد الأمل والرجاء والحياة، يدعونا جميعا إلى تجديد إيماننا بالسيد المسيح
المنتصر بعذابه وموته وقيامته على الموت، وإلى توطيد ثقتنا بالكنيسة.
وإلى المبادرة إلى توبة صادقة نظفر معها برضى الله، وإلى إقامة تضامن أخوي فيما بيننا.
إن لم نؤمن بالقيامة لا نكون مسيحيين ويكون إيماننا باطلا، كون سر الإيمان الأساس بالمسيحية
يكمن في تجسد وموت وصلب وقيامة السيد المسيح وصعوده إلى أبيه السماوي.
إن جوهر ما نؤمن به هو أن المسيح الذي صلب ومات ثم قام هو حي وحاضر أبدا معنا ومع جميع البشر.
هو حي في ضمائرنا ووجداننا وقلوبنا وأفكارنا وهو ساهر على هدايتنا وتوجيهنا.
هو حاضر في كل كلمة ينطق بها لساننا، فالكلمة كانت في البدء والكلمة هي الله وقد انعم علينا الله
بها لنمجده. هو موجود في حريتنا وخياراتنا وقراراتنا وانشطتنا وفي كل أعمالنا ليضفي عليها بعدا إلاهيا.
قيامة المسيح هي قيامتنا جميعا كما اختبرها وعبر عنها القديس بولس الرسول: "المسيح حي في".
لقد قام المسيح، فقام به ومعه وفيه الإنسان الجديد الذي لبسناه في المعمودية
مع كل ما يختزنه من محبة وتسامح وغفران وسلام ووداعة ونقاوة وطهارة
ومصالحة واحترام لكرامة الإنسان وحريته.
فلندحرج الحجر عن صدورنا وعن قلوبنا وأفكارنا،
حجر الخطيئة والفساد والأنانية والأحقاد والمصالح الشخصية والانقسام، وكل
ما هو من الشرير ولنسأل السيد المسيح المنتصر على الموت
أن يبارك ابناؤه.
المسيح قام حقا قام ونحن شهود على قيامته!
† "تعرفون ألحق والحق يحرركم" †